18 ديسمبر، 2024 9:41 م

مسجد براثا وديمومة الخطاب التحريضي والفتنة الطائفية

مسجد براثا وديمومة الخطاب التحريضي والفتنة الطائفية

قال تعالى في سورة التوبة/ 18(( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْءَاخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا ٱللَّهَ ۖ فَعَسَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ)).

الكثير من القراء لا يعرف حقيقة مسجد براثا الذي أحتله ـ بعد الغزو الامريكي للعراق عام 2003 ـ المجلس الاسلامي الاعلى التابع لولاية الفقيه، ويسيطر عليه العميل الايراني شيخ الطائفية بلا منازع (جلال الصغير)، وقد أحسن من سماه الصغير لأن العملاء صغار دائما وأبدا، بل هم أقزام سفلة. سبق لهذا المسجد ان فجره ثلاثة إرهابيين في 4/4/2006 وأسفر التفجير عن مقتل (85) شخصا وجرح ثلاثة أضعاف الرقم، وظهرت فضيحة بجلاجل، فقد وجدت اشلاء بشر كانوا مقيدين بالسلاسل وهم من أهل السنة، لذلك أطلق عليه في حينه (مسلخ براثا)، ومؤخرا ظهرت فضيحة أخرى، حيث وجدت فيه مطبعة لطبع النقود المزيفة، فقد أعلن المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة يحيى رسول في 7/11/2020، ضبط مطبعة نقود مزيفة للعملة العراقية في منطقة الشالجية، بالعاصمة بغداد. وتم العثور بداخلها على أموال مزيفة تقدر بثلاثة عشر مليار دينار عراقي وثلاثة وعشرين الف دولار أمريكي، بالإضافة إلى ورق خاص نسيجي وماكنة تستخدم في عملية تلوين العملة وقصها. وتكتمت الحكومة على الأمر كالعادة، عندما يتعلق الأمر بطرف شيعي. ويعتبر هذا المسجد منبر للطائفية المقززة، وجلال الصغير كما هو معروف من عناصر الحرس الثوري الايراني، وخطبه تحريضة ضد أهل السنة، بل خلال الحرب الأهلية عام 2006 ـ 2007 كان يركب سيارة مكشوفة مع عدد من العناصر الميليشاوية المسلحة للقتل على الهوية.
ولهذا المسجد محطات تأريخية يمكن التوقف عندها، وسيتبين ان المسجد شهد أحداثا عجيبة لا تقل غرابة عن وضعه الحالي من حيث إرادة الشر، كما ان نشر الفكر الطائفي متأصل فيه وليس بجديد، وربما لهذا السبب اختاره جلال الصغير لديمومة طرح الأفكار الطائفية، وما يتحدث البعض عن قدسيته بإختلاق قصة ملفقة عن زيارة علي بن ابي طالب وصلاته فيه لا صحة لها البتة.
ذكر إبن بابويه القمي عن النبي عيسى (ع) وإبراهيم الخليل (ع)” عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: صلى بنا علي (ع) ببراثا بعد رجوعه من قتال الشراه، ونحن زهاء مائة ألف رجل فنزل نصراني من صومعته فقال: أين عميد هذا الجيش، فقلنا هذا، فاقبل إليه فسلك عليه ثم قال: يا سيدي أنت نبي؟ فقال: لا النبي سيدي قد مات، قال: فأنت وصي نبي؟ فقال: نعم! ثم قال: أجلس كيف سألت عن هذا؟ قال: إنما بنيت هذه الصومعة من أجل هذا الموضع وهو براثاً وقرأت في الكتب المنزلة أنه لا يصلي في هذا الموضع بذا الجمع إلا نبي أو وصي نبي، وقد جئت أنا أسلم، فأسلم، فخرج معنا إلى الكوفة فقال له علي (ع) فمن صلى هاهنا قال: صلى عيسى بن مريم وأمه فقال له علي (ع): فأفيدك من صلى هاهنا؟ قال: نعم، قال: الخليل (ع)”. (من لا يحضره الفقيه 1/ 232).
ـ أي مسجد براثا الذي يعظمه الشيعة أصلة صومعة لراهب نصراني.
ـ لا نعرف هل جلال الصغير نبي أو وصي نبي، فقد ورد في الحديث ” لا يصلي في هذا الموضع بذا الجمع إلا نبي أو وصي نبي”؟
ـ ان بغداد لم تك قد بنيت بعد، فقد بناها ابو جعفر المنصور بمرحلتين انتهت الأولى عام 146هـ، وانتقل اليها عام 149هـ.
