23 ديسمبر، 2024 3:06 م

مسلم بن عقيل بمكانة ابو الفضل العباس ولكن ابتلى بمتناقضات

مسلم بن عقيل بمكانة ابو الفضل العباس ولكن ابتلى بمتناقضات

واهم اشد الوهم من قرأ مقالنا السابق (ماذا سيكون لو ان مسلم بن عقيل عزل والي الكوفة النعمان بن بشير)؟! واعتقد اننا نوهنا حتى وان كان من بعيد وحملنا المسؤولية لمسلم بن عقيل , كما هو حال الكثير من الناس وشخصيات بارزة من الشيعة الذين القوا عليه اللوم والتقريع، وحملوه مسؤولية ما وقع من الاحداث الجسام التي انتهت بفاجعة الطف .

أن هذا النقد فاقد لاي موضوعية ، وتقيم غير متوازن لعدم الغور في سيرة مسلم وسريرته ، فهو تلميذ لعمه الامام علي (ع) فقد كان تقيا نقيا ورعا متحرجا في الدين , كريما ابيا , امينا وفيا , اما شجاعته فقد قال عنه البلاذري انه أشجع بني عقيل وأرجلهم وهذا ما جسده عمليا من دون أن يعينه او يقف الى جنبه أي أحد حينما انقلبت عليه جموع أهل الكوفة فاشاع فيهم الذعر والخوف والقتل ، فلم يظهر عليه أي ذل أو انكسار , فحقا هو أشجع هاشمي عرفه التاريخ بعد أئمة أهل البيت.

لقد احببت ان ادافع عن مسلم بن عقيل بدليل عقلي ونقلي من خلال الاجابة على تساءلاتي في المقال السابق واولها العنوان ، وهنا اقول لقد التزم مسلم بتوجهات امامه وسيده الحسين (ع) وهذا نص ما قاله له ((إنّي موجهك إلى أهل الكوفة، وسيقضي الله من أمرك ما يحبّ ويرضى، وأنا أرجو أن أكون أنا وأنت في درجة الشهداء، فامضِ ببركة الله وعونه حتى تدخل الكوفة، فإذا دخلتها فانزل عند أوثق أهلها، وادع الناس إلى طاعتي، فإن رأيتهم مجتمعين على بيعتي فعجّل عليّ بالخبر حتى أعمل على حساب ذلك إن شاء الله تعالى , فسافر من مكة في اليوم الخامس عشر من رمضان، وقدم إلى الكوفة في اليوم الخامس من شوال وكان معه قيس بن مسهر الصيداوي، وعمارة بن عبد الله السلولي، وعبد الله وعبد الرحمن ابني شداد الأرحبي((

انظر بلحاظ مهمة مسلم التي عهد بها إليه الحسين (ع) هي أخذ البيعة من الناس والتعرف على مجريات الاحداث، ولم يعهد إليه باكثر من ذلك، ولو قام بعزل والي الكوفة بعد ان اصبح له انصارا لخرج عن حدود مسؤولياته , هذا سبب اول اما السبب الثاني , فقد اختار مسلم النزول في بيت المختار بن عبيد الله الثقفي وذلك لاخلاصه لاهل البيت ووثاقته وتفانيه في حبهم ، فكانت كل المراسلات والمبايعة تنطلق من دار المختار وكانها دار مسلم في وقت انه ضيف فيها ومضيفته زوجة المختار عمرة بنت النعمان بن بشير, فهل يصح ان يعزل اباها وهي من تسهر على خدمته وتؤيد نهضته ومشروعيته ؟! بنفس الوقت كان موقف النعمان بن بشير من مسلم موقفا يتسم باللين والتسامح وقد اتهمه الحزب الاموي بالضعف، أوالتضاعف في حفظ مصلحة الدولة والاهتمام بسلامتها فاجابهم ((لان أكون ضعيفا وأنا في طاعة الله أحب إلي من أن اكون قويا في معصية الله )) سير أعلام النبلاء 3 / 206

