نعترف ان الصحافة العراقية مقصّرة ، في التطرق لمعاناة ملايين المواطنين من مساهمي المصارف الاهلية العراقية ، لكن هذا التقصير ، ان شاء الله، سنعوضه لاحقا ، حيث اتفق اعلاميون في الصحف والتلفزيون والاذاعات ، على فتح هذا الملف المغلق منذ سنوات ، فليس من المنطق الانساني ان نجد أسراً عديدة فاضلة ، تعاني حاليا شغف العيش ، في حين ، انها وضعت اموالا في مصارف مجازة رسمياّ ، آملا في ارباح مناسبة تغنيها عن العوز ، فحصدت ترابا ( اسهم بعض المصارف اصبحت بسعر صمونة واحدة او اقل ) !..
وشخصياً ، اطلعتُ مؤخرا على تفاصيل البيانات المالية الفصلية للمصارف الاهلية للربع الثالث من عام 2019 ? فهالني ما لمستُ من ادعاءات خسارة عدد كبير من تلك المصارف.. ومنها ( المتحد ، الاقليم ، دجلة والفرات ، القابض , الاستثمار ، الجنوب الاسلامي ، الشرق الاوسط ، زين العراق ، الدولي الاسلامي ، الخليج ، الائتمان ، جيهان ، العطاء الاسلامي ، الشمال ، كوردستان) مع ان الواقع المفترض يقول ، انها حققت ارباحا مجزية من نافذة بيع وشراء العملة الاجنبية ، ورغم ان البنك المركزي العراقي الزم مشكورا ، جميع مدققي حسابات المصارف الى ضرورة تدقيق تلك الارباح ، من مبدأ الشفافية ، حتى يطلع المساهمون على حركة ارباح المصارف التي اودعوا اسهمهم فيها ، لكن في واقع الامر ، نجد ان الكثير من المصارف تعلن عن خسارة غير مبررة ، دون وجود جهة رادعة تحقق ، في ادعاء الخسارة ، فمن الامانة الشرعية والانسانية ضرورة الكشف عن هذه الحالة ، ومحاسبة المصارف الخاسرة .. فهل ستتخذ هيئة الاوراق المالية ، وسوق العراق للأوراق المالية اجراءات تعيد قطار المصارف الاهلية الى سكتها السابقة ، وهنا نطالب بوقفة مسؤولة تجسدها مؤتمرات متخصصة في المال والاقتصاد لمناقشة ما آل اليه مسار تلك المصارف ، فلقد اصبح سعر سهم بعض المصارف 100 فلس ( مصرف الشرق الاوسط ) و60 فلسا (مصرف المتحد ) !!
من المعروف ، ان البنك المركزي ، يوفر للمصارف الاهلية الدولار الامريكي بسعر 1190 دينارا ، مساهمة منه ، في كبح ارتفاعه في الاسواق المحلية ، ومن باب استقرار الدينار ، والمصارف الاهلية تبيعه بما لا يزيد على 1200 دينار للدولار الواحد ، فلو كان معدل شراء احد المصارف الاهلية التي بينت بياناتها عن عجزها وخسارتها ، هو بحدود خمسة ملايين دولار يوميا ( والرقم اعلى من ذلك بكثير ، لكني ثبته بحده دون الادنى ) اي حوالي 1200 مليون دولار سنويا ، وبافتراض ان هذا المصرف ( الخسران ) باع الدولار المستلم من نافذة البنك ، بسعر مخفض هو 1195 اي بربح خمسة دنانير للدولار ، فإن ربحه السنوي يكون بحدود 6 مليارات دينار، فاين تذهب هذه الارباح ؟ وطبعا ، هذه الارقام هي اقل من القليل ، وقد ذكرتها للمقارنة ، فكيف يعلن هذا المصرف الاهلي او ذاك ، انه “خسران” ، دون محاسبة من احد ، والضحية هو المساهم المسكين ؟؟ لكن ، لا مسكين بعد اليوم ، فالمواطن اصبح امانة في ضمير الاعلام . انا على قناعة تامة ، ان ادارة البنك المركزي العراقي ، بما عرف عنها من جدية في حماية اموال العراق ، وقد نجحت بذلك في ظروف عصيبة مر بها الوطن ، وفازت بجدارة في الامتحان ، لكن عيون عوائل مساهمي المصارف الاهلية ، ترنو اليه الان ، وكلها رجاء ، باتخاذ اجراء حازم ، واصدار بيان بالأرباح التي حققتها المصارف الاهلية بالأسماء ، من نافذة العملة الاجنبية ، وكشف النقاب عن ذلك ، حتى يعلم صغار المساهمين بهذه الحقائق ، فلا اظن ان ضميرا حياً ، يرضى بوجود حالة مأساوية تتمثل بالذي تعيشه اروقة بعض المصارف الاهلية ، فقد حدثني احد المواطنين انه اشترى 3 ملايين سهم من اسهم احد المصارف بقيمة 9 ملايين دينار ، قيمة السهم كان ثلاثة دنانير .. ولظرف خاص به ، عرض الاسبوع الماضي ، تلك الاسهم للبيع ، فوجد انها تساوي 180 الف دينار فقط ، فهل من اجراء لوقف تدهور اسعار اسهم المصارف الاهلية ..وما دام الحديث عن المصارف الخاصة، يسأل المئات من مودعي، ومالكي اسهم مصارف ، كانت لها طنه ورنة هي ( الوركاء ، البصرة الدولي ، دجلة والفرات ) وغيرهم ، عن مصير اموالهم .. فالباب لا زالت موصده ، امام معرفة ذلك رغم مرور سنوات طوال على معاناتهم . وما دام الحديث، عن المصارف الاهلية ، اشير الى ، بيان ( مضحك ، مبكي ) اصدره مصرف الشرق الاوسط ، الاسبوع الماضي، وفيه يعلن ان الهيئة العامة ستعقد اجتماعا في اربيل يوم السبت 25 من الشهر الحالي ، لمناقشة العجز المتراكم فيه خلال سنتي 2017 و2018 .. بربكم .. هل كل مساهمي المصرف هم من سكنة اربيل ؟ الم يكن من المنطق عقده في بغداد ، حيث مركز المصرف ، كي يشاركه فيه اكبر عدد من المساهمين ، ولا يقتصر على النخبة ومن بيدهم الامر.. فالمساهمون هم الملاك الحقيقيون للمصرف مهما صغرت مساهماتهم ، وهم بمجموعهم لهم الحق الوحيد في وضع سياساته العامة، والحصول على المعلومات المالية وغير المالية الدورية بكل شفافية ووضوح ، لذلك من الضروري ان تعقد اجتماعات الهيئة العامة بمكان سهل الوصول اليه، ولا يشكل عبئاً ماليا من حيث السفر والاقامة الخ.. ويكبر التساؤل : من المسؤول عن العجز في هذا المصرف ؟ وما ذنب المساهم في حدوثه ..، فمن القراءات الاولية ان هذا المصرف ( الذي كان في يوم ما كبيرا) ادعى انه عانى خسارة في الاشهر التسعة الماضية بلغت مليارا و718 مليونا !!
[email protected]