18 ديسمبر، 2024 11:29 م

مستبدون تحت ظل الديموقراطية

مستبدون تحت ظل الديموقراطية

الديموقراطية هي كلمة مدمجة من كلمتين هما؛” ديموس” وتعني الشعب, و”دراموس” تعني السيادة, لتصبح الكلمتان سيادة الشعب, تطورت تلك الكلمتين, لتشمل مبادئ المساواة بين الجميع.
تحت ظل النظام الديموقراطي الجديد, عَكَفَ بَعض ساسة العراق المؤمِنين بالاستبداد, وحكم الشعب بقائد واحد يقود حزباً, بممارسة التزوير وفرض السياسات المخالفة للدستور, والاستحواذ على الأصوات, عن طريق الهِبات البخسة, كي يسيطروا على الحُكم, ليصَرِّحوا دونَ حياءٍ انهم يُمَثِلونَ الشَعب.
تَعَرضَ العراق لهجمات عدة, فمن الاحتِلال مروراً بالطائفية وتنظيم القاعدة, وصولاً إلى أعتى تنظيم إرهابي, وهو داعش الذي اِغتَصب مساحات واسعة, قُدِّرَت بما يقارب ثلث مساحة العراق, ولولا تضحيات الشباب الواعي المؤمن بنصر الحَق؛ بكافة مُكوناتِه من العرب والكُرد, إضافة للتركمان والشبك والأيزيديين والمسيح, لابتَلَعَ ذلك التنظيم المٌسلح, كل مساحة العراق.
تَمَ النصر على الإرهاب, إلا أنَّ الحرب لم تنتهي, فهناك إرهابٌ من نوع آخر, وليس من المُستبعد جداً, أن يدخل إرهابٌ جديد بسببه, أكثر إجراماً وانتهاكاً للقيم الإنسانية, من التنظيمات السابقة, ذلك هو الفساد السياسي, الذي أتاحَ عبر قوانين تم تمريرها, في البرلمان بِغَفلةٍ مِنَ الشَعب, تُتيحُ التغطية على الفاسدين, من خلال مصطلح “الحصانة”, مع أن القانون يُبيح للبرلمان, رفع الحصانة للتحقيق مع المُتهم بالفساد.
إنَّ نجاح الدولة يعتمد على تطبيق الدستور, واحترام مواده وتنظيم بعضها بقوانين, يكون تطبيقها شاملا لكُلَّ مكونات الشعب, ومن يمثلهم من الساسة, من اجل العدل وإحقاق الحق, وكما تَتَردَدُ كثيراً جملة,” مَن أمِنَ العِقاب أساءَ الأدب”, حيث ضاعت الثروات وَأوقَفَت عَجَلة التقدم, بِسبَبِ فساد أولئك الساسة, اَلذين اندسوا بالعملية السياسية, ليغشوا المواطن بوعودٍ كارثية, مبنية على الكذب, لانتخابهم فيقوموا بسرقته من خلال, امتيازات خاصة لا يتمتع بها, أي برلماني في العالم.
يقول جون جاك روسو: “ليس تأسيس الحكومة عقدا او قانونا, وأن الذين توزع لهم السلطة التنفيذية, ليسوا أسياداً للشعب إنما موظفون, وبِوسعِ الشَعبِ رفعهم وخلعهم, عندما يرغب بذلك, والمسألة إليهم ليست مسألة عقد على الإطلاق؛ وإنما هي طاعة القانون “إذن فالديمقراطية تستدعي مستوى معين, من الوعي والتفكير”, وذلك يعني القضاء على الفِكر الارستقراطي, المتشبع بعقول أَغلب الساسة الكبار.
إنَّ العَودة للدستور العراقي الدائم, وإلغاء ما يتعارض مع موادهِ وفقراته الأساسية, هي الخُطوة الأولى نحو بناء دولة المواطنة؛ فقد قَلب بعض الساسة موازين الديموقراطية, ليشكلوا جيلاً من الارستقراطيين, ونَصَّبوا أنفسهم أسياداً للشعب, الذي انتخبهم ليمثلوه, لا أن يستبيحوا حقوقه باسم القوانين, وبدلاً من ان تُصبحَ الثروة للشعب, أصبحت أُلعوبَةً بيد البرلمانيين وأرباب المناصب, على حساب المواطن العراقي.
إن استغلال حاجة المواطن, من خلال وعودٍ بوظيفة ما, أو هدية أقرب منها للرشوة, لغرض الاستحواذ على صوت الناخب, سرعان ما كُشف المواطن غايتها, فطالب بأساليب حضارية أكثر من بعض الساسة, عن طريق التَظاهر السلمي والاعتصام, وانتفاضة دخول البرلمان, ومكاتب مجلس الوزراء, التي لا نتمنى أن نرى مثلها مستقبلاً.
أقبلت الانتخابات مسرعة, تحت برنامج تمكين الشباب والمرأة, لتطيح من خلال حكمة اِستقطاب الجيل الجديد, ليقود العراق, بدَل ما تم تجربته, خلال الدورات السابقة, لتأسيس دولة مؤسسات, بقوانين دستورية حقيقية, خادمة للشعب الذي اختارها لتمثيله.
البرنامج الانتخابي واقتناع المواطن به, هو الفيصل الذي سيحدد اتجاه بوصلة التغيير؛ ما بين تغيير الوجوه أو إصلاحٌ حقيقي, يحاسب الفاسدين ويزيح كل محتالٍ كاذبٍ, ملأ بطنه من الحرام.