22 نوفمبر، 2024 2:52 م
Search
Close this search box.

مسرح بغدادي هابط .. !

مسرح بغدادي هابط .. !

لابدّ أن الدائرة الإعلامية في مجلس النواب العراقي تشذّب وتهذّب التسجيلات التلفزيونية الخاصة بجلسات المجلس قبل أن تُطلقها للبثّ عبر وسائل الإعلام، فتحذف كل ما يمكنه التقليل من الهيبة المفترضة للسلطة التشريعية وأعضائها.
مع ذلك فان عمليات التشذيب والتهذيب لا تفلح دائماً في إخفاء النوعية الرديئة والمستوى الهابط للمسرحية التراجيكوميدية التي تشهدها قاعة البرلمان في الكثير من جلساته. آخر هذه الجلسات، وهي التي أُجيزت فيها موازنة 2018، تقدّم أنموذجاً.
هنا بعض المشاهد المُقتَطعة من هذه الجلسة المنعقدة أول من أمس:
-رئيس المجلس ينادي على الأعضاء بأسمائهم وكياناتهم لتثبيت حضورهم من أجل النصاب القانوني. الرئيس بدا مثل معلم الصف الأول في مدرسة ابتدائية وهو يجاهد لإدارة صفه الكبير غير المنضبط بعد. بين كل ثلاثة اسماء أو أربعة يصيح بالأعضاء: يا أخوان، لا تغادروا القاعة رجاءً.. دعونا نُكمل النصاب!.. ما يهمّ الرئيس، كما يعكس هذا المشهد، هو جلوس الأعضاء في مقاعدهم حتى ينتهي العدّ ويتحقّق النصاب، كما لو أن مهمة الأعضاء هي تسجيل حضورهم الشكلي وبعده يمكنهم أن يكونوا فضائيين (هذا تعبير عراقي يختصّ بالموظفين الوهميين أو شبه الوهميين الموجودة أسماؤهم في سجلات الموظفين ولا وجود لهم في ميدان العمل). الرئيس يريدهم أن يبقوا حتى يُنهي مهمته بحصر عدد الحاضرين ثم ليذهب النواب الى حيث يشاؤون وتذهب معهم البلاد وشعب البلاد الى الجحيم ! .. مجلس ليس عند مستوى المسؤولية الوطنية.
-عضوان في اللجنة المالية يتناوبان على تلاوة مواد قانون الموازنة من أجل التصويت عليها. الأعضاء جميعاً يعرفون أن من القواعد المثبّتة في النظام الداخلي للمجلس أنه عندما يُطلَب التصويت على قرار أو قانون، لا يجوز طلب المناقشة للتبديل والتعديل، فعملية التصويت قد سبقتها ثلاث قراءات لنصوص المواد وأُجريت التعديلات على بعضها، لكنّ بعض الأعضاء يتجاهل أحكام النظام الداخلي، وقد يكون جاهلاً بها، فيطلب النقاش واقتراح التعديل فيما الأيدي مرفوعة للتصويت… مجلس ليس على قدر المسؤولية.
-عندما طُلب التصويت على المادة التي تفرض ضريبة على المشروبات الكحولية اعترض بعض الأعضاء ليس على ذكر المشروبات الكحولية، هذه المرة، مصدراً من مصادر تمويل الخزينة (بوصف الخمرة حرام عند هؤلاء الأعضاء) ولا على نسبة الضريبة، إنما على مفردة “ضريبة” فأبدلوها بمفردة (غرامة)! .. ضريبة أو غرامة، النتيجة واحدة هي فرض رسم على الخمور المستوردة وتحويل المبالغ المتحصّلة إلى خزينة الدولة التي يتقاضى هؤلاء النواب وسائر موظفي الدولة رواتبهم ومخصصاتهم وامتيازاتهم منها… مجلس يحب التحايل واللف والدوران والتدليس والتقيّة. وللعلم، فقط للعلم، فإن الميليشيات والجماعات المسلّحة التابعة لعدد من الأحزاب الإسلامية بالذات هي من يتولى توفير الحماية لباعة الخمور في بغداد وسواها مقابل مبالغ مالية كبيرة تُدفع إلى هذه الجماعات المسلحة من دون التوقف سواء كانت الخمرة حراماً أم حلالاً!..

أحدث المقالات