23 ديسمبر، 2024 1:13 م

مراجعة ومحاسبة هادئة ومنصفة لعهد المالكي – 11

مراجعة ومحاسبة هادئة ومنصفة لعهد المالكي – 11

احاول في هذا الجهد المتواضع ان اسلط الضوء على مرحلة صعبة من تاريخ العراق مستعيناً بأشخاص لديهم معلومات موثقة احاول ان أقاطعها مع بعض خدمة للحقيقة وأهمل منها غير المقنع والمتجني والشامت، فنوري المالكي  وبجردة حساب منصفة له لابد ان تتم مراجعة فترة حكمه الثمان سنوات التي حكمها بموضوعية ليس للنيل منه وإنما من أجل العراق ومستقبله وتاريخه ولكي لا نتحدث تحت ضغط وتأثير العواطف الطائفية او الشخصية وإنما بتجرد منصف للرجل وللتجربة ولنوثق للتأريخ هذه الحقبة التي تمتد من ٢٠٠٦-٢٠١٤ من تأريخ العراق وأدعو هنا من يقومني او يصحح من خطأ يراه للتوثيق وليس للرأي، فالآراء حول الرجل متضاربة ويصدم بعضها بعضاً فمنهم من يحبه ويعشقه ولا يرى فيه من خطأ وان كان فيه بعض منه فإنه يلتمس له العذر، وآخرون يرون فيه أخطاء متراكمة وأزمات مفتعلة لم يكن مضطراً لها بل هي جزء من عقليته وفكره، وهذا أيضاً يدخل في باب الرأي وهو ليس موضوعنا هنا.

