22 ديسمبر، 2024 1:15 م

حلية اكل اللحم بوصفها جزء صميم من مباحات الدين الاسلامي للمسلم قد تحولت الى خصيصة اجتماعية وعادة وارث نالها ما ينال بعض عاداتنا من امور مستهجنة شكلا ً ومضمونا ً .

تتكشف معلومات وتتغير اشياء فثبات الحياة امر غير وارد , فبعد التطور الكبير بعلم الاغذية اكتشفت مصادر اخرى للبروتين لا تقل غنى ً عن اللحم كالبقوليات والمكسرات لكن مع ذلك بقي ذبح الحيوانات المصدر الرئيس بالنسبة لنا والسبب ثقافي كما اراه لا سبب ديني لان الله احل ذلك.

ان الموضوع ليس مناقشة حلية شيء من عدمه كما سيحلو للبعض النظر إليه من هذه الناحية لأنه اسهل لهم من التأمل بمحتواه ومراجعة انفسهم .المسألة برمتها محاولة اضفاء مزيد من الانسانية على ما احل الله لنا القيام به فقد ورد بالحديث الشريف عنه عليه الصلاة والسلام ” ان الله كتب الاحسان على كل شيء فاذا قتلتم فأحسنوا القتل واذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد احدكم شفرته وليرح ذبيحته ” كما كان يوصي عليه الصلاة والسلام بان لا ترى الذبيحة اختها التي ذبحت قبلها حتى لا ترتاع.

فهل اتباع الدين امر شكلي فقط فنأخذ ما لنا بقوة لنستمتع به ثم لا نؤدي ما علينا اذ اين هذه الانسانية التي اوصى الرسول عليه الصلاة والسلام اتباعه الحقيقيين لا الشكليين فاين منها طريقة نقل الابقار المصدرة من اوربا الى لبنان ومصر وكيف تنزل بالرافعة وهي معلقة من ساق واحدة او اثنتين فقط بينما يتدلى باقي جسدها مرورا ً من السفينة حتى الشاحنة. وهي تتفجع وكأن واقع حالها يصيح اذبحوني واريحوني لقد كسرتم ساقي ولا استطيع المشي عليها عجلوا بذبحي كما امر شرعكم.

ويأتي الجواب لا ليس بعد لا زال امامك ان نفقأ عينيك فيوخز الحيوان بقضيب حديدي في عينه ثم الاخرى ليصيح صيحة تقطع القلب صيحة لا شك نابعة من ادراكه انه ضحية لا اضحية لشدة هول ما يمر به وانه يصيح لخالقه قد “اجزت لهم ذبحي فهل اجزت لهم فقأ عيني”. وكأنهم فهموا حديث الرسول على العكس تماما ً.

هذا هو الحال بلبنان اما بمصر فيقومون اضافة الى ما سبق بقطع شرايين ساقي البقرة حتى لا تستطيع السير او النهوض ومن ثم يحاولون اجبارها على الوقوف والسير لحتفها ! سبحان الله له في خلقه شؤون !!.

اضافة الى الاسماك التي تقتل بضربها بعصا غليظة على رأسها عدة مرات .

او الدجاج تلك الطيور التي تسمن حتى قبل ان يغطيها ريشها وجسدها الاحمر الاصلع يذكر بما هو ينتظرها وبدورها الذي لا بد منه بجميع المواسم صيفا ً وشتاء ً حتى اصبحت لا تبد اي رد فعل من شدة خوفها ورعبها فاعتقدنا انها ربما تكون بليدة الاحساس او وصلت لمرحلة الانقطاع عن العالم ليخف المها.

ان رفض الاسراف عملا ً والعودة للاعتدال هي الافضل فديننا السمح مشرع الابواب بوسع اعتداله وهي اولى بولوجها من فتر باب الاسراف. “وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين ” لذا فحديثنا هو في مساحة المباح من حلال الدنيا وحرية الشخص ان يهرع اليه او لا اي بموضوع 90 % من الذبائح لا بموضوع 10 % من الاضاحي وعناوينها الدينية (الاضحية ,العقيقة ,النذر ,الهدي ,الفدية).اي بما نكون نحن سببا ً لذبحه وليس الله .

واليست تجربة روحية جميلة وعميقة عندما يمتنع احدنا عن الرغبة بان يكون سببا ً لقتل حيوان لأنه يقول لنفسه انا خليفة الله بارضه هذا شكلا ً وعنوانا ً لكن هل انا كذلك مضمونا َ وواقعا ً حتى استحق ان يتألم مخلوق لأجلي ارضاء لرغبتي بالأكل وهل انا امتداد لمنهج الله حتى اكون مستحقا ً لهديته او سأقبل بهدية باهضه واجازة خطيرة من الله عندما اجاز لي ازهاق روح حيوان واكل لحمه لمجرد افتراضي اني قمت او سأقوم بما اراده الله مني عندما يقول لي اهديتك ولم تكن اهلا ً لهديتي ونعمتي.

فلو كنا بالإسراف سنذبح عشرة شياه او ابقار فبالاعتدال سنقتصر على اثنين ونكون قد وفرنا الالم عن ثمان كائنات كانت ستذبح ترفاً بل استبدلناها بأموال تدفع مباشرة لمن يستحقها فتكون اكثر فائدة من توزيع قصع لحم لن ينال الله من لحومها او الجلود بل تقوى القلب التي ستتجلى حتماً عندما نعمد الى تغيير واقع حياة انسان.

فما الضير اذن لو ان احدنا استبدل قرار نذره بالذبح – وهو قرار لمخلوق – بان يصلي فوق الصلاة او يصوم فوق الصيام او يتصدق .ام ان مشاهدة حيوان يضحي بدلا ً مني فيسيل دمه وتعدو ايديه وارجله الما ً اهون علي ّ من محاربة هوى نفسي او تعميم الخير لمجتمعي بالصدقة والاحسان.

ان الذبح عندنا بمجمله انعكاس لقسوة لم نقتصر بها على بعضنا بل تعديناها الى بقية الكائنات المسكينة التي شاركتنا الوجود وازالت عنا وحشة العيش على نقطة مضيئة هشة سابحة وسط ظلام لا متناهي.

” ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون “