18 ديسمبر، 2024 7:57 م

مسلم ..وهاني ..وطوعة ..وشيوخ العشائر

مسلم ..وهاني ..وطوعة ..وشيوخ العشائر

مع مجيء الليل لا نسمع للإمام علي سوى أنين وبكاء ,هو ليس بكاء الخشية والخوف من الله لأنه هو القائل (لو رفع عني الغطاء لما زدت يقيناً),إنما بكاؤه بسبب البيئة التي ابتلي بها التي لاتعرف معنى القيمة المعنوية والاعتبارية للمصلح والزعيم والمنقد والاب والمربي وهو الطالب لهم للخير وحارب المفسدين لأجل أن يقيم المساواة بينهم ويقضي على الطبقية الاجتماعية التي سادت قبل مجيئه للسلطة وتسنمه لخلافة المسلمين ,وعلي صوت الانسانية ,أذاقوه مراراً وألماً لا لشيء لأنه ينشد الحق والفضيلة لكل إنسان ويريد الارتقاء بسمو انسانيته ,خذلوه ولم تنفع معهم خطبه الشقشقية ولا حكمه ومواعظه ولا حتى مآثره وإيثاره وجراحه التي غاصت بها الدماء في سبيل أعلاه كلمة الله ,ثم جاء سفير الحسين مسلم بن عقيل (ع) أراد جمع رأي الأمة في أن يحقق مسار الدين الصحيح قبل وصول الامام الحسين (ع) والقائل بحقه (ارسلت اليكم ثقتي وأبن عمي ) وهذه وحدها تكفي مع القوم الذي وصل اليهم لأخذ البيعةوالمضي نحو مشروع الاصلاح الذي خرج من اجله أبا الاحرار ليحرر الناس من بطش المفسدين , كان عدد المصلين حسب الروايات التأريخية (18) الف مصلي خلف مسلم ,ثم تناقصوا الى أن وصل افراد على عدد الاصابع ,أين ذهبوا ؟أين بيعتهم وولائهم ؟ كلها ذهبت بإدراج الريح عندما وصل الأمر للمحك في مختبر الرجال ,بعدها أراد الرجوع للمدينة وأبلاغ الحسين بما جرى من نكث للعهد والمواثيق غلقت جميع الابواب بوجه ,والانكى من ذلك كله أراد فقط شخص يبلغه أو يأخذ بيده لمخارج الخروج من مدينة الكوفة فلم ينجده أحد منهم الجميع تحولوا لأنصاف رجال وأقزام وإمعات يلهثون وراء مغانم الحاكم أو خوفهم من بطشه بهم ,إلا طوعة أمرأة التي أنبرت فضربت أروع مثلاً في التصدي والتحدي لجبروت عبيد الله بن زياد فآوت مسلم واسقته الماء برغم كل المحاذر التي تهدد بهذا الفعل لدى السلطة ,خلدها التأريخ ومن اوسع الابواب لكنه لعن في نفس الوقت شيوخ ووجهاء السوء والمكر والخديعة الذين باعوا ذممهم لأجل الظالم مقابل حفنة دراهم ولم يراعوا حرمة الرسول وولده ,انتهى مصرع مسلم بحالة مآساوية لتخاذل الرعية في نصرته وتخليهم عنه ,ولوكان هنالك (100) رجل يعرفون قدره ومكانته وطبيعة المهمة التي ارسل لها لتغير الوضع السيء,لكنهم كانوا يعرفون الخنوع والخضوع جيداً ,ما أتحدث به عن التضحية من أجل قضية تحتاج لدماء ومواقف غير قابلة للتجزئة ,لا نجدها في قاموسهم الممتلىء بنفايات دنائتهم الملوثة من عهر الفاسدين, ثم جاء دور شيخ الايثار هاني بن عروة هو شيخ بكل ما تعنيه معنى الكلمة اقتادته الشرطة لقصر بن زياد ,ثم علمت بذلك عشيرته مذحج المعروفة بقوتها والمكونة من (30) الف مقاتل حاصروا القصر لغرض أطلاق سراحه فخرج لهم قاضي العهروالتزييف والمكر شريح حيث ابلغهم أنه في وضعاً جيد وسيطلق بعد يوم أو يومين سراحه ,ثم تفرق قومه وعادوا أدراجهم من حيت جاءوا وكانت هذه المآساة الكبرى ,لأن القصر لم يتجاوز عدد حراسه (30) حارس فكان بستطاعة عشيرة هاني الهجوم على القصر وأخراجه ,حيث تذكر كتب التأريخ المشكلة تكمن بما قام به أبن زياد عندما أرسل بطلب اللقاء برموز الوجهاء من عشيرة هاني فهنالك من أغراه بالمال ووضعه كالخاتم في أصبعه ,وهنالك من هدده بالموت إذا رفض الانصياع لأوامره فتشتت رأيهم وضعفت قوتهم وسيطرعليهم,ثم عمد بعد ذلك لفرض مايريده من خلال الارهاب الجسدي والترغيب المالي ,قلناها مراراً وتكراراً أن الإصلاح لايتحقق إلا بأدوات وأهمها رجال ثقاة يعتمد عليهم مؤتمنين لما يناط لهم من مقاليد الأمور لايسعون وراء المناصب والمكاسب يضعون حوائج الناس أمام نصب عينيهم ,المنصب بالنسبة لهم لايعدو كونه وسلية يتم من خلالها أنصاف المظلومين وتخليصهم من أستغلال استعمارية ذاتية نزوات المرء المريضة التي بدأت تأخذ اشكال متعددة ومتنوعة للوصول لمبتغاها .