المالكي وحاشيته: جمع المالكي في بداية ولايته الاولى أشخاصاً نكرات لم يكن احد يعلم بوجودهم غير الحلقات الحزبية الداخلية، كان في مقدمتهم طارق نجم الذي استقدمه حزب المالكي من لندن الذي لجأ اليها وتم تعيينه مديرا لمكتب المالكي بعد ان تم رفض أحمد السعداوي كمدير مكتب مؤقت ونصيحة من الأمريكان للمالكي بأن السعداوي له تأريخ سئ في كندا حيث خدع الكثير من العراقيين ونصب عليهم في شركة عقارية لتنمية مدخراتهم وهرب بها، طارق نجم لم تكن لديه اي خبرة ادارية فهو مدرس لغة عربية ولكنه هادئ الطبع ويتمتع بخلق أفضل يتميز به عن باقي الدعاة، كان عمل طارق منحصرا في ملأ الدولة ومؤسساتها بأفراد من حزب الدعوة بوظيفة مدير عام فما دون وكان يوميا يصدر ما لا يقل عن مائة ملف باتجاه تلك المؤسسات التي لا تجرؤ اي منها على رفض امر من مكتب دولة رئيس الوزراء، طارق نجم اعترض بقوة على ظهور نجم احمد المالكي ومحاولة المالكي بتعيينه نأئبا لمدير المكتب وبالنهاية فانه جمع اوراقة وقفل راجعاً الى لندن ليترك للمالكي حرية تعيين ابنه نائبا لمدير المكتب الجديد حامد الموسوي. اما الشخصية الثانية فهو ياسين مجيد، وهو مراسل لراديو البي بي سي في طهران ولا علاقة له بالأعلام من قريب او من بعيد وهو شخصية غير مرغوب بها في أوساط الدعوة لانغماسه الكبير في أيديولوجيا ولاية الفقيه، لكنه لم يستفد من الإيرانيين غير الحصول على الجنسية الإيرانية لانه تزوج بسيدة إيرانية، والذي سلمه المالكي وظيفة المستشار الإعلامي وهو شخص قليل العلاقات ومتجهم الوجه وقدراته محدودة وبدأ عمله بمواجهات مع محطات فضائية كبرى كالعربية والجزيرة والشرقية ليعطيهم رسالة بانه هو من يمنع ويمنح رخص النشاط الإعلامي، وتميز عمله بخصومات ومواقف متشنجة مع كل الفرقاء، السياسيين والإعلاميين وكان جزءا من مايسمى بمستشاري الدشاديش، وهو جزء أساسي من مشروع إفشال المالكي وبعض توجهاته الانفتاحية حيث كان يمثل مع آخرين رموز التأزيم والتشدد مع الشركاء الشيعة، وأسهم بصورة مباشرة في تشويه سمعة عادل عبد المهدي في قضية مصرف الزوية، وحيث انه لا يمتلك اي من مقومات النجاح الذاتية فانه اصبح نسيا منسيا الان ولا بصمة له على اي شئ.  اما الثالث فقد كان گاطع الركابي او أبو مجاهد الذي كان بوابة الدخول للمالكي وهو شخص طيب القلب ومتواضع في تحصيله الدراسي حيث لم يكمل المدرسة المتوسطة وكان يعمل قصابا في الكويت في منطقة الدسمة ومن ثم رحل لسوريا ولاجئا لاستراليا، استفاد ابو مجاهد من موقعه لأقصى درجة وأصبحت محطته في نهاية الأسبوع بيروت او دبي حيث كانت تتم صفقات السمسرة نيابة عن المالكي وابتدأ عملا مزدهرا في كل وزارات الدولة من شراء الديزل وعقود المقاولات وعقود الكهرباء والنفط والاتصالات وكل ما تطاله اليد والعين وجمع ثروة ضخمة حتى انه كان يلبس ساعات سويسرية فاخرة بقيمة ١٠٠،٠٠٠ دولار وموبايل فيرچو قيمته ٢٥،٠٠٠ دولار وبدلات وربطات عنق لم يسمع بها وكان الرجل ذكيا جداً ودخل مع الأخوة الدباس في صفقات شراء الدولار من البنك المركزي. اما الشخصية الرابعة فهم الاصهار ياسر وحسين المالكيان، وهم متواضعوا التحصيل الدراسي حيث لم يكمل اي منهم الثانوية واضطروا لأداء امتحان خارجي استثناءا دون حصولهم على شهادات الرابع والخامس الثانوي وأعطيت لهم الأسئلة الامتحانية ونجحوا، وقد شملهم المالكي كضباط دمج حيث منحوا رتبة عقيد في الجيش لكل منهم وتمت ترقية ياسر الى رتبة فريق حيث كان يقود الجهد التنسيقي العسكري ضد حرب داعش، بدأ ياسر وحسين (ابو رحاب) بتوزيع العطيات والأموال والوظائف في كربلاء بصورة ملفتة حيث منحت لهم درجات وظيفية من الداخلية والأمن الوطني وكذلك تعيينات في ما يسمى الفوج الرئاسي والذي اصبح اكثر من فرقة في تعداده وافتتح كل منهم مؤسسات ومكاتب في كربلاء تحت مسمى مؤسسة الرحاب الخيرية استعدادا للانتخابات النيابية في ٢٠١٤ حيث توزعت أموال تقدر بعشرين مليون دولار علر رؤوس العشائر والوجهاء وتوزيع كوبونات أراضي على الفقراء وتمكن ابو رحاب من حصد ٥٤٠٠٠ صوت وياسر ٤٨٠٠٠ صوت انتخابي بينما الوزير والشخص الثاني في الدعوة والمحافظ الحقيقي لكربلاء علي الأديب بالكاد حصل على ١٤٠٠٠ صوت.
اما الشخص الاخر فهو المستشار الإعلامي علي الموسوي، الذي كان يعمل قارئ مجالس حسينية بالمناسبات ويلبس العمامة بالمناسبات أيضاً حيث انه ليس رجل دين منتظم بالدراسة ولم يُكمل الدراسة الثانوية، وقدمه المالكي للتصويت عليه في مجلس الوزراء فاعترض وزير التعليم العالي عبد ذياب العجيلي عليه بان شهادة الماجستير التي قدمها هي مزورة ومن معهد دراسات وهمي في طهران كانت الخارجية الإيرانية قد حذرت نظيرتها العراقية من هذا المعهد الوهمي، مما احدث ارتباكا كبيرا للمالكي في جلسة مجلس الوزراء الذي اضطر لإنهاء الاجتماع قبل الثانية عشرة ظهرا وهذا امر لم يحصل ابداً، وبدأ الموسوي يشق طريقه مدعوماً من المالكي الذي تربطه علاقة قرابة به عن طريق زوجته ام إسراء، استحوذ الموسوي على تخصيصات مالية هائلة من أموال السمسرة لشراء الذمم والصحف ودخل في حلقة السمسرة مع ابن المالكي احمد وعزت الشابندر مما وفر لهم قدرات مالية هائلة مكنتهم من التفاهم مع قناة السومرية والشرقية التي تم تكريمها بعشرة مليون دولار هدية للصحفي المخلص سعد البزاز، كذلك تم تأسيس موقع المسلة الإخباري بتمويل مباشر من جمال الكربولي وكان الموقع ينفرد بنشر معلومات حصرية تمهيدا لإنجاحه وتطويره وتم توظيف موظفا خاصا في المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء ليمد الموقع بالأخبار حال وقوعها، واستخدم الموسوي موقع المسلة لتسقيط خصوم المالكي، وحدثنا احد المصادر بان هذا الموقع قد استهدف علي الدباغ بصورة مباشرة ومتتالية كما استهدف باقر صولاغ وعادل عبد المهدي وأسامة النجيفي، وفي النهاية فان المالكي قد نقل الموسوي لوزارة الخارجية ويقال بان ابن علي الموسوي عرفان قد طلب المالكي توظيفة في السفارة العراقية في واشنطن كجزء من حملة التعيينات والتنقلات قبل ان تتم الإطاحة بالمالكي. 
*[email protected]