ذكر ياقوت الحموي” رَاثا: بالثاء المثلثة، والقصر: محلة كانت في طرف بغداد في قبلة الكرخ وجنوبي باب محوّل، وكان لها جامع مفرد تصلي فيه الشيعة وقد خرب عن آخره، وكذلك المحلّة لم يبق لها أثر، فأما الجامع فأدركت أنا بقايا من حيطانه وقد خربت في عصرنا واستعملت في الأبنية، وفي سنة 329 فرغ من جامع براثا وأقيمت فيه الخطبة، وكان قبل مسجدا يجتمع فيه قوم من الشيعة يسبون الصحابة فكبسه الراضي بالله وأخذ من وجده فيه وحبسهم وهدمه حتى سوّى به الأرض، وأنهى الشيعة خبره إلى (بجكم الماكاني) أمير الأمراء ببغداد فأمر بإعادة بنائه وتوسيعه وإحكامه، وكتب في صدره اسم الراضي، ولم تزل الصلاة تقام فيه إلى بعد الخمسين وأربعمائة ثم تعطلت إلى الآن. وكانت براثا قبل بناء بغداد قرية يزعمون أن عليّا مرّ بها لما خرج لقتال الحرورية بالنهروان وصلى في موضع من الجامع المذكور، وذكر أنه دخل حماما كان في هذه القرية، وقيل: بل الحمام التي دخلها كانت بالعتيقة محلة ببغداد خربت أيضا”. (معجم البلدان1/363)
وذكر مؤرخ بغداد ابن الجوزي” في هذا الشهر من سنة 398: كثرت العملات ببغداد، وكبس الذعار عدة مواضع، وقصد قوم منهم مسجد براثا ليلة الجمعة و أخذوا حصره و ستوره و قناديله، فجد أصحاب الشرطة في طلبهم فظفروا ببعضهم فشهروا و عرفوا و كحلوا و قطعوا”. (المنتظم15/58).
وأضاف ” عرف المقتدر أن الرافضة تجتمع في مسجد براثا فتشتم الصحابة، فوجه نازوك للقبض على من فيه، و كان ذلك في يوم الجمعة لست بقين من صفر، فوجدوا فيه ثلاثين‌ إنسانا يصلون وقت الجمعة، ويعلنون البراءة ممن يأتم بالمقتدر، فقبض عليهم، وفتشوا فوجدوا معهم خواتيم من طين أبيض. يختمها لهم الكعكي عليها (محمد بن إسماعيل الإمام المهدي ولي اللَّه)، فأخذوا وحبسوا وتجرد الخاقاني لهدم مسجد براثا، وأحضر رقعة فيها فتوى جماعة من الفقهاء أنه مسجد ضرار وكفر وتفريق بين المؤمنين وذكر أنه إن لم يهدم كان مأوى الدعاة والقرامطة، فأمر المقتدر بهدمه‌ فهدمه نازوك، وأمر الخاقاني بتصييره مقبرة ندفن فيه عدة من الموتى، وأحرق باقيه وكتب الجهال من العوام على نخل كان فيه هذا مما أمر معاوية بن أبي سفيان بقبضه على علي بن أبي طالب (رض) “. (المنتظم13/248).
وأضاف ابن الجوزي” كان ابن عقدة يجلس‌ في جامع براثا يملي مثالب أصحاب رسول اللَّه (ص)، أو قال: الشيخين يعني أبا بكر وعمر- فتركت حديثه، لا أحدّث عنه بشي‌ء، وتوفي ابن عقدة في ذي القعدة من 332هـ”. (المنتظم14/37).مضيفا ” كان يخطب في جامع براثا من يذكر في خطبته مذهبا فاحشا من مذاهب الشيعة، فقبض عليه في دار الخلافة، و تقدم يوم الجمعة التاسع عشر من ذي القعدة إلى أبي منصور لخطيب ليخطب بدلا عن الخطيب الّذي كان مرسوما به، فلما صعد المنبر دقه بعقب سيفه، على ما جرت به العادة، والشيعة تنكر ذلك، وخطب خطبة قصر فيها عما كان يفعله من تقدمه في ذكر علي بن أبي طالب، وختم قوله بأن قال: اللَّهمّ اغفر للمسلمين، ومن زعم أن عليا مولاه، فرماه العامة حينئذ بالآجر ودموا وجهه، ونزل من المنبر ووقف المشايخ دونه حتى صلى ركعتي الجمعة خفيفة وعرف الخليفة ذلك فغاظه واحفظه، وخرج أمره باستدعاء الشريفين أبي القاسم المرتضى، وأبي الحسن الزينبي، نظام الحضرتين محمد بن علي القاضي أبي صالح، وأمر بمكاتبة الحضرة الملكية والوزير أبي علي ابن ماكولا والأصبهلارية في هذا المعنى بما تقام الصحبة فيه فكان فيما كتب:
“بسم اللَّه الرحمن الرحيم إذا بلغ الأمر، أطال اللَّه بقاء صاحب الجيش، إلى الجرأة على الدين و سياسة الدولة و المملكة، ثبتها اللَّه من الرعاع والأوباش، فلا صبر دون المبالغة بما توجبه الحمية وبغير شك أنه قد بلغه ما جرى في يوم الجمعة الماضية من مسجد براثا الّذي يجمع الكفرة والزنادقة، ومن قد تبرأ اللَّه منه فصار أشبه شي‌ء بمسجد الضرار، وذلك أن خطيبا كان فيه يجري إلى ما لا يخرج به عن الزندقة والدعوى لعلي بن أبي طالب (ع) ما لو كان حيا، فسمعه لقتل قائله وقد فعل مثل ذلك في‌ الغواة أمثال هؤلاء الغثاء الذين يدعون للَّه، ما تكاد السموات يتفطرن منه، فإنه كان في بعض ما يورده هذا الخطيب قبحه اللَّه بعد الصلاة على النبي (ص)، فيقول وعلى أخيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مكلم الجمجمة، ومحيي الأموات البشري الإلهي مكلم فتية أصحاب الكهف، إلى غير ذلك من الغلو المبتدع الّذي تقشعر منه الجلود، ويتحرك منه المسلمون، تنخلع قلوبهم، ويرون الجهاد فيه كجهاد الثغر، فلما ظهر ذلك قبض على الخطيب وأنفذ ابن تمام ليعتمد إقامة الخطبة القويمة، فأورد الرسم الّذي يطرق الأسماع من الخطبة ولم يخرج عن قوله: اللَّهمّ صلى على محمد وعلى آله الطاهرين وأصحابه المنتجبين وأزواجه الطاهرات‌ أمهات المؤمنين،. وذكر العباس وعليا عليهما السلام ثم قال في التفاته المعهود عن يمينه: اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد إمام أئمة الهدى، وعن يساره اللهم صل على محمد الشفيع المشفع في الورى أقام الدعوتين الجليلتين، ونزل فوافاه الآجر كالمطر فخلع كتفه و كسر أنفه أدمى وجهه وهو لما به وأشيط بدمه لو لا أنه كان هناك أربعة من الأتراك أيدهم اللَّه فنفروا واجتهدوا في أن حموه لكان قد هلك، وهذه هجمة على دين اللَّه و فتك في شريعة سيدنا رسول اللَّه (ص) وخلاعة في ذكر الربوبية، والحاجة صادقة، والضرورة ماسة إلى أن يقصد الامتعاض البالغ في هذه الحال العظيمة الهائلة التي ارتكبها الكفرة الفجرة، وأقدموا على ما أقدموا عليه، وبقي التظافر على اقتناصهم وأخذ البري‌ء بالسقيم، إباحة الدماء الواجب سفحها، وكسر الأيدي والأرجل التي تجب إبانتها عن أجسادها والشد على أيدي أصحاب المعونة فيما يقصدونه من ذلك، والعمل على ركوب الجم الغفير وجمهور كبراء العسكر أدام اللَّه عزهم في يوم الجمعة الآتية ليكون الخطيب أيده اللَّه في صحبتهم، ويجري الأمر في الخطبة الإسلامية على تقويمها، ورغم من رغم، ولا يكون ذلك إلّا بعد نكاية تظهر وتعم، فإن هؤلاء الشيع قد درسوا الإسلام وقد بقيت منه بقية، وإن لم يدفع هؤلاء الزنادقة المرتدة عن سنن الإسلام وإلّا هدم وذهبت هذه البقية، وله أدام اللَّه تأييده سامي رأيه في الوقوف على ذلك والجري على العادة في كفاية هذا لمهم، واجابتي عن هذه الرقعة بما أنهيه فيقع السكون إليه والاعتماد عليه إن شاء اللَّه بعد فقد لحق تماما الخطيب في نفسه وولده ما ستنشر معرفته، وقد انهتك محرمه، ويحتاج أن يستدعي صاحب المعونة ليستكشف عن حقيقة الحال ومن الّذي جنى هذه الجناية، ويتعرف من الملاحين الذين في المشارع من أي جهة وردوا وإلى أين صاروا، ويتعرف ذلك من حراس الدروب بعد الإرهاب الّذي يعمل في مثله ويطالع بما ينتهي إليه الاجتهاد إن شاء اللَّه. وكان الّذي لحق الخطيب أنه كبسه نحو ثلاثين رجلا في داره ليلة الإثنين بالمشاعل، وأخذوا ما كان في داره وأعروه وأعروا ولده وحرمه، وأشفق الوزير والاصفهلارية في الجمعة الثانية من حدوث فتنة بركوب الغلمان مع الخطيب، فراسلوا أبا الحسن بن حاجب النعمان بالتوقف عن إنفاذه في هذا اليوم إلى أن تسكن الثورة، وترتب لهذا الأمر قاعدة يؤمن معها الاختلاط والفساد، فلم يحضر خطيب ولا أقيمت صلاة الجمعة في مسجد براثا، وقد كان شيوخ الشيعة امتنعوا من حضوره وتأهب الأحداث والسفهاء للفتنة”. (المنتظم15/199)
هذا هو مسجد براثا، إستمرار للإساءة لرموز الاسلام، ونشر بذور الفتنة والطائفية.