23 ديسمبر، 2024 4:34 ص

مرحباً بكم في إقليم كردستان سوريا!

مرحباً بكم في إقليم كردستان سوريا!

في أعقاب قيام صدام حسين وبتحريض مُبطن من قبل أمريكا وسفيرتها المُبجلة في بغداد وقتها على غزو دولة الكويت وضمها إلى الأراضي العراقية كمحافظة تاسعة عشر وبعدها طرده من الكويت بتشكيل تحالف دولي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية. والسفير العراقي لدى دولة الكويت علاء الهاشمي طالب خلال لقاء صحفي بتغيّر وصف الغزو في مناهج الدراسة الكويتية والخطاب الإعلامي من الغزو العراقي إلى الغزو الصدامي مُعللاَ السبب بعدم رضا العراقيين عن غزو الكويت. والسفير مُحق في طلبه لكون الشعب الذي لا ناقة له ولاجمل في عمليّة الغزو تعرض إلى حظر تجويعي أمريكي توفي على أثرها ملايين العراقيين وحظر طيران فوق شمال العراق أجبر معها النظام العراقي السابق على سحب جميع مؤسساته الإداريّة والعسكريّة والأمنيّة وغيرها وتسليم المنطقة المعروفة بالحكم الذاتي بكامل حُدودها الإداريّة على طبق من ذهب لأكراد العراق – الاتحاد الوطني الكردستاني وحزب الديمقراطي الكردستاني- وتحت حمايّة قوات المطرقة وبدعم لوجستي تركي تام تم بناء شُبة دولة بكامل مؤسساتها وتشكيلاتها الإداريّة والعسكريّة والأمنيّة وبعد فدرلة العراق وتدوين أسم الإقليم الكردي في قانون إدارة الدولة العراقية – الدستور العراقي الدائم لاحقاَ- انتهت معها مُهمة قوات المطرقة. وبقية فصول المسرحيّة في مشهدها العراقي معروفة نحنُ في غنى عن ذكرها. أما في سوريا ومع بدء الأحداث تكرّر السيناريو العراقي وذلك بقيام بشار الأسد بالانسحاب من شمال سوريا وتسليمها لأكراد سوريا – حزب الأتحاد الديمقراطي الكردستاني – (ب ي د) في مُحاولة لخلق صِدام بين تركيا وبين (ي ب ك) الذراع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني والمحسوب على حزب العُمال الكردستاني الانفصالي من جهة ومن جهة أخرى تجنُب فتح جبهة صراع جديدة مع الأكراد. والجانب التركي حاول السيطرة على الوضع من خلال استقبال صالح مُسلم في أنقرة من قبل رئيس جهاز مُخابراتها هاقان فيدان وغيره من قيادتها العليا. ولكن السؤال التالي الذي يدور في خلد الكثيرين صالح مُسلم وغيرهم من قيادي أكراد سوريا وقتها لماذا لبّوا الدعوات التركية؟ لسبب بسيط جداً ألا وهي عدم وجود قوات أمريكية أو غيرها في مناطقهم لتوفير الحمايّة لهم إلى الجانب العامل الجغرافي لكون المناطق الكرديّة كانت تفصلها عن بعضها البعض مناطق عربيّة وتركمانيّة وغيرها بالإضافة إلى وجود حركات وأحزاب كرديّة أخرى مدعومة من تركيا وحزب بارزاني. كل هذه العوامل مُجتمعةَ ساهمت في تقارُب حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني (ب ي د) من تركيا في مُحاولة منها لكسب الوقت لتعزيز نُفوذها وسيطرتها على مناطق جديدة إلى جانب المناطق التي تسيطرعليها. ومع ظهور تنظيم داعش الإرهابي تحقّق لحزب صالح مُسلم ما كان يبتغيّه فتحت يافطة مُحاربة داعش أستقر القوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية في الشمال السوري وبدون موافقة الحكومة الشرعيّة في دمشق التي تركت المنطقة بملء إرادتها لأكرادها السوريين. وبعدها صار لقاءات ومُباحثات صالح مع تركيا في الماضي. وبخُطة هوليوديَة أمريكية تم تشكيل