18 ديسمبر، 2024 8:11 م

التأريخ البشري مسلة سلوكية تضع أمامنا الأبجديات المؤلفة لمنظوماتها المتنوعة , التي عهدتها البشرية منذ الأزل , وإن تباينت تعبيراتها فمنبعها واحد.
فالنفس ذاتها في المخلوقات ومنها البشر , ومن أهم وسائل التعرف على سلوكنا دراسة سلوك المخلوقات الأخرى , فلا فرق بين ما تقوم به وما يمارسه البشر.
فالنفس قائدة , والعقل مهما تطور فطوعها , والمحكوم بإرادتها , وواجبه أن يسوّغ ما تقوم به وتذهب إليه من التوجهات الرغبوية ذات النوازع المتنوعة.
فالعقل عبد والنفس سيدة!!
ومن النادر وجود بشر تحرر عقله من قبضة نفسه , فالنسبة العظمى من الناس نفوس متحركة , والقلة النادرة ذات عقل فاعل وقائد لسلوكها.
ومن الواضح أن دور العقل يبرز في سلوك السوء وميادين الشرور , لتوافقه مع إرادة النفس الأمارة بالسوء , ولهذا البشرية متقدمة في الصناعات الحربية وأسلحة الفناء المروعة , كأن الشر سلطان والعدوان من الإيمان!!
ويمكن تطبيق ذات الأسس على أية ظاهرة سلوكية في التأريخ , وبالآليات ذاتها , وإن كانت النتائج متغيرة وفقا للظروف المكانية والزمانية.
فالأحداث ذات طبيعة واحدة مهما صغرت أو كبرت , إنها تعبيرات عن عدوانية متأججة في أعماق النفوس التائقة لإظهار إرادة الشرور.
وبموجبها لا يوجد سلام دائم , فالحروب هي الديدن والعنوان , وسفك الدماء لن يتوقف , والخراب والدمار يمنح النفس الشعور بالقوة والإقتدار , ويصل بالحالة إلى عوالم ذات آفاق مروعة.
ولهذا فالحروب العالمية لن تنتهي , وتطور الأسلحة على أشده , وقد بلغ ذروته في عصرنا الحالي , وسيزداد خطورة وقدرة على الفتك الأعظم.
والتأريخ يصح إختصاره , بما جرى في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين , وبتوفر وسائل التواصل والنقل الحي للأحداث , تكثفت الصور على شاشة صغيرة وتجمعت في وعاء أصغر.
فهل سنكتب التأريخ أم سيكتبنا بعيون العدسات؟!!
د-صادق السامرائي