كلما شاهدتُ الفيلم الإيراني (اللمسة) توقفتُ عن القراءة والكتابة لليوم التالي وستكون علاقتي بالكتب فاترة نوعا ما..في (اللمسة) شحنة عالية من الصمت البليغ واللقطة الناطقة بمديات التأويل.. ..الكاميرا في الهواء الطلق تطارد الازهار والفراشات وتخترق الضباب واغواءات الطبيعة .. اللمسة : درس في الفقر النبيل ..الكاميرا في الممر المؤدي الى داخل مدرسة المبصرين والى خارجها..المبصرون لايتحركون خارج الانساق ..ودائما تتقدمهم عيونهم بأصابعها العشر،الملامسة هي اتصالية محمد بالعالم ،الملامسة بالأصابع وبإصغاءات الإذن..محمد المحروم من النظر،محمد اليتيم ،المحروم من لمسة الأم ،الذي يتحول قلق الاب عليه الى قسوة الحريص..محمد الفقير الذي يهدي اخته قلادة من قبقات قناني الببسي .محمد المصغي لذلك الصوت القادم من غياهب الحدس الصوت الذي يعذّب الاب….اللمسة :عين محمد ،وجسر العبور بين ضفتيّ نهر عمره القليل، مثل ذلك الجسرالذي يخطف محمد منا ويقذفه في ماء عاصف ،كل مايجري في الفيلم يشترط العين إذاً علينا ان نفتح عيوننا ونصغي بها..فالسيناريو رؤيوي وليس طويل اللسان ..حتى الموت لم يطفأ تلك الشمس المشرقة من أصابع محمد المنقوعة بالموت …اللمسة :فيلم يصور المكابدات تصويرا شجاعا..ويتناول الحياة كقصيدة نثر واعية للقوة الجوانية في إنسانية الإنسان ..