22 نوفمبر، 2024 5:54 م
Search
Close this search box.

مسيرة الخلود

تعجز الأحرف ان ترسم الكلمات لتوصف عاشوراء فهي ليست مجرد فعل حدث في زمان مضى وانقضى وانما هي فعل الحاضر و المستقبل و ملحمة روحية تتمثل بالخلود والبقاء يشع نورها لتقتبس منه نفوس المحبين وتستلهم منها القيم الأخلاقية والمبادئ  الإنسانية والعدالة السامية فقد وصف الإمام الحسين الشهيد (ع) خروجه ((اني لم اخرج اشراً ولا بطراً ولا ظلماً ولا مفسداً انما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي اريد ان امر بالمعروف وانهى عن المنكر واسير سيرة جدي وابي))  فقد حدد عليه السلام المبادئ والاهداف لهذه الثورة العظيمة التي خلدتها الأجيال ملحمة الفداء والتضحية والحب الخالص لوجه الخالق عزة وجل فلم يكن خروجه لمكاسب الدنيا ولا لفساد في الأرض وسكب الدماء  فهذه المبادئ قد نفيها وابعدها كل البعد عن ثورته وبين غايته الاصلاحية الشاملة بعد ان تغيرت اوضاع الاسلام خلال الخمسين سنة التي اعقبت وفاة النبي (صل الله عليه وعلى آله وسلم) وعم الفساد في امة جده ونخر الفساد مفاصلها وانحرفت عن الخط الالهي فكانت ثورة الإمام الحسين (ع) موجهة نحو جبهتين :
جبهة خارجية متمثلة بحكومة يزيد الفاسدة.
وجبهة داخلية متمثلة بحركة المجتمع التي كانت تسير نحو الفساد الداخلي.
لذا نهض الإمام الحسين عليه السلام لتأدية واجب اخلاقي نبيل وهو إعادة بناء النظام والمجتمع الإسلامي وانقاذه من براثن الكفر والضلالة التي تمثلت ببني امية واتباعهم فكان عليه السلام  بمثابة الوتد العظيم الذي حافظ على خيمة الإسلام من الانحرافات الكبرى.
و لاشك في ثورة ابي الأحرار  (ع) كانت أعظم حركة تحررية على مر العصور لا للشعوب المسلمة فحسب بل للأجيال البشرية كافة وللمجتمع الإنساني اجمع لتزرع الأمل في نفوس أحرار العالم وتبث فيهم الروح الحماسية والشجاعة والبطولة والايثار بالنفس في سبيل رفع راية الحق وتمنحهم النصر والتحرر من الظلم.
وقد الهمتنا ثورة عاشوراء العديد من  العبر والدروس التي لا يمكن حصرها ولكن يمكننا أن نقول قد تعلمنا منها ما يلي  :
١- ان نثأر لله والدين لا للأفراد او لأنتماءات القبلية والعصبية والمذاهب والقوميات والعناوين التي صاغتها ضلالات الإنسان واهواءه.
٢- ان لا نترك الجهاد في سبيل الله لأي سبب كان لانه عليه السلام لم يترك هذه الفريضة وهذا الواجب بسبب الوحدة والقلّة والغربة وندرة الأصحاب ووجود المعارضين ووجود العدو.
٣- ان نحيا سنة نبينا الكريم وان يكون القران مرشدنا الأول.
٤- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هما روح ثورة الحسين (ع) لذا يجب ان نرفض الباطل والزيف  والفساد  والضلال وان  نرفض كل ألوان الانحراف الأخلاقي والثقافي والاجتماعي والسياسي.
٥ – ان نكون الصرخة التي تواجه الظلم و البغي و الطغيان و  الاستكبار.
٦- ان نكون المبدئيين الأقوياء الذين لا يساومون ولا يتنازلون ولا يسترخون كقوله تعالى: (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) [الفتح: 29].
فاذا كنا حسينيون بالفعل وننتمي للمدرسة الحسينية كما ندعي فلا بد ان نستمسك بنهج الإمام الحسين (ع) واتباع سيرته واخلاقه وادابه ويجب علينا استكمال مابدأه عليه السلام من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والتصدي للفاسدين بالقول والفعل ونستلهم العبرة و الدروس القيمة من ثورته العظيمة وننقلها بكل صدق وامانة من غير زيف او تحوير للأجيال القادمة.

أحدث المقالات