18 ديسمبر، 2024 8:10 م

مذكرات من كراج امانه رقم3

مذكرات من كراج امانه رقم3

في السبعينات كانت تتلألأ مجموعة من النوادي العائلية والاجتماعية والرياضية لأبنا شعبنا في منطقة كراج امانه رقم 3 بنشاطاتها الرائعة برغم أجندة نظام البعث وكبته لحرية الرأي والفكر ، وملاحقته المثقفين والفنانين في نشاطاتهم وأجندتهم إذا لم تكن متناغمة مع نهج البعث..
أذكر منها :-
نادي أور العائلي .
النادي الوطني الآثوري.
نادي المشرق العائلي.
النادي الرياضي الآشوري .
وغيرها ..
1) أتذكر في احدى أماسي النادي الرياضي الآشوري التي حضرتها مع بعض الاصدقاء والصديقات انفرد المطرب الراحل بيبا بصوته العذب وكأنه يرغمنا من حيث لا نفكر ان نتحمس في الرقص على وقع مجموعة رائعة من اغانيه ..
رقصنا وانتشينا ، وكانت سويعات حلوة وممتعة .. كيف لا ونحن في عز الشباب ، وحلاوة الانطلاق ، ونشوة السكر والعربدة ..
مرت سويعات الحفل بسرعة دون ان نشعر بها ، بعد ان أمضينا وقتا رائعا في نشوة الانتعاش مع الاحبة ..
عندما انتهى الحفل وبدأ الجمهور بالتفرق لفت انتباهنا ان المطرب بيبا قد فاز بواحدة من اجمل الصبايا الموجودات في الحفل وهي تقوده ، وهو يترنح ويتأرجح ذات اليمين والشمال نتيجة افراطه في تناول الكحول ، ثم تمسك بذراعه تلك الحسناء التي ارتدت فستانا يظهر جمال مفاتنها الغارقة في الاغراء ليسيل لها لعاب الشباب الملتهب والمتدفق حيوية ..
ثم غادرا الحفل لا نعلم الى أين كان وجهتهم ، لكننا نحن الشباب بقينا نلاحقهم بنظراتنا الى ان اختفيا عن انظارنا ونحن نحسدهم على نعمة العشق والانتشاء التي كنا نحلم بها ..

× × × × × ×

2) بداية السبعينات كنا ندرس المسرح ، اتفقنا أنا والفنان المسرحي زهير عبد المسيح ، والفنان المسرحي الراحل داود زيا ، وياقو جماني ، مع مجموعة اخرى رائعة من طلبة أكاديمية ومعهد الفنون الجميلة ببغداد يومها بأن نعمل على انتاج عمل مسرحي بلغة السورد ، وبأمكانيات مادية متواضعة جدا.
وقع الاختيار على نص مسرحي بعنوان (الفطور الساعة الثامنة – طمتا ساعة تمنيا) ترجمة الفنان المسرحي الراحل سامي عبد الحميد ، تخونني الذاكره في تذكر مؤلفها . المسرحية كانت منشورة في مجلة (العاملون في النفط) وتم اسناد مهمة الاخراج لصديقي الفنان المسرحي زهير عبد المسيح ، ومثلت انا دور البطولة في المسرحية .
بدأنا التمارين بنشاط وهمّة كبيرين ، وفي بحر فترة قياسية لم تتعد اسبوعين تم إنضاج العمل على نهج مدرسة تروتوفسكي في ال (مسرح الفقير) ، ثم تقديمه وعرضه لمدة (15) يوم في حديقة النادي الوطني الآثوري ، ولاقى اقبالا واستحسانا جماهيرا واسعا ..
اتسمت المسرحية بمواصفات اكاديمة برغم تواضع الامكانيات المتاحة ، ولعل الفضل كان يعود لفريق العمل المتحمس للنشاط والعمل الفني دون مقابل ، تلك الصفة الرائعة التي يفتقر اليها من يعمل في مجال المسرح اليوم ..

× × × × × ×

3) في تلك الحقبة تحديدا في اواسط السبعينات قدمت في نادي اور العائلي مسرحية الاطفال (العصفور والقرنفله) . تأليف الكاتب البصري جبار صبري العطيه ، واخرجتها أنا ، ومثلت فيها دور (الغراب) ، وشارك فيها مجموعه من اطفال عوائل النادي ، إضافة لمجموعة طيبة