قوات سوريا الديمقراطيّة – قسد- لإضفاء طابع شرعي على (ي ب ك) التي تشكل العمود الفقري لتك القوات وتقديمِها بزيّها الجديد لدرء أي صِدام مع الجانب التركي حليفهم المُطيع في الناتو. فتنظيم داعش الإرهابي وما أحدثه من تغير ديمغرافي في المناطق العربيّة والتركمانيّة وتهجير سُكانها الأصلييّن وبعدها تسليم تلك المناطق بدون معارك في بعض الأحيان للقوات (ي ب ك) ومُظلتها قوات سوريا الديمقراطيّة سهل على أكراد سوريا كسر العائق الجُغرافي واجتيازِها في ربط مناطقهم ببعضها البعض. وبعدها بناء مؤسسات إداريّة وبُمساعدة الدوائر الغربيّة حتى أن أحدى القنوات الفضائيّة الفرنسية أعطى حيّزاً واهتماماً بهذا الجانب أكثر من حجمِها الطبيعي على شكلِ حلقات متُلفزة من أجل التعريف بأكراد سوريا على أنهم صاروا قادرين على إدارة أنفسهم بأنفسهم كنظرائهم أكراد العراق. حتى كادت هذه الحملة الفرنسية تُفجر أزمة جديدة بين تركيا وفرنسا لولا مُداخلة دبلوماسيّة في لحظاتها الأخيرة. والأكراد بسيطرتهم على منابع النفط والغاز التي هي وقود دولتِهم الموعودة والتي أعتبرها الجانب الأمريكي خط أحمر مُحذراً النظام السوري وحليفتها روسيا وإيران من الاقتراب منها. وتشييد أبراج مُراقبة لقوتها قرب الحدود التركية لمُراقبة تحركات الجيش التركي ومنع هجماتها على المناطق الكرديّة. جئنا للفصل الأخير من المسرحيّة التي أسدل الستار عن آخر مشاهِدِها وليس الأخيرة جيمس جيفري المُبعوث الأمريكي الخاص للشؤون السورية الذي أكد بإن الهدف الوحيد لتواجد القوات الأمريكية في سوريا دحر تنظيم داعش وأن مُهمته تنحدر من التفويض الذي منحهُ الكونغرس للبنتاغون بشأن مُحاربة الإرهاب بعد هجمات 11 سبتمبر. وأن أمريكا لن تبقي في سوريا إلى الأبد حتي تنفيذ عمليّة سياسيّة لارجعة عنها. وأن أمريكا لديها خيارات مُتعدّدة بشأن انخراط قواتهم في حمايّة الشمال السوري. وبتحليل بسيط لما قاله جيفري أن أمريكا ستسعى للحصول على تفويض أممي لإنشاء منطقة حظر طيران شبيه لمثيلتها في العراق خلال التسعينات القرن الماضي. وتشكيل قوات مطرقة من الأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين لحمايّة المنطقة الكرديّة وتكون على الأرجح قواعدها في الشمال السوري وليس الدول المُجاورة كما في الحالة العراقيّة. والناطق الرسمي باسم كرملين ديمتري بيسكوف علّق على التحرّكات الأمريكية بانها تحركات من شأنها أن تؤدي إلى إنشاء كيانات موازيّة على الأراضي السورية. أما بخُصوص تنفيذ أمريكا عمليّة سياسيّة لارجعة عنها فقصد جيفري منها المُباحثات الجاريّة حول تشكيل اللجنة الدستوريّة الذي ربطها بثلاثة ملفات مُهمة عودة اللاجئين وإعادة الاعمار والاعتراف الدولي بشرعيّة الحُكومة السورية. مُهدداً بإنهاء عمليتي آستانة وسوتشي في حال عدم تشكيل اللجنة الدستوريّة حتى مُنتصف الشهر الجاري وبدونِها العودة إلى مجلس الأمن ومُظلة جنيف. فأمريكا تُحاول جمع أطراف النزاع حول طاولة اللجنة الدستوريّة لكتابة دستور لسوريا تكون عماد العمليّة السياسيّة التي لارجعة عنها بحيث توضع بها مواد دستوريّة مُلغّمة يحصل معها الأكراد على مُكتسبات تمكّنهم من الحُصول على كيان موازي داخل الدولة السورية كما حصل في العراق وتُكتب في حُدودهم الإداريّة مرحباً بكم في إقليم كردستان سوريا!.