اما لماذا لم يختال مسلم الطاغية ابن مرجانة في المرة الاولى في دار هاني بن عروه ؟! فيقول مسلم :خصلتان ,اما احدهما فكراهية هانئ ان يقتل فى منزله , واما الاخرى فحديث عن النبى (صلى) :ان الايمان قيد الفتك , فلا يفتك مؤمن بمؤمن.فقال له شريك :لو قتلته لقتلت فاسقا فاجرا كافرا غادرا تاريخ الطبرى :ج6 : صــ 189. الكامل فى التاريخ : ج4 : صــ 25…وهناك راي اخر يقول ان الذي عاتب مسلم على عدم قتل ابن مرجانه هو هاني بن عروه نفسه فقال له مسلم : لما هممت بالخروج تعلقت بى امرأة قالت ناشدتك الله ان قتلت ابن زياد في دارنا وبكت في وجهى فرميت السيف وجلست قال هاني يا ويلها قتلتنى وقتلت نفسها والذي فرت منه وقعت فيه…على اي حال فمشروع قتل ابن زياد فشل سواء قبل به هاني او رفضه , فالغدر والاختيال ليس ضمن مصاديق سلوك اهل البيت حتى وان كان الطرف الاخر فاسقا فاجرا ماكرا كابن مرجانه , فمسلم استمسك بفضائل دينه واخلاقه وشرفه فابت نفسه من اغتيال ابن زياد، وليس عدم اختياله ناشئ عن ضعفه وخوره (حاشاه ) ان يكون هذا من سجيته , فقد أثبت مواقفه البطولية في الكوفة حينما غدر به أهلها ما لم يشهد التاريخ له نظير , اما المرة الثانية التي نجا منها ابن زياد من القتل على يد مسلم فكانت عندما استدعى ابن زياد هانيا الى قصره وشاعت الاخبار بقتله فقام مسلم بتنظيم جيشه، واسند المهام إلى من عرفوا بالولاء والاخلاص لاهل البيت (ع) وهم :عبد الله بن عزيز الكندي : جعله على ربع كندة – مسلم بن عوسجة : جعله على ربع مذحج – أبو ثمامة الصائدي : جعله على ربع قبائل بني تميم وهمدان – العباس بن جعدة الجدلي : جعله على ربع المدينة , واتجه مسلم بجيشه نحو قصر الامارة فاحاط به تاريخ ابن الاثير 3 / 271 ، في تلك الساعة ضاقت الدنيا على ابن مرجانه فاسرع الجبان نحو القصر واغلق ابوابه وامتلا المسجد والسوق من اصحاب مسلم، على ابن زياد، وايقن ابن مرجانة بالهلاك إذ لم تكن عنده قوة تحميه سوى ثلاثين رجلا من الشرط، وعشرين رجلا من الاشراف الذين هم من عملائه (85) ، وقد تزايد جيش مسلم حتى بلغ فيما يقول بعض المؤرخون ثمانية عشر الفا وقد نشروا الاعلام وشهروا السيوف، وقد ارتفعت اصواتهم بقذف ابن زياد وشتمه، وجرى بين اتباع ابن زياد وبين جيش مسلم , فلجا الطاغية ابن زياد الى حرب الاعصاب والدعاية الكاذبة والتضليل الاعلامي بان جيش اهل الشام قادم وان من يرفع راية الامان سيكون امن وانتدب لهذه المهمة اخس الناس واقذرهم وامكنهم دهاء وحيلة كشبث بن ربعي والحجار بن ابجر ومحمد بن الاشعث وشمر بن ذي الجوشن فكانت الاستجابة من جيش مسلم كبيرة وكانت المرأة تأتي ابنها وأخاها وزوجها وتقول : انصرف الناس يكفونك ، ويجيء الرجل إلى ابنه وأخيه ويقول له :غداً يأتيك أهل الشام فما تصنع بالحرب والشرّ ؟! فما زالوا يتفرّقون حتّى أمسى مسلما وحيداً ، إِنخارتِ القُوى، وضعفت النّفوسُ، وأخذُ الناس يتذكّرُونَ أفاعيلَ أبيه «زيادُ ابن أبيه» باهل الكوفة ، وما لاقُوه مِنهُ مِن تنكيلٍ وتقتيلٍ وتعذيبٍ وتشريدٍ، فدبَّ الخوفُ فِي القلوبِ واستشرى الخَواءُ فِي النفوس، وهذا هُو أوّل الإِنهزامِ والحالُ إِن ابن زيادٍ لا ناصرَ معهُ ولاقُوّةَ عِنده، ولو هجَمُوا عليهِ هجمةَ رجلٍ واحدٍ لتمّ القضاءُ عليهِ ولم يجد ما يمتنعُ بِه! فقد هَزمَ «عبيدالله ابن زياد» نفوسَ الكوفيين وحطّم أرواحهم قبلَ أن يهزمَ أبدانَهُم ,وهناكَ مَن أنهزمَ للأطماعِ والأموالِ والمقاماتِ، خصوصاً الوجهاءُ مِن أَصحابِ المصالِحِ الآنيّةِ، حيثُ وجدُوا المَغنَمَ والفُرصَةَ المناسِبَةَ لتحقيقِ أَهدافِهِم، فها هِي الدُّنيَا قَد أَقبلت عَليهِم، والطريقُ لنيلها هو إعانةٌ عَلى إِمامِ الأمّة وعلى الإِسلام. ليهم شريح القاضي، فشهد شهادة زور عندما حوصر ابن زياد داخل القصر وهاني فيه فقد خرج على الجماهير الثائرة فقال: ما به بأس، وإنّما حبسه أميره، وهو حي صحيح(يقصد هاني بن عروه) فقالوا: لا بأس بحبس الأمير، وأعلن الطاغية في الصباح الباكر حالة الطوارئ في جميع انحاء الكوفة وفتشت جميع الدور والمنازل في الكوفة تفتيشا دقيقا للبحث عن مسلم و الاحاطة بالطرق والسكك لئلا يهرب منها مسلم وجرت اعتقالات لجميع المؤيدين للثورة، وقد القت الشرطة القبض على : عبد الاعلى بن يزيد الكلبي – عمارة بن صلخب الازدي – عبد الله بن نوفل بن الحارث 4 – مختار الثقفي – الاصبغ بن نباتة – الحارث الاعور الهمداني …فماذا يفعل مسلم امام من خاف وتخاذل وباع دينه بديناه بل دينه بدنيا غيره غير ان يواجه الموت بكل شجاعة واقدام وعلى بصيرة من امره ؟! المشكلة ليست في خذلان مسلم من اهل الكوفة التي ليس له فيها عشيرة بل في هاني بن عروه الذي عشيرته فيها 4000 خيال و8000 رجال لم يحركوا ساكنا وهم يرون شيخهم وسيدهم بعمر 90 عاما يسحل في الاسواق

مقالات بصدد الموضوع

– ماذا سيكون لو ان مسلم بن عقيل عزل والي الكوفة (النعمان بن بشير)؟!

– اهل الكوفة كاتبوا الامام الحسين (ع) ونكثوا واهل البصرة كاتبهم ولم يفوا