تحرير الموصل بوصفه إنهاء لسيطرة التنظيم الإرهابي ( داعش ) على المدن العراقية ، ليس حدثا عاديا بالمرة ؛ و مثلما أريد من الاحتلال أحداث تغييرات كبيرة في العراق و المنطقة أو تحقيق مصالح لبعض الأطراف ، كذلك شكلت عملية التحرير و التحرير بالنتيجة عملية تحول و تغير ، و هذا التغير عراقيا سيكون داخلي و خارجي ، فبما يرتبط بالخارجي لا زلنا نعيش جدليات كبيرة ترتبط بالمنطقة الشمالية العراقية خاصة ما يرتبط بالجارة تركيا ( و إقليم كردستان ) و هنالك ما يرتبط بالتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، و من جهة أخرى طبيعة العلاقة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية و أدوارها إبان الاحتلال و التحرير ، فلكل من هذه الأطراف تحولات في العلاقة مع عراق ما بعد التحرير ، و في هذا السياق نحن أمام نظريتين كأن لا ثالث لهما :
الأولى : الإيجابية و التي ترى أن عمليات التحرير العسكرية ستعيد العراق إلى ما كان عليه قبل التحرير ، و ستعزز من وحدة أرضه و شعبه
الثانية : السلبية و التي ترى أن حيثيات التحرير ستظهر بعد الانتهاء من سيطرة داعش على المدن ، و أبرزها تشكيلات من الحشد غير منضبطة بأجندة خارجية ، عودة أمريكية إلى العراق ؛ عدم عودة نينوى بالكامل إلى العراق و اضطرابات في المنطقة الشمالية لأطراف عدة أبرزهم تركيا و بعض الجهات في إقليم كردستان
قد تبدو النظريتين واقعيتين و ممكنتين في الوقت ذاته ، أو قد تتقدم أحداهما على الأخرى ، إلا أن ما هو أكثر واقعية منهما هو أن العراق بإمكانه أن يخط مستقبل أفضل مما يذهبان إليه ، و ذلك عبر عدم إنكار دور من وقف معه في حرب تحرير مدنه المحتلة ، فعلى الرغم من قيمة خطاب أن العراقيين هم من حرروا مدنهم و قدموا من أجل ذلك التضحيات الجسام و الجهود العظيمة ، إلا أن التعاطي مع الدول الضامنة للمصالح العراقية ينبغي أن يرتفع إلى مستوى العمل الحقيقي و الفعلي ، فالمرحلة القادمة و كما بدأت تتضح معالمها خاصة بزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمملكة العربية السعودية و إسرائيل نهاية الشهر الجاري ، و التقارب الأمريكي الروسي و الذي ترجم في استانة 4 ، يحدد بشكل متقدم طبيعة السنوات القادمة في المنطقة ، و هذا ما علينا أن نقرأه جيدا وفق مصالحنا في ضوء ما حصل لنا في المرحلة السابقة .