19 ديسمبر، 2024 11:58 م

مراجعــــــــــــات-الأيدولوجيا

مراجعــــــــــــات-الأيدولوجيا

صناعة الأيدولوجيا:

في واقعنا تصنع الأيدولوجيات من شخص واحد ويتبعه الاخرون بالأمل، ولا تصنع الأيدولوجيامؤسسات او مراكز دراسات تبقى متابعة للأداءومحسنة ومرممة للإخفاقات، فيأتي شخص او مجموعة تدعمه ليقرر مشكلة الامة او مشكلة الإسلام وامة الإسلام، ليقع على نقطة معينة ولكوننا نحب التبسيط وحصر الأسباب بسبب واحد او اثنين، فسيبني ايدلوجيا على هذا السبب وغيره يبني على سبب آخر ولأننا لانفهم معنى التواصل ولا التنافس والاجتماع فسيظن كل منهم ان ورقة الحقيقة معه فيعتبر الاخرين تافهين او كفرة او أي شيء والان تطورت الأمور الى استحلال الدماء لكل مخالف دون حوار ولا الظن ان هنالك إمكانية للاستفادة من احد اراءه، لهذا نرى فرق متعددة متناحرة تنشغل ببعضها عن الهدف الحقيقي او من اجله ويتسرب اليها الفساد وتنحرف لتبقى تقدس حتى فسادها وفشلها.

الأيدولوجيات هذه ولكي تتشبث بانها تملك الحقيقة ولأنها تفشل ان تقدم شيء للناس او تحسين الواقع، تذهب للتأصيل لوجودها في الماضي فلا تكتفي ان تشوه الواقع بل تشوه التاريخ وربما يقيد الإسلاميون الإسلام بأضيق ما يمكن من فهم وهو واسع، ولأنهم لا يقبلون المختلف عنهم بالتشخيص فسيكون هنالك عداء وتسفيه بينهم وكلهم يستخدم النصوص فيشوهونها هي الأخرى، ويعودون ليقولون ان الناس لا تؤمنبدينها ولا تتبعه فالسبب في فشلنا الناس، كذلك العلمانيون، فهم يستوردون فكرة لا ضماناتلنجاحها او مناسبتها لواقعنا ومن شخص يربط ويؤصل لمشكلة اهله ويفشل في ادخال الناس في قالبها ثم يقول ان الناس السبب وهكذا يجري القمع والاعدام كما تفعل الحركات المتطرفة او كما فعل ستالين من اجل تطبيق قانون واحد في الجمعيات الفلاحية، هذه القناعة التي تجرف المجتمع ونسيجه (جئنا لنبقى ونغيركم كما نريد) وليس جئنا لنخدم فان فشلنا فعليكم إيجاد البديلهي حركات عدمية لا تبني دولة للإنسان.

الناس والمؤيدين سيتبعون هذه الأيدلوجيا او تلك على امل المجتمع الشيوعي الذي يتساوى به الافراد وكل امر مشاع، او على مجتمع ليبرالي كل شيء يؤدي للرفاهية والحياة الامنة السعيدة، او مجتمع إسلامي يقيم العدل ويرفع الامة ونهضتها الى ما كانت عليه وهي نقطة نحتاج التوقف عندها في نقاش الحركات المؤدلجة.

خلاصة القول ان هنالك حاجة لايدلوجيا ولكن ايدلوجيا تبنيها وتتابع مسارها وادائها مراكز دراسات وتطوير متعددة تنظر لكل خطوة وفكرة بتجرد وتعدل المسارات.

فالايدلوجيا كما عرفناها أعلاه بالسرد نضع لها تعريفا أكاديميا مختصرا: هي تشخيص لمشكلة الامة ورؤية لحل وامل بمستقبل أفضل ونهضة للامة.

