مع إزدياد الترجيحات بقرب حسم معرکة الموصل و القضاء على فلول تنظيم داعش الارهابي، فقد باتت تطرح هنا و هناك ثمة تحليلات و توقعات بشأن ثمة تغييرات في المرحلة التي تلي هذه المعرکة التي تم إفتعالها من الاساس عندما تهيأت الظروف المناسبة لإستيلاء داعش على مساحات شاسعة من العراق في عهد نوري المالکي المشبوه من ألفه الى يائه، التغييرات المطروحة لفترة مابعد حسم معرکة الموصل، تتعلق بهيمنة ميليشيات الحشد الشعبي أو من يمثلها و يقف في خندقها على مقاليد الامور في العراق.
ولئن سيکون هناك الکثير من الذين سيفسرون هذه الخطوة بأنها إستعجال من طهران و سباق غير مضمون النتائج، لکن الذي يبدو واضحا هو إن طهران صارت تدرك جيدا من إنها باتت معنية أکثر من أي وقت مضى، وإن مساعيها المحمومة من أجل تنفيذ مشروعها”الکبير”على حساب بلدان المنطقة، لم يعد بإمکان شعوب المنطقة قبل دولها إحتمالهم، مثلما إن الدول الغربية هي الاخرى باتت تشعر بعدم الراحة ازاء التحرکات و الانشطة الايرانية الانتهازية الخبيثة، ولعل التحذيرات التي وجهها وزير الخارجية الالماني الى طهران بعدم سعيها للتدخل في الازمة الناشئة في الخليج، يدل على ذلك بوضوح، کما إن القادة و المسٶولون الايرانيون وعلى رأسهم المرشد الاعلى خامنئي نفسه، صار متيقنا من إن کرة النار ستلقى عن قريب في أحضانهم مالم يکفوا عن أنشطتهم السافرة المريبة، ولذلك فإن طرح توقعات من هذا القبيل”أي هيمنة ميليشيات الحشد الشعبي التابعة لطهران على مقاليد الامور في العراق”، هو سعي لإستباق الزمن و التحصن خوفا من المواجهة المحتملة، ولاسيما وإن قادة النظام الايراني طالما تفاخروا بأنهم يقاتلون في شوارع بغداد و دمشق و بيروت و صنعاء حتى لايقاتلون في شوارع طهران!
الاحداث و التطورات الدراماتيکية الجارية و المتعلقة بالملف الايراني، خصوصا هجمة داعش على طهران”المفاجئة و المثيرة لألف سٶال و سٶال”، والمتزامن مع طرح قضية هيمنة ميليشيات الحشد الشعبي على مقاليد الامور في العراق و إمکانية عودة الفاشل و السارق الاکبر للعراق نوري المالکي الى الواجهة، تبين بأن طهران تعد العدة للتحضر لمواجهة لم يعد بإمکانها التهرب منها، خصوصا وإن الازمة المشتعلة مع قطر بقدر ماتتعلق بتحرکات قطر المريبة في دعم داعش و القاعدة، فإنها تتعلق أيضا بعلاقتها المريبة مع النظام الايراني، وهذا مايلقي أضواءا على جانب اسود آخر من ملف التطرف و الارهاب في المنطقة وهو التعاون الايراني ـ القطري من أجل تحقيق أهداف و غايات”غير حميدة”على حساب بلدان المنطقة.
ثمة نقطة مثيرة للسخرية و الاستهزاء نجد أن لها علاقة بصلب موضوع مقالنا هذا، وهي إن أکثر من قلم”عراقي” بادر للربط مابين تفجيرات طهران و بين منظمة مجاهدي خلق، وهي أقلام تکتب بطرق غير مباشرة و تظن بأن اساليبها الملتوية هذه بإمکانها القفز على الحقائق، وهذه الاقلام”السمجة”و”السخيفـة” تتناسى من أن هناك الکثير من الآراء و وجهات النظر المطروحة بشأن إن تفجيرات طهران سيناريو إيراني بحت، خصوصا وإن النظام الايراني له سوابق مشهودة بهذا الصدد، تبدأ من التفجيرات التي کان يقوم بها في الاسواق و الاماکن العامة في إيران و يتهم بها منظمة مجاهدي خلق و مرورا بحادثة تفجير مرقد الامام الرضا في مشهد و تفجير مرقدي الامامين العسکريين في سامراء و جرائم القتل المتسلسلة في إيران و التي إستهدفت النخب الايرانية التي تفکر باسلوب مختلف عما يفکر به النظام، والحق إن هذا النظام وعندما يجد نفسه في خطر فإنه مستعد لکي يتعاون مع الشيطان نفسه لکي يضمن بقائه و إستمراره، ولذلك فإن کل الاحتمالات قائمة مع المساعي المشبوهة و الخبيثة لهذا النظام ولکن، لابد من التأکيد على إن مهما فعل النظام و بذل من مساعي فإن مرحلة مابعد داعش ستکون مرحلة فتح الحساب معه، وإذا ماکانت قد تم تحريك الرمال ضد جزيرة قطر، فإن هناك برکان سيتم تفجيره بوجه النظام الايراني.