هل سمعتم من قبل بالشروط العمرية ؟
قلت في مقالة سابقة ان داعش لم تات بجديد ، في طريقة تعاملها مع مسحيي الموصل ، وانها تطبق مقولات متفق عليها عند اغلب مذاهب المسلمين ، وهذه المقولات مازالت تدرس في كل الكليات الاسلامية ،في قسم الشريعة اوالفقه الاسلامي ، وهنا اريد ان اسلط الضوء على الشروط العمرية ، لان المسيحيين لو قرروا البقاء في الموصل ، فان “الدولة الاسلامية ” ستعاملهم بهذه الطريقة المرسومة في بعض الكتب التاريخية وفي اغلب المدونات الفقهية ، انها ما يسمى بالشروط العمرية :
ذكر ابن قيم الجوزية نص الشروط المسماة بالشروط العمرية ، في كتابه : احكام اهل الذمة ، وقبله ذكرها الخلال (ت :٣١١ه) في كتاب احكام اهلل الملل ،:”اخبرنا عبد الله بن احمد سمعت ابي يقول: ليس لاهل الذمه ان يشتروا من سبينا شيئا يمنعون من ذلك ، اذا صار اليهم ثبتوا على كفرهم، ويقال ان عمر كان في عهده لاهل الشام ان يمنعوا شراء ما سبينا وذكر سفيان الثوري عن مسروق عن عبد الرحمن بن غنم قال كتبت لعمر بن الخطاب حين صالح نصارى الشام وشرط عليهم فيه الا يحدثوا في مدينتهم ، ولا فيما حولها ديرا او كنيسة ، ولا قلاية ، ولا صومعة راهب ، ولا يجددوا ما خرب ، ولايمنعوا كنائسهم ان ينزلها احد من المسلمين ثلاث ليال يطعمونهم ، ولا يؤوا جاسوسا ، ولا يكتموا غشا للمسلمين ، ولايعلموا اولادهم القران ، ولايظهروا شركا ، ولا يمنعوا ذوي قراباتهم من الاسلام ان ارادوا ، وان يوقروا المسلمين ، وان يقوموا لهم من مجالسهم اذا ارادوا الجلوس ، ولا يشبهوا بالمسلمين في شيئ من لباسهم ، ولايتكنوا بكناهم ، ولايركبو سرجا ، ولا يتقلدوا سيفا ، ولايبيعوا الخمور ، وان يجزوا مقادم رؤوسهم ، وان يلزموا زيهم حيثما كانوا ، وان يشدوا الزنانير على اوساطهم ، ولايظهروا صليبا ، ولاشيئا من كتبهم في شيئ من طرق المسلمين ، ولا يجاوروا بموتاهم ، ولايضربوا بالناقوس ، الا ضربا خفيا ، ولا يرفعوا اصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيئ من حضرة المسلمين ، ولايخرجوا شعانين ، ولا يرفعوا اصواتهم مع موتاهم ، ولا يظهروا النيران معهم ، ولايشتروا الرقيق ما جرت فيه سهام المسلمين . فان خالفوا شيئا شرطوه فلا ذمة لهم ، وقد حل للمسلمين ما يحل من اهل المعاندة والشقاق “(احكام اهل الذمة ، ابن قيم الجوزية ، ص٥٨٧).
وفي تفسير ابن كثير عند تفسير اية الجزية (التوبة / ٢٩،ج٢،ص٣٦١ ) ذكر “ان عمر اشترط عليهم تلك الشروط المعروفة في اذلالهم ، وتصغيرهم ، وتحقيرهم ، وذلك مما رواه الائمة الحفاظ من رواية عبد الرحمن بن غنم الاشعري، وروى النص كاملا كما مذكور سلفا .
ولانعلم ان احدا تصدى للتنقيب في اصل هذه الشروط القاهرة ، وفي اي زمن وضعت حقيقة ، لمعرفة نسبتها الى الخليفة عمر بن الخطاب ، اونبه على ما طرا عليها من تغييرات بتوالي الزمن . ( ظ: حبيب زيات : سمات اهل الكتاب في المصنفات العربية ،ص٧).
المهم من كل ذلك، ان هذا غيض من فيض ماموجود في تاريخنا الاسلامي والفقهي ، وكل من له ادنى اطلاع على ذلك يدرك ان داعش ، والقاعدة وكل السلفية ،- وربما كل الاحزاب الاسلامية تؤمن بذلك حرفيا- ، وبالتالي فان الحديث عن حقوق الانسان حينما ينطلق من هذه الاحزاب ، هو لذر الرماد في العيون ، ونوع من التقية السياسية المؤقتة، وخدعة من خدع الحرب الجائزة على من ينادي بحقوق الانسان من دول الغرب ، او الشرق الكافر … ، هل نريد للمسيحيين ان يبقوا في الموصل تحت حكم يؤمن بتطبيق حكم الصغار عليهم؟ . ما لم نعيد قراءة تاريخنا وتنظيفه ، ورفض جرائمه ، فاننا امة مجرمة ،نساهم جميعا في خلق متطرفيين مجرمين ومتوحشين ، تحت رايات وشعارات اسلامية اصيلة ، لها دورها الفعال عبر الزمن .. ، ماذانريد ان نوصل رسالة عن الله ، اننا جنوده الابطال الذين يقتلون ويذبحون خلقه ، ارضاء له ، لاله يحب الدماء؟!، يلتذذ بهذه القرابين المذبوحة لنساء واطفال وشباب بعمر الورود ..؟! ، يااتعس امة اخرجت للناس .. .