كلمة الغموض هي التعبير الامثل لما تعيشه دويلة الكيان الصهيوني, فهي لا تعرف ماذا ينتظرها مستقبلا, خصوصا انها لم تنجح في كسب ود المنطقة, على الرغم من مرور اكثر من 100 على سيطرتها بالقوة على ارض فلسطين, وقد كشف العدوان الاخير على غزة هشاشة موقف دويلة اسرائيل, بل حتى الموقف الدولي لم يكن مثل قوة مواقف الماضي, خصوصا الموقف البريطاني والفرنسي والامريكي, فاتجهت الجهود فقط لإيقاف الحرب, حيث اصبحت “اسرائيل” عبئ كبير على القوة العالمية التي ساندتها طويلا.
ساحاول تفكيك الموضوع, لتوضيح ان ما يجري في الشرق الاوسط عام 2021 لا يشابه ما سبقه.
· الموقف الامريكي الهادئ
عودتنا السلطة الامريكية على مواقف متشنجة متحيزة لصالح الصهاينة دائما, فمع عمق العلاقة بين الامريكان والصهاينة لكن كان طروحات ادارة بايدن هادئة وتدعو لقضية حل الدولتين بالأطر السلمية, بل وتحدثت عن موضوع فتح قنصلية في القدس الشرقية بعد ان اعترف ترامب بالقدس عاصمة للصهاينة, فهو تحول غريب! والاغرب تحدثها عن مساعدات لأعمار غزة.
مع ان الصهاينة يتعرضون لأول مرة لهجمات صاروخية من غزة وبألاف الصواريخ.
لكن يمكن القول ان امريكا كانت متخوفة من اتساع رقعة الحرب, لتتجاوز فلسطين ودخول جنوب لبنان وسوريا على الخط, وعندها لا يمكن انقاذ الصهاينة من موقف مخيف, لذلك التزمت مبدأ التهدئة.
· تغير المواقف داخل امريكا
خلال الازمة الاخيرة برزت اصوات امريكية على غير العادة ضد الصهاينة, فقد طالب اعضاء في الكونغرس باتخاذ مواقف متشددة بشان الانتهاكات الاسرائيلية في القدس المحتلة, وطالب نواب ديمقراطيين بوقف بيع الاسلحة لإسرائيل, وكذلك وقع ما بين 500 الى 1000 عضو من حملة الرئيس الأمريكي جو بايدن وموظفين في الحزب الديمقراطي من 22 ولاية, على رسالة تدعو بايدن لمحاسبة الحكومة الإسرائيلية” بعد عدوانها الأخير على قطاع غزة, وهذا يحدث لأول مرة.
تصور هذه الاصوات ضد اسرائيل تنطلق من داخل الدولة (الام الحاضنة) للصهاينة, فهذا ينذر بمستقبل مخيف للصهاينة.
· الرعب من حزب الله
المراقبين كانوا يفهمون تخوف القوى الاقليمية من دخول حزب الله الحرب, والذي يعني انتهاء وجود اسرائيل بنسبة كبيرة, خصوصا ان نتائج حرب 2006 مازالت ماثلة امامهم, وبعد 15 عام تضخمت قوة حزب الله كثيراً, فأي تحرك منه سيكون ضربة قاصمة لظهر الصهاينة, لذلك سعت القوى العالمية للتهدئة والبحث عن حل سلمي للازمة, حتى مع وقوع الاف الصواريخ الفلسطينية على رؤوس الصهاينة, فالموضوع كان شديد التعقيد, مما فرض على الغرب التعامل بهدوء مع الازمة, للحفاظ على حليفهم (الصهاينة).
· موقف مصري مميز
لا يمكن تجاهل الموقف المصري القوي في الازمة الاخيرة, وهنا نسلط الضوء على الصوت المصري العال, اولا: دعا الدكتور أحمد عمر هاشم، الرئيس السابق لجامعة الأزهر، في خطبة الجمعة المذاعة على التلفزيون المصري الرسمي، إلى تشكيل “قوات ردع إسلامية”, ثانياً: وصف وزير الخارجية المصري سامح شكري ما يجري في الأراضي الفلسطينية بأنها “معركة وجود” وأن ما قام به الفلسطينيون في القدس وغزة “مدعاة للفخر والاعتزاز”.
هذا الموقف المصري القوي جاء بعد متغيرات اقليمية جديدة, منها التوجه المصري نحو استعادة دور القاهرة العربي والاسلامي، واعادة تمتين العلاقة مع القوة الفلسطينية، وكذلك جاء رداً على دعم الكيان الصهيوني لأثيوبيا عسكرياً وسياسيا في مواجهة مصر في ازمة سد النهضة، حيث تعتبر مصر قضية سد النهضة تهديدا وجوديا لها،