18 ديسمبر، 2024 6:47 م

مستقبل العالم في ضوء المتغيرات

مستقبل العالم في ضوء المتغيرات

” إن العالم المعاصر هو بصدد اجتياز أكبر أزمة الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية”

من المعلوم أن العالم القديم مليء بالشيوخ والكهول بينما تعيش الشرائح الشابة واليافعة في محيط جديد محاصر باليأس والعدم والحياة اليومية تحولت إلى مسرح للمعاناة والعذاب حيث يضرب العنف وينتشر المرض بأشكال جديدة وتتضاءل الموارد الطبيعية من ماء عذب وغذاء صحي وطاقة ضرورية وهواء نقي ومساحات خضراء في الكوكب وتزداد رقعة التصحر والجفاف وتغمر المحيطات ما تبقى من اليابسة.

ماهو حال العالم في الحقبة القادمة؟ هل يتزايد أمل البشرية في تحقيق عالم أفضل كله عدل ومحبة؟ ماذا يخبئ لنا المستقبل من مفاجآت؟ وكيف يمكن التخلص من الآفات والأزمات وإحداث نقلة نوعية في الحياة؟ ومتى تنشغل الشعوب والأمم بصناعة التقدم والأمان للأحفاد بدل الاكتفاء بالتغني والإشادة بمجد الأجداد؟

بات الإنسان المعاصر في وضعية لا يحسد عليها بحيث لا يعلم أين تحمله التوجهات التوسعية العارمة وليست له القدرة على مواجهة التحديات الكبيرة ولم تعد توفر له الثقافة التي يكتسبها المناعة لمواجهة الهمجية المداهمة وزاد التقدم التكنولوجي الهائل من حيرته وانزعاجه وضاعفت التغيرات المناخية من هلعه، وحتى الطبقة الوسطى التي مثلت عامل استقرار وتوازن للمجتمعات بدأت في التفكك والتلاشي.

زد على ذلك تمت عولمة المعاملات المالية وصارت قيمة العملات تحت رحمة تقلبات السوق ومزاجه وتغلبت لغة التداين والاقتراض على لغة الادخار والتقشف وتم تحرير التجارة العالمية وتشريك الجميع.

لقد ترتب عن ذلك تزايد موجات الاحتجاج والتظاهر وكثرت حركات المطالبة بالتغيير والتطوير والتجديد في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وبرز كثير من الانتفاضات والعصيان السلمي.

على هذا الأساس يفترض أن يتم التفكير في باراديغم جدية من أجل فهم العالم القديم والتوجه نحو بناء عالم جديد خال من الشمولية على الصعيد السياسي والتفاوت على الإطار الاجتماعي والفقر في المجال المادي.

هذا المطلب يتوقف على البحث عن إيجاد ديناميكيات بنيوية قادرة على صناعة المستقبل للنوع البشري وتوظيف المعرفة في اتجاه حسن استثمار ما تبقى من موارد طبيعية وثروات على الكوكب وتغيير نمط الحكم السياسي يتماشى مع الهوية الكوكبية للمجتمعات وإنتاج ثقافات جديدة تكون في مستوى التحديات.

تتجه القوى الدولية الكبرى الى خوض حرب كونية بغية ايجاد مخرج من المآزق التي وقعت فيها في النزاعات الدولية على غرار حروب المدمرة على آبار النفط والغاز وتزايد المعارك حول الماء والغذاء. لكن بأي معنى يكون العالم متعدد الأقطاب الذي تسير إليه البشرية هو أفضل العوالم الممكنة في المستقبل؟