بين حدائق العشاق أتجول كالضائع أتوسل ذلك البستاني العجوز كي يهديني باقة ستكون آخر ما أتسلى به قبل عودتي المنتظرة الى ذلك الضباب ! أتأمل فيه تلك الورود وأنثرها عبر مسامات جرحي الذي ستظلين صورته الأبدية , واستحم من عطرك الندي الذي ينساب عبر النوافذ كالمطر الغازي . فلا أمل لدي غير أن احصي جميع الذكريات في أرشيف سيكون آخر سلاح أشهره بوجه ذلك القدر فقد بنيت في فراغي جسوراً من الوهم وتجرعت في هذا الفراغ كأس فراقك واستنشقت فيه خريفك العابر لأكون ضحية الفصول ورهن خداعها فأنا كمن يلملم بقايا العمر في وجه الصدفة التي لم تترك لي الوسيلة أما اليوم وحدي ارتشف القهوة الداكنة وأقرأ الطالع فيها مستغنياً عن حذلقات العرافات و أرتب الفرضيات على مهل علي ان أجد فيها شيئاً يسيراً من ذلك الحلم (عودتك) , بدلاً من البحث عنك كالهائم في الطرقات … رغم أني لا زلت أسمع دندنتك في ليالي الموحشة وأترقب أنفاسك التي ما تنفك أن تداهمني دون سابق أوان فلا أمل لدي غير أن أعانق ذلك الفجر المرتقب وابعثه إليك حاملاً على جناحيه نشوة الفؤاد ودموع فاضت بها القصائد والخواطر . في علياء سمائي كان وما زال شوق خالد تنساب منه قطرات تهمس باسمك كل ما هب نسيمها وكأنها بهذه الحيل الطقوسية تحاول جاهدةً تجاوز حصن الحاضر المنيع وأن كان ذلك مستحيلاً!, فلا أملك حيلة التلاعب بالزمن ولا اللجوء الى عالم الأحلام كل مرة فكأني أسير ذلك القفص ذلك العالم أحاول الهروب منه دون جدوى … وأحاول كتم تلك الصرخة المكتومة من الأعماق التي ما تنفك أن تحطم جميع القواعد التي تعترض طريقها وتصل بي الى ذلك العالم اللامرئي الذي لا زلت أجهله كمن يجهل كابوس ينتظر عناقه كل ليلة ! .
أميرتي أرسمي على كفي اللوحات واتركي ريشتك فيها وسيري بروحي نحو ذلك النور الأبدي الذي منه سنتنفس, الى ذلك المجهول .. الى ذلك المرتقب الذي سيظل أمامي دون أن أراه.. دون أن أعرف كنهه . زهرة الخلود كانت وستظل وليدة ذلك العصر الجديد وليدة
الروايات التي ستتلقفها الأجيال وتنتشي بها الأقلام . نبيذ اللؤلؤ التي منها كانت كليوباترا تتجدد كل يوم.. الموناليزا التي تطوف بها روح دافنشي عبر المتاحف والقاعات .. المجدلية التي نتغنى بها في الليالي الصامتة , بل هي الكون بكل ما فيه من جميل وقبيح ! أما اليوم فليس أمامي خيار غير أن أملك جنة في هذه الأرض منها ستبدأ رحلتي أنير بها جميع الدروب وأبحر منها نحو ذلك الكنز وان كان محض أملٍ رسمته مخيلتي العنيدة !.