18 ديسمبر، 2024 9:42 م

مسافراً الى الحويجة

مسافراً الى الحويجة

أنعطفت الى قضاء الحويجة : وأنا غارقاً في لهفة اللقاء الاول.
عندما تجتاز (الفتحة) بين جبل مكحول وتلال حمرين وتكون في بوابة الحويجة ، يهب عليك نسيم هادء يحملُ رائحة التأريخ ، والربابات ، وصوت الاحرار ، وتبدأ عيناك تبحث عن بقية التفاصيل الصغيرة المثيرة..

هناك قرى كثيرة على حافة الطريق ، ارض خضراء وسماء صافية تبدو فيها الشمس اكثر حباً ، اطفال يرعون الاغنام بـ ملابس شبه ممزقة ، رجل مسن يحمل فوق كتفه “المسحاة” ، محلات صغيرة متناثرة على طول الطريق رغم بساطتها لكن تغريك علب الماء و الببسي المبرد بـ صندوق “الفلين”، مشروع ري يشق الحقول برشاقة لنصفين يسبح فيه ابناء القرى بعد يوم مرهقاً وحاراً ، تستقبلك ابتسامات لطيفة عفوية متسائلة، وايادي تلوح لك ، وتسارع الكلمات و تعلو الاصوات لمسامعك عندما كل مطب “استريحوا ” غداكم صاير “احنا معازيبكم” حياكم الله”
دون ان تدري تغيب ذاكرتك وتولد لديك ذكريات اخرى قديمة و بعيدة ، تشعر أنك كنت هنا منذ زمن بعيداً جداً ، يحاصرك عبق الطفولة ، رائحة الطين و الماء ، نداء الامهات ، بقايا الاجداد ، رمال نهر الزاب ، اشجار الطرفة الكثيفة تحيط بضفاف نهر دجلة ،صوت العصافير ، وشمس الصباح ، و مرح الاطفال ..

هنا الحويجة اذن ، هذه الارض التي تغرقك حباً
هي التي وصف اهلها بـ الكرماء العظماء .
هم الطيبون أصحاب ألشجاعة والاصالة .