23 ديسمبر، 2024 3:01 م

مرض السرطان…بين الوهم والعلم…

مرض السرطان…بين الوهم والعلم…

مايزال هذا المرض البائس مثار كثير من الجدل في الاوساط الاجتماعية…حتى إن الناس يتجنبون النطق بإسمه..ويقولون في احيان كثيرة إن فلانا توفي “بذلك المرض”..وكأنهم حين ينطقون اسمه يصابون ربما بلعنة او شئ من هذا القبيل…وكلما ازداد هذا المرض انتشارا ازدادت الخرافات المتعلقة به..وسأحاول هنا التطرق الى بعض تلك الخرافات..فمثلا لو كان الوالد قد توفي بالسرطان فلابد ان يصاب اولاده به…وهذا تحليل لايخلو من الصحة حيث اثبتت البحوث الطبية وجود جينات معينه مسؤولة عن الاصابه بأنواع خاصة من الاورام
ولايقتصر الموضوع على اقارب الدرجة الأولى بل قد يصل الى اقارب الدرجة الثالثة……
وهناك خرافة اخرى بأن الشخص لو تعرض الى صدمة نفسية قوية سيصاب بالسرطان….ولهذا ايضا اساس من الصحة…حيث تؤدي الصدمات الى اختلال في النظام المناعي للجسم وبالتالي الى ظهور الكثير من الأمراض الكامنه….ومن المناسب هنا ان نذكر ان الاشخاص الذين يعيشون حياتهم بمرح وايجابية هم الأقل تعرضا للاورام..
هناك بعض الافراد يتوقعون ان السرطان مرض معدي ويصرون على عزل اغراض المريض وحاجياته بل حتى عزله عن المجتمع ككل..وهذا اكبر خطأ تقع فيه العائلة حيث ان التشجيع والأمان تعد من الأساسيات التي يحتاجها المريض..ومن المستحيل ان يصاب المقرب منه بالعدوى..ولكني اشجع 
احاطة المريض بنوع من العناية والعزل لأنه يعتبر من
الاشخاص المنخفضي المناعة وقد يتعرض الى انواع مختلفة من الالتهابات التي قد تؤثر على تحسنه..
ومن الممارسات الخاطئة التي دأب ذوي المريض على اتباعها هي اخفاء حقيقة المرض عنه…وكثيرا مايطلب منا الاهل بحركات ايديهم او غمزات اعينهم عدم التفوه بكلمة عن ذلك التشخيص المخيف..ورغم تقديرنا الكامل لحالتهم وتنفيذنا لرغبتهم..ولكني اختلف معهم تماما.. فمن المؤلم ان ينصب الاقارب والاصدقاء انفسهم اوصياء على ضحية السرطان وكأنه شخص فاقد للأهلية….ونراه يتنقل بينهم من كذبة الى اخرى..الى ان يعرف الحقيقة بالصدفة وبشكل مفاجئ مما قد يؤدي به الى الأنهيار وعدم الاستجابة للعلاج……
من حق المريض تماما..معرفة نوع الورم الذي يشكو منه وكذلك طريقة علاجه والنسبة في شفائه..فكونه قد اصيب بالسرطان لاتعني الحكم عليه بالموت مقدما
وتجريده من خياراته…
علينا ان نغير نظرتنا المحدودة الى مرض السرطان فهو  ليس عيب او وصمة سوداء في الحياة تستوجب الاخفاء .. بحيث يضطر المريض الى انكار اصابته بها تماما…ويعزي دائما اعراضه الى سبب اخر..وبحكم خبرتي في هذا المجال…تعلمت حين يأتيني مريض ويشكو من ورم ويبرره على انه نتيجة لحادثة ما….فهذا هو الشخص المثالي المصاب بالسرطان وماتفسيره ذاك إلا بدافع الإنكار….و كلما اتاني مريض كهذا كنت اطلب من مساعدتي تحضير اكبر عدد ممكن من السلايدات للفحص الخلوي…لأنه سيكون موجب بالتأكيد…ولم يخب ظني يوما.
السرطان ليس لعنة او عيبا..انه مرض علينا مواجهته بشجاعة…..