18 ديسمبر، 2024 7:01 م

مســرحية ” من تحت الرمــاد “

مســرحية ” من تحت الرمــاد “

((وسط المسرح يقف شخص يبدو انهُ في الخمسين من العمر ..تظهر عليهِ اّثار التعب والمرض … على مقربهُ منهُ نعش ملقى على الارض ..حيث يقترب خطوات حذره نحو النعش ويخاطبهُ)) .
– انت ايها المسجى …أنهض…مزق هذه الكفن الذي يحتويك ..شمر بساعدك تجاه الحياة الجديدة ..أنه زمن الحريه..زمن الخلاص انهض ..لقد انتهى زمان البغي والضلالة..تلاشى الظلم والاستبداد ..أنطفأت نار الطاغوت ..وبدأت رحلة العمر من جديد..اِنهض..اتوسل اليك ..اتوسل اليك ((ينتحب واضعاً رأسه بين ركبتهِ ثم يعاود حديثهُ مع النعش))
والاّن..أما اّن لك ان تتحرك ..لابد ان تتحرك ..لابد ان تنفض التراب من على جسدك ..لابد ان تصيح ملأ صوتك ..ليس من احد  يجبركَ على السكوت ..اليوم يومك..انها فرصتك لاستعادة الفرح وتعويض سنين الحرمان ..انهض..ارجوك .. انهض لاّجل الاطفال البريئة ..لاّجل هذه  الطبيعية الحلوة ..أما تعزيك زرقه السماء وابتسامة الاطفال وبرودة الينابيع ..انهض ارجوك ..أرجوك ((يتحرك النعش بصعوبه ..ثم ببطء شديد يبرز وجه رجل ميت يرتدي كفناً..))
-مَنْ.. ؟ ..مَنْ.. ؟ من هذا المنادي الذي أزعجني من جديد بكلماتهُ الرنانه وصوته الاجش ..ماذا حدث ..؟انني لاارى شيئاً ..انني اعود.. اموت ((يعود الى مكانهُ داخل النعش))
-ماذا تقول ؟ ارجوك.. انك على وهم .. على وهم كبير..اما سمعتَ صرير الدبابات وازيز الطائرات التي ملأت السماء ..اما سمعت اصوات القصف والرعد ..اما سمعت اصوات الداخلين والخارجين وهي تنادي نعم…نعم..كلا..كلا..حقاً انك على وهم ..صفقت الطيور باجنحتها ..والاطفال حملوا باقات الورود والدنيا امطرت مطراً ندياً ..اما رأيت هذا … كيف لم تبتل أطرافك بأثار المطر وانت المجدب من زمن الملوكيه .
كيف لاتشم رائحة الازهار وانت مفارق الربيع من ايام رحمن عارف.
–انكَ على وهم حقاً دعني وشأني ..لاتتحدث عن اشياء ليس لها وجود ..التراب يملأ جوفي واكاد اتطهر من بقايا العفونه التي خلفها زمن العذاب ..كيف لي اتنفس الرحيق  وفي القلب نجوى ..كيف اتحسس البرودة والجحيم يحرق كالوباء..النزيف يملا المكان ،والصرير ينبأ بالخوف من جديد ، والحرية لايعزفها النبلاء ..من يتحمل مسؤولية وجودي …وانا القابع تحت الرماد..؟
-ياسيدي ارجوك.. اعطني فرصة لاثبت لك ان العالم على ابواب تحول عظيم ..اثبت لك ان الازهار بدأت تتفتح في اوانها ..والمطر سيسقط في الشتاء ..هل ترى هذه الغيوم ..انها تحمل ا لمطر ، وتلك الصحاري بدأت الوانها تتغير ..هذه العاصفة العظيمة جلبت كل شيء .. انها تحمل قوارب النجاة ..تحمل الحليب الى الاطفال الرضع ..انها تحمل الحياة الى امثالك ..لماذا لاتريد ان تحيا..لماذا …؟
  -قه..قه ..قه.. العاصفة ..نعم اراها جيدا ..لقد حملت كل شيء ..ولكنها اقتلعت كل شيء …على أي ارض ستسقط العاصفة امطارها ، واي حياة ستزرعها في الهشيم ..انتبه الى اصوات الرعد ..هل ترى هذا البرق الذي يخطف الابصار ، انه لايحمل المطر ..ان هذه الاصوات تنبأ بغضب الرب ، وقناني الحليب لاتجد الاطفال ..وشتاءنا اصبح من صليل ، أي حياة ستزرعها داخل الكفن ؟..وبأى لغة تخاطب الاموات ..؟
 -((ينهض وبحنق شديد يصرخ في النعش.. ))
حسناّ …سأجبرك على الحياة ..انت ايها الميت الذي لايفيق ..سأزرعك مثل حبة يابسة ..لابد ان تورق اعضاءك وثثمر كالنخيل ..سيكون لك ضلا وارفا مثل شجرة عظيمة ..ستغازلك السواقي وتلتمس عطرك الفراشات .
-أي وهم تتحدث عنه ..واي حياة تجبرني عليها ..هاك تحسس جسدي ، هل تجد عرقا ينبض ..هذا رأسي الذي امامك هل ترى في داخله غير الاوهام والذكريات المفقودة ..من الذي اوحى لك ان تخلق انسانا من العدم ..اى عصا سحرية تمتلكها ياسيدي ..لاتكن متفائلا الى هذا الحد ففي احيان كثيرة يكون التفاؤل سبب ا لهزيمة..انني احذرك .
-اعرف انني سأواجه صعوبات جمة معك .. الترسبات  التي خلفتها سنوات القحط والجريمة لايمكن تجاهلها بسهولة .. لا اريد ان ابدأ من حيث انتهى الطغيان ..ساسبق الاحداث قليلا وارجع معك الى سنوات الخير …………هل تتذكر نعيمة ….؟
((ينتفض النعش ويخرج صاحبه مشمرا عن ساعديه ، يلتف حول نفسه مرات..))
-ياه…………نعيمة…!! …ارجوك لاتذكر هذا الاسم امامي ..انني لااريد تذكر الاشياء ..لااريد ان اتخلى عن تعاستي ..النسيان يجبرني على الرضوخ..على الموت ..من اين لك بهذا الاسم ، انه يحطم ذاكرتي ..لااطمح في هذا الحال بغير الموت ..لماذا تسلب مني موتي.. انني اتلاشى ..اتلاشى ..لااستطيع ادراك الاشياء .
-ايها المسخ الجاثم على التراب …نعيمة لازالت تنتظرك تحت شجرة التوت ..تعزف اغنياتها الشهيرة }}تأتي موسيقى اغنية عراقية قديمة من خلف المسرح {{ …لم تشأ ان تشرب من ساقية البرسيم قبل عودتك ..انها تنتظر الغائب يعود ..تنتظر عودتك محملا بالثمر وبالحب.
-كيف يحدث هذا ..هل جننت يارجل ..كيف لميت ان يعود ..هل تبدلت نظرية الاشياء ..من يتحمل رجوع الاموات ..انني واحد من ملايين الاموات التي تغص بهم المقابر ..كيف لمقابر ان تصبح مدن..؟ انك لاتعرف قوانين الاموات ..منذ متى كان للموتى حق الرجوع..؟ انك معتوه حقا .
-قوانين الموت والحياة..موجودة في كل لوائح الامم ومنظمات حقوق الانسان وكتب الاديان ، ولكنها مجرد علامات لايعتد بها ولايهتدى عليها..لقد جبلنا على قوانين مجحفة تقضي بالموت وتدعو للحياة ..اما الان فقد انتصرت العاصفة …تغيرت القوانين وتبدل وضعها..اننا على مشارف دستور جديد يضع للموتى حقوقا وللاحياء حقوقا..انك مطالب الان بأن تعود ..تعود الى نعيمة التي لازالت تنتظر تحت شجرة التوت ..تعود الى ارضك التي اجدبت بعد رحيلك ….الحرمان الذي اصابك ليس باقل من الحرمان الذي اصاب بساتين النخيل وحقوق البرسيم واشجار العنب …ان رضوخك بهذه الطريقة لايعطي فرصة للحياة من بعدك …استسلامك هذا يخلق الموت في كل شيء ..هل تعرف معنى اّخر للمأساة غيرالذي تراه اّمامك ..؟
-أنني لااتذكر شيئا …أنني أعيش لحظات الاسف الذي يكتنفني كل حين …اسفي على اليوم الذي تخرجت فيهِ من الجامعة مملوءً بالغبطة والسرور لاستقبال حياة اكثرسعادة …اسفي على الايام التي قضيتها داخل الكهوف والملاجيء كأنني جرذ صحراوي لااعرف تفسيراً للوضع الذي اعيشه مع الاف البشر المجبورين والمحرومين ..اسفي على سنوات المحنة التي قضيتها مع ا لمهاجمين باتجاه الكويت الدولة المسالمة والامنة ..اسفي على الايام التي قضيتها داخل معسكرات الاسر ..اسفي على مرضي والمي وقيودي وموتي البطيء ..اسفي على الاطفال الخمسة الذين تركتهم خلفي لايعرفون سوى لغة الاكل بشراهة ..من اين ساجلب لهم الطعام وانا شيء محترق ..كوم من رماد ..هل تاسف معي انت ايها الواقف تدعوني الى الحياة …هل جربت العيش في سجن الرضوانية ومعتقلات الامن العامة ومعسكر ابو غريب ..هل جربت اللحظات العصيبة بانتظار دورك الى المقصلة ..هل تركت خلفك زوجة تداس كل يوم وتجر الى الرذيلة ..هل جربت العيش في مقبرة من اخيار ونساء واطفال كالتي امامك ..هل جربت كل هذا..من يضمن لي تغير الاشياء ..من يعتبرني داخل هذه الاكداس من المصائب ..من يرتشف جرحي وهو الناز في كل اتجاه ..انني احترم الحياة ، واعتذر لك من اجل هذه الحياة .
-حسنـــا…(( يخرج صورة للطاغية ..سوداء… داكنة )) هل تعرف صاحب الصورة ..انظر فيها جيدا ..لقد ولى هذا القرد الى غير رجعة  ، انه سبب كل هذه المأساة ..انه الان يقبع في احد السجون المظلمة لايهتدي اليه انسان ..وحش هجرته الغابة .
-هذه صورة لشخص واحد ولى بعيدا..ولكنها في الحقيقة صورة لالاف الاشخاص الذين  لايزالون يتربعون على الجماجم ..تريدني ان اقر لك بان هتلر هو شخص واحد ..كفى ..كفى مدرسة الشر لايديرها شخص واحد هي موطن لالاف المجرمين ….تجدهم يختفون في كل مكان ، في المدارس والمؤسسات والمستشفيات ودور العبادة ، حتى داخل المظايف العربية الاصيلة تجدهم يختفون ..يخنقون الاطفال ويشربون دم المرضى ..يصفقون ويلطمون في ان واحد ..يلهثون وراء المنكرويعبثون بارزاق الناس..هلا تعرفت عليهم .؟
-ولكنهم تلاشوا ..رحلوا ..انتهت ادوارهم ..صاروا في عداد الموتى ..انهم شيء من الماضي ..لايشكلون اليوم خطرا على احد ، ولايملكون اداة لممارسة الطغيان .الغلبة اليوم للمحرومين ..للشرفاء الذين تغلغلوا في مفاصل الحياة ، ينشرون الخير والامن على الناس ويهتفون بحياة الاخيار والمناظلين ..همهم ان يحملوا السعادة ويوزعوها على الناس جميعا بالعدل والانصاف ..هؤلاء هم ثمرة الايام الماضية ، وخلاصة المعروف ..تمسكوا بالوطن واعتصموا بالله ..اما غيرهم فقد تلاشوا ..واستحقوا اللعنة الابدية.
-من قال انهم تلاشوا …انهم تحت حماية الاسياد ..ينتهزون الفرص ليمتصوا مابقي من دماء ..لازالت العاصفة تشاطرهم الجريمة ، ولازالت الفوضى تعم والاخضر يباع بسعر اليابس.
-((يمد يده نحو النعش المسجى …محاولا استدراجه للنهوض))
اعطني يدك يااخي ..العالم كله يقف الى جانبك ويسندك ..حاول ..انني على ثقة بانك ستقوم من هذا القبر معافى ..الله سبحانه اراد لك ان تقوم ..لاتدع الذكريات المريره تؤثر في قدرتك على الوقوف ..تجشم الصعوبات ..تأمل في المستقبل انه كفيل بطرد الحرمان..هيا..هيا..اخلع عن رأسك هذه الخوذه المشؤمه..ارمها بعيداً …وهذه الملابس العتيقه المتعفنه حاول تمزيقها انها لاتصلح لغير الاموات …هل لديك اوراق تحملها في جيبك ((يخرج مجموعة من الاوراق ويستعرضها هوية عسكريةيقذفها ..عدم تعرض يقذفه ..هويات اخرى …يرميها بعيداً …))
وهذه الصورة …لمن هذه الصورة…؟..أنها صورة نعيمه لاشك انك تحب الحياة كثيراً ،ولكنك تخاف ان تحيا..اليس كذلك ..؟.
