23 ديسمبر، 2024 12:12 ص

مسرحية الفوضى الخلاقة

مسرحية الفوضى الخلاقة

إنتشرت منذ عقود مجموعة من القراءات؛ وحسب الترجمة العربية والشرق أوسطية للسياسة الأمريكية، منها: الحرب الباردة، النظام العالمي الجديد؛ الشرق الأوسط الجديد، الربيع العربي، الفوضى الخلاقة؟!
وزيرة الخارجية الأمريكية أنذاك كوندوليزا رايس، أول من إستخدم مصطلح “الفوضى الخلاقة” في خطابها بالقاهرة عام 2005 م.
عبرت الوزيرة عن العدوان الصهيوني على لبنان؛ بهذه العبارة او النظرية، ومثل سابقاتها من المصطلحات التي تعبر عن نظرية أمريكية، ومعنى ذلك أن لها خيوط التحكم والإدارة وخلط الأوراق وكسب النتائج؟!
أُستخدمت المصطلحات بدايةً لحرب إقتصادية وتسابق قوى مع الإتحاد السوفيتي، وأطلق النظام العالمي الجديد؛ لإفتراض قيادة أمريكا للتحالفات الدولية، ثم أطلحت بحلفاءها العرب وإغراء الشعوب؛ بأن ثوراتهم ربيع عربي، الى أن أوغلتهم في الإضطرابات والتدخلات الدولية والحروب الأهلية، وعالم ” الفوضى الخلاقة”؟!
لا شك أن الفوضى تتناقض مع الأخلاق، التي تجبل المجتمعات على النظام والقوانين، وحدوثها عند أيّ شعب ستفقده صوابه، وسيطرته على النظام العام وموازين القوى، الى تغيير الأعراف والتقاليد، وتدخل الأطراف بنزاعات غير محسبوبة النتائج؛ بسبب عاملين، أما من قوى مغلوب على أمرها فتتمرد على الواقع، أو مستفيد من الفوضى يحصد نتائج الصراعات، وفي الواقع العربي وصلت الى فوضى حدِّ لا يمكن السيطرة عليها.
أنتجت الفوضى حروب ودمار ونزاعات محلية وأقليمية، ولم يعد للنظام العالمي سيطرة على التطرف، كون أنطلاقات الفوضى الخلاقة تختلف عن الإستعمار، الذي يسعى للهيمنة بوجود إستقرار سياسي، والملاحظ أن نشر هذه الظاهرة في مناطق النفوذ الروسي؛ لجني الأرباح والتحكم بالإقتصاد وتغيير خريطة التحالفات الدولية.
إن الفوضى التي زرعتها أمريكا، كانت في مناطق نفوذ غيرها؛ كروسيا وفرنسا كما في سوريا والعراق وليبيا، للتحكم بإقتصاد تلك الدول أو تغيير خارطة تحالفاتها، وعندما تحركوا مجتمعين على سوريا؛ ضنوا السيطرة عليها؛ الى أن ضرب الإرهاب عواصم أوربا، وأكتشفوا وهمية النظرية، ولا علاقة للأخلاق بفرض السيطرة وتقاسم مناطق النفوذ، وسارت الرياح بعكس ما خططوا له.
مصطلح ” الفوضى الخلاقة” أيدلوجية وهمية، لا علاقة لها بالأخلاق، وبعيدة عن الواقع العملي والعلمي.
وقف معظم قادة الشرق الأوسط؛ كالبلهاء في مسرحية توزعت أدوارها، ولم يشعروا وسط الظلام إلاّ الصفعات على قفاهم؛ وسط فوضى خيوطها بيد أمريكا؛ وسط حلقة من مسلسل دسائس تسوقها مخلفات الإستعمار، وتخطيط الدول الكبرى، وهم يتراجعون الى عصور الجاهلية وذبح البشر، ومسابقات أجمل ماعز وأسرع بعير؟! ولكون الفوضى من صناعة وتخطيط أمريكي؛ إذاً هي خلاقة في نظريات كبار إستراتيجي البيت الأبيض.