سياسة الحكومة التركية لا تقوم على أساس الاحترام المتبادل وعدم الاعتداء وحسن الجوار, ولا على أساس العمل المشترك فيما بينها وبين الدول المجاور لها وهذا ما أثبتته التجربة التركية مع سوريا حين نفض اردوغان يده من كل الاتفاقيات التي كان قد ابرمها مع دمشق. وحين تحول إلى العدو الأول للعراق وشعبه وجعل من أنقرة مأوى للهاربين عن القانون والجماعات الإرهابية.. ودعونا لا ننسى أن تركيا كانت المحرض الأول للفتنة للطائفية في غرب العراق في مطلع هذا العام والتي ما تزال مستمرة إلى اليوم بالوقت الذي كانت فيه المدافع العتيد عن الكرد في شمال العراق.. لقد زار اردوغان العراق من قبل وتشرف بلقاء المرجعية الدينية والتقى بسماحة المرجع الأعلى وقال حينها ما قال بحق المرجع والمرجعية ووقف تحت قبة البرلمان العراقي وألقى فيه خاطبا لم يتكلم بمثله أي رئيس وزراء من قبل في بلد آخر.. لكن اردوغان لم يحترم كل ذلك وضرب بمواقفه هذه عرض الحائط ولم يحترم أي كلمة قالها بحق العراق والشعب العراقي والمرجعية الدينية …هذه هي أخلاق الساسة الترك !!!
السياسية التركية تقوم اليوم على أعادة ترتيب الأوراق بعد الهزات التي تعرضت لها في مصر وسوريا وتعثر التحالف القطري التركي والاضطرابات الداخلية التي عصفت فيها منتصف العام الحالي وتراجع الاقتصاد فيها وتدني مستوى دخل الفرد .. فضلا عن ذلك فتركيا بانتظار انتخابات مهمة ومصيرية في النصف الأول من العام المقبل وهذا يعني ما يعني لحزب اردوغان ..ولذلك تريد تركيا العودة إلى واجهة الأحداث عبر سياسية تقبيل الأيادي بعد أن انهزمت في سياسية لوي الأذرع ..
إما الحديث عن تغير الموقف التركي اتجاه الكرد فلأن العلاقات بين الجانبين قد سلكت طريقا مغاير عندما دخل السيد مسعود برزاني بشكل واضح وصريح في صراع ضد الجماعات الإرهابية في سوريا وتحديدا مع جبهة النصرة ..الكرد اليوم يقفون مع النظام السوري بطريقة آو بأخرى ولذلك لم يعد مسعود حليف لتركيا .
ومن اجل ذلك أذا أردنا أن نقيم موقع السياسية الخارجية العراقية في الإقليم لوجدنا العراق الحلقة الأضعف في هذه المنطقة المضطربة من العالم فحتى سوريا مع ما تمر به من ظروف صعبه وقاسية ما زال النظام فيها من يمسك زمام المبادرة ويتحكم بالمسارات المصيرية …
العراق لن ولم يكون لاعبا مهما ما دام يعيش حالة التفكك الداخلي والفساد السياسي والإداري وتعلب فيه الطائفية بما تشاء ..ولا يستجيب قادته إلى الدعوات المخلصة التي تريد إنقاذه …وكدليل على ذلك..
دعت المرجعية الدينية وعلى لسان الشيخ الكربلائي وقبل أكثر من شهرين دعت الحكومة العراقية إلى أعادة العلاقات مع دول الجوار للقضاء على الإرهاب المتصاعد في العراق وبرر ممثل المرجعية العليا هذا الانفتاح على دول الجوار بضعف الدولة العراقية وعدم قدرتها على أدارة الملف الأمني بمعزل عن التعاون الإقليمي..وقد مثلت هذه الدعوة رغبة المرجعية في جعل المبادرة بيد الحكومة العراقية قبل أن تكون بيد الجانب الآخر وتحصيل بعض المكاسب بذلك وكانت رؤية المرجعية نابعة من تقيمها للوضع التي تمر فيه المنطقة والمتغيرات الحاصلة فيه بسبب الوضع السوري .. لكن احد لم يسمع كلام المرجعية آنذاك ,إلى جاءت زيارة السيد المالكي إلى واشنطن ودعوتها بانفتاح العراق على دول الجوار ..نعم كان قبل هذه الزيارة تقارب بين البلدين نوعا ما لكنه لم يرتقي المستوى المطلوب.. وكان هناك توتر كبير بين البلدين لكن لم يعرف ساسة العراق كيفية أدارة هذه التوتر واللعب بالأوراق التي بأيدهم ضد تركيا مع أن العراق يملك أوراق كثيرة .. أن السياسية العراقية تنتظر التغيرات الإقليمية والدولية لتضعها في المكان المقرر لها لأنها لا تملك أي وسيلة لتضع نفسها في المكان المناسب لها بين اللاعبين الكبار …