-ها أنت عرفتها أخيراً …الحياة … الخوف من الحياة ..الخوف من الذكريات الاليمه ..لااريد أن اموت مرتين..يكفي لامثالي ان يعيشوا مرة واحدة ويموتوا مرة واحدة …نعيمه تلك التي هي كل شيء عندي اصبحت ذكرى ..ذكرى عظيمه لااريدها ان تزول..لااريد ان افقدها بهذه الطريقة …ان تجربتي مع الحياة الجديدة تعني قتل الماضي وتحطيم ذكريات الاسيه التي كالحب لايمكن ان تنسى بسهولة …هب انني عشت كما تريد ..من يتحمل مسؤوليه الجريمة التي احملها تجاه الناس ..انني خطر على المجتمعات المتحضره ..انني وباء على هذا الوطن ..سأنشر الفوضى في كل الانحاء .. سأخلق الارتباك في عجلة التطور..سألغي خارطة الاشياء ..سأنتقم لاعضائي التي قطعت ولعيوني التي فقأت ..ولنعيمه التي لازالت تنتظر ..سأثأر لكل الاعشاش التي حطمتها الرياح ..ماذا تنتظر ان يخلف بركان غير الرماد والدخان ..هل تستهويك العاصفة الى هذا الحد ..أنك معتوهُ حقاً .
-انك متشائم لدرجة يصعب تصورها ..ياالهي كيف اصنع مع هذا النفر العجيب ..انه يائس تماما ..لايريد ان يفكر ،مجرد تفكير، بالحياة ..انه اشبه بقطعة حجر ..ولكنني ساجبره على الحياة ((يخرج سكينا ويشهرها بوجه خصمه  ..))ساطعنك طعنة قاتلة بهذه السكين ..سالغي وجودك الى الابد ..انك لاتستحق فرص الحياة ..خذ..((يحاول طعنه))
-هه ..هه.. انك رجل ذكي حقا ..تحاول اجباري بكل الطرق ..تريد ان تعرف مدى تعلقي بالحياة ..هيا اضرب ..اطعن بسكينك ولاتتردد ..ليس من قانون في العالم يعاقب عاى جريمة قتل بحق ميت ..الاموات لايقتلون مرتين ..هيا اضرب ..اطعن بسكينك ستضع نهاية لمشكلتي معك ..هيا..هيا..لاتكن جبانا الى هذا الحد ..ستجد من يباركك ويهتف لاجلك ..انك جبان بحق.
-اخرس ..انك لاتعرف قيمة الحياة ..يجب ان تعاقب ..يجب ان تجبر على الحياة ..لاتستخف بروح الانسان ..لاتحتقر طبائع الادميين ..سأنشر فضيحتك في كل العالم ..ساجبرك على الحياة ..نعم ساجبرك على الحياة .
-لاياسيدى ..يبدو انك على وهم كبير ، انني اعرف قيمة الحياة جيدا ..احس ان قيمتها تبدأ من لحظة عظيمة اسمها الحرية ، وعندما لاتكون هناك لحظة عظيمة كهذه يجب ان لاتكون هناك حياة ..هل فهمت ..امنحني هذه الفرصة ..هذه اللحظة ..ستجدني متوهجا للحياة ..انها كالروح تدخل الجسد فتعطيه نغمة الحياة ..هل تستطيع ان تمنحني لحظة الحرية…؟ اجب..لاتبقى صامتا  ..الحرية التي انادي بها هي التي تجعلني انطق بصمت ..واتحرك وانا ساكن.. واحيا وانا ميت ..هل تمنحني لحظة الحرية . ..لااستطيع ان اتقبل انصاف الحلول ..فتجربتي موغلة في العمق واطرافي لاتزال مغروسة في التراب.
-الحرية…؟ انها امامك ..تستطيع ان تجدها في كل شيء ..في كل مكان ..لم يعد هناك مايفرض عليك ..تستطيع ان تصرخ ملا صوتك مناديا او مغنيا او شاتما ..لااحد ينكر حقك في الصراخ ..من كل سواقي المدينة تستطيع ان تشرب الماء …او لاتشرب فانت حر ..حتى الصلاة تستطيع ان تؤديها بلا رقيب ..تستطيع ان تملك الحياة والموت في ان واحد، لااحد يسألك لماذا تعيش او لماذا تموت ..اليس هذا ماتطالب به وتسميه الحرية..انك حر اذن منذ اللحظة.
– ولكن …هل تستطيع ان تعطيني ماءا بلا انية …؟من يحمل الحرية اذن ..؟من يسهر على اريجها ليصل الى كل الانفاس ..؟.من يحبس الهجير عن ازاهيرها اليانعة ..الازهار لاتتجرد عن اشواكها …والحرية التي انادي بها هي   الهودج المرفوع على اعناق الناس ..لايسقط الى الارض ولايرتفع الى السماء ..انها تاج على كل الرؤوس ..انها قلعة فوق قلعة فوق قلعة…انها السر في كل احترام …لاحرية بلا قانون ولاقانون بلا انسان واع قادر على وضعه وحمايته….تسمي هذا الذي امامك حرية …تبيع وتشتري باعراض الخلق وتسمي هذا حرية…؟تقتل وتشتم وتحرض وتسمي هذا حرية..؟ تطلق الذرائع وتصدر الفتوى وترتجل الخطب الرنانة بمناسبة وبلا مناسبة وتسمى هذا حرية …؟من اعطاك الحق في الاستيلاء على ارصفة الشوارع، واباحة الخمور وتكريم السكا رى…من علمك قراءة  الكف ونشر السحر وقطع الارزاق ..من علمك التصرف بامتعة الناس وتقسيم الاوطان .كيف تدعو الى الحوار وانت الساعي الى تفعيل الفتنة وتقتيل الناس.ان الجرح كبير لايحتمل اللعق ..لاتلعقوا جراح المساكين ..اتركوا الموت يفتك بامثالي فانا مبارك تحت هذا التراب.
-كيف اتركك وانت شريكي في كل شيء ..ان النفس الذي يسعى الى صدري يمر بانفاسك ..والامل الذي ارتجيه يهتدي بك ، انني لاازال احرض فيك جذوة الحياة لاستعيد كرامتي .هل من امل ..؟انني اتوسل اليك لعلك تعرف حقيقتي ..تعرفني من انا ..؟ لاتحسبني على اولاءك المتسترين الذين يقفون بهياكل اباءهم واجدادهم ..يحجبون الشمس عن الناس لانهم اعداء لها ،يحرضون على الفتنة والكراهية ..هولاء اعداء الحاضر والمستقبل . انا اخوك ..ساعدك الايمن استطيع ان اصنعك من الرماد واحميك من الالم ..هيا ..اسند اخاك تجده سندا لك ..لنقف في وجه المتخاذلين الذين طمسوا حقيقة الاشياء ..كانوا قد غمسوا رؤوسهم في الرمال واليوم قفزوا يدعون الولاية على البشر ،هيا..العالم الوسيع يدعونا للخلاص من العبودية ..من القهر ..نعيمة التي لازالت تمد يدها لك لاتجعلها تذرف الدموع بعيدا عنك ..كل الحقول التي ارتوت من دموعها اشرفت على العطاء .
-لازال لموت الاسود يسيطر على صدري رغم احساسي بالقدرة على النظر الى الاشياء ..هاك يدي ..هل تشعر بدفء الحياة يتسلل اليها ام انه دفء المكان الذي اقبر فيه..؟
-((يناوله السكين)) ..هل تستطيع ان ترفع هذه السكين الى اعلى ..حاول ..حاول .
-كلا ..كلا..السكين لايرفعها امثالي بوجه الناس ..ضعها جانبا ..وحدثني حديث الحب..حديث الاماني …احاول الارتقاء بنفسي قليلا .
-حسنا انتظر ((يلتفت الى الوراء يحضر باقة ورد وراية ملفوفة ))
هل تستطيع تحسس هذه الازهار ..؟حاول ان تتنفس عبيرها .
((ياخذها بين يديه يشمها ..يبكي ..يجهر بالبكاء …))       
وهذه الراية ..هل تتذكرها …؟
((يتناولها بين يديه..يفتحها ))
-انها راية العراق..بلدي ..((يضمها الى صدره ..يرفعها بين يديه الى اعلى …..))
انتهـت