17 نوفمبر، 2024 8:26 م
Search
Close this search box.

مسافةٌ مُفترضَةٌ وأخرى غير مُفترضة ..

مسافةٌ مُفترضَةٌ وأخرى غير مُفترضة ..

ـ1 –
دخل مقهى السيدة أم كلثوم حاملا على كتفه معداته التي يقوم بها بتنظيف مجاري الصرف الصحي ووضعها تحت المقعد الذي جلس عليه في حين بدأت السيدة بمقطعها الأخير من ياظالمني ،طلب قنية ماء ولأنه لايملك ثمنه لم يطلب شأيا، شرب الجرعة الأولى ومسح فمه بكم قميصه ، أخرج آخر سيكارة من علبة السكائر ورمى بالعلبةِ بين المقاعد ،تنفس نفسه الأول وراحت أخاديد الدخان ترسم لوحاتها في الأفق ، هناك من إستنشق وسعل وهناك من إستلذ بالرائحة ،دَلَقَ جرعة أخرى الى جوفه ومسح فمه بكم قميصه وتنفس نفسا ثانيا ولم تظهر هذه المرة أخاديد الدخان بل إستدارت مع سرعة المروحة وتلاشت، إستُبدلَت ياظالمني بــ ياليلة العيد أنستينا وعندما وصلت الى (وقلنا السعد حيجينه على قدومك ياليلة العيد)..حينها راح يضغط على طرف مقعده ويتمنى لو أن له من القوة لتحطيمه وهز

رأسه ولوى أصابعه وعكفَ رقبته ولم ينتظر أن يطيل الجلوس لأنه لم ير المسافة المفترضة التي يلجأ اليها عندما يُحاصر بهموم العائلة لم يرها لا في وجوه جلاس المقهى ولا في صور السيدة الموزعة على الجدران ، أخذ نفسا عميقا وجرعة أخيرة ولأنه لم يحلم حلما ساراً في حياته فما عاد بالمجدي إنتظار إبن سيرين ، رمى كتاب تفسير الأحلام بين المقاعد ورفعَ يديه الى الله ودعا أن لاتقترب ليلة العيد بهذه السرعة ورفس معداته التي تحت المقعد بقدمية وتمتم بأسماء بنين وبنات ومضى خارج المقهى ولم يزل يتمتم بأسماء بنين وبنات ،

2 –

كل شئ من غير الممكن لابد أن يكون ممكناً ، وأن غيرَ المتوقع والمستحيل سيكون متوقعاً ،

وظلَ يسرد على جلاسه:

القوانين التي خلقت للطبيعة أصبحت باليةً لكنه تذكر ومنذ طفولته والى الآن كم تمنى أن لاتمطر في الشتاء ، وتمنى أن تزهر النباتات في الخريف وأن يدر النخيل رمانا بدلا من التمر ،بل وتمنى أشياء كثيرة ومنها تجاوز المعادل

الموضوعي مابين الليل والنهار ومابين الفصول الأربع وأستبدال كل الظواهر الكونية بظواهر قابلة للإختزال

ورغم أن كل شئ بقيّ على حاله بظواهره التي أكدت قوانينه وبقوانينه التي أنعمت على ظواهره ، بقي يتمنى ماتمناه وكل يوم يحادث جلاسه بأن غيرَ المتوقع والمستحيل سيكون متوقعاً ،

*[email protected]

أحدث المقالات