حركات ذات ايدلوجيا:

الفكر الشيوعي: انبثقت عنه أيدولوجيات لا تحصى اشتراكية، كل يظن انه يملك الحقيقة قومية واممية، وفشلت الفكرة الشيوعية عدى الفكرة الماوية في الصين التي تطورت فلم تعد تدعو للأممية وانما اتخذت جانب الانتشار الاقتصاديالمختلط فدخلت في منافسة اقتصادية على السوق مع النظام الرأسمالي، وهو الذي انبثقت عنه وعن آلياته أيضا أيدولوجيات متعددة لكنها حافظت على تنافسها في السوق من خلال أدوات سياسية اقتصادية لتستحوذ على مناطق النفوذ، وهذا ما تحاول روسيا الان الدخول به، لكنها جميعا لم تنجح في تحقيق وعودها فتعتبر نظم ايدلوجيا عقيمة، كذلك الحال على الأيدولوجيات الإسلامية ومنها تنظيمات متعددة للإخوان المسلمين، وتنظيم التحرير وتنظيمات متشددة متطرفة مستعجلة لما فشلت به التنظيمات الاخوانية والتحرير ووصلت مرحلة من السطحية الفكرية اضر بالهدف بالوسيلة والفكرة والمنهج.

الفكر عند التحرير يتشابه مع الاخوان في سبب الفشل بنقاط متعددة

الأيدولوجيا بناها شخص واحد كرد فعل على نقطة محددة كسقوط الخلافة او مفهوم الخلافة وادبيات الفكر، لكن ما لاحظته ان أي بعد حسن البنا والنبهاني لم يك بمستوى هذين الصانعين لايدلوجية جماعتهما، ناهيك ان هذا سيؤدي الى تقديس تلك الأفكار مما يمنع مراجعتها وتعديلها وتطويرها وهما وضعا البدايات لكن لم يضعا آليات التعديل والاعتبار.
حركة الاخوان وبعد دخولها المعترك السياسي وجدت ان الفكر الإسلامي المتاح والمنقول من الماضي لا يعالج الواقع بعقلية الفقهاء في العصور السابقة مع ان هذه النصوص لهؤلاء الفقهاء دخلت القدسية أيضا وان الخلافة كفكرة بذات النمط في صدر الإسلام لم ينظر اليها بمنطق التاريخ وأنها مرحلة تاريخية تحتاج تعديل، وان الخلافة على منهج النبوة ليس بالضرورة ان يكون شكلا بذات صفة الراشدين او الامويين والعباسيين او العثمانيين، وهذه النظم بعد الراشدين تمثل شكلا ملكيا يكتسب شرعية المتغلب العرفية، وهنالك أمور في الفقه المنقول متأثرة بظروف تاريخية ليست من الإسلام كنصوص وهدف، كان تأخذ موقف حربي وعدائي من الغرب كرد فعل على الموقف في عهد الروم وسلوكيات حروب الفرنجة وما فعله المحتلون مما يرسخ هذا العداء عند الطرفين، خطأ الاخوان لم يعدلوه فيظهروه وهذا ما جعل الغرب يحذرهم كمتآمرين او لغز، اما التحرير فهو كالصين لم يخف ما يريد فكانت مقاومته وانهاء فاعليته اسهل ناهيك انه فكر لم يتطور ابدا فاصبح مرتكزا على فكرة الخلافة وبعيدا تماما عن الواقع، رغم رقي طرح النبهاني واسلوبه في ما يعد من رقي علم الكلام وفلسفة الفكر التي لم تتم لأنه اعتبر الفلسفة كشيء سلبي، الحقيقة ان حجب المراجعة بتقديس الفكرة وبناء الرمزية قيد فاعلية هذه الحركات وفهمها لفاعلية الإسلام جعل هنالك تباعد وعداء أحيانا بينها وبين النظم التي في البلاد الإسلامية وكان بالإمكان ان تحقق نجاحا اكبر لو غادرت الشكلية في المنقول وربما كسبت السياسيين والعوائل الحاكمة لأهدافها، لكن الفشل في المراجعات وتطوير الاليات وتوسيع الفكرة لفقدان المؤسساتية كان من أسباب اعاقتها وتشتيتها رغم قوة تنظيمها… وهو ما يناقش في المقال القادم.

أحدث المقالات

أحدث المقالات