الذين يكتبون بمداد اليأس والإبلاس عليهم أن يتوقفوا , ويقرأوا الواقع والتأريخ بعلمية ومنهجية وفهم موضوعي.
ما تمر به الأمة مرت بأقسى منه في السابق , وأمم أخرى غيرها مرت بأشد قسوة منه , وكانت وتقدمت وصنعت مستقبلا أسطع.
لو تأملنا عددا من الدول الأوربية التي عانت ويلات الحرب العالمية الثانية , وما أصابها من الدمار والخراب , وكيف أنها في بضعة عقود تجاوزت وجيعها وإنطلقت قوية متقدمة , لتبين لنا بأن أمتنا فيها من القدرات ما يؤهلها لتكون أفضل مما هي عليه الآن , ولسوف تكون بأجيالها الواعية المقتدرة المستوعبة لمفردات عصرها.
فأمتنا ليست خاوية على عروشها , ولا خالية من ينابيع القوة والإقتدار , إنها أمة حضارات وإرادات إنسانية نضجت وتبرعمت وأثمرت وما توقفت عن العطاء.
فالذين يحسبونها ماتت أو إنطمرت , وأن بعض بلدانها قد تخرَّبت ولن تعود إلى عافيتها وقوتها ودورها الحضاري , هؤلاء يعمهون في غياهب الضلال والعدوان على الأمة , كأنهم يترجمون إرادة الطامعين فيها.
الأمة ليست مهزومة ولا مخذولة , ولا مكسورة أو منكوبة , الأمة تعيش مخاضها , وتتأهب لولادات أصيلة فائقة الإقتدار والإبتكار والإبداع.
فالأمة بخير ولا يجوز لنا أن نكتب عن كوميديا سوداء , وتراجيديا ظلماء , ومن واجب الأقلام ومسؤوليتها , أن تكتب بمداد التفاؤل والإصرار على أنها ستكون ولسوف تكون.
إن هذا السقوط في أودية الضلال والبهتان , والإنغماس في أوحال التردي والخذلان , يتحقق تعزيزه بالعديد من القوى ذات الخبرات والمهارات الإقناعية وبرمجة الأدمغة , وبث الأفكار المسمومة في وعي الناس.
وغايتها أن يعيش الناس في وهم الخسران ويستلطفونه ويقبلون بالذل والهوان.
وأن تشيع عبارة , أهون الشرين , بين الناس , فلا هدف لهم ولا هم إلا القبول بالوجيع الفتان.
نعم إن الأمة بخير , وأقوى مما كانت وأكثر وعيا وقدرة على الإقدام والخطو الواثق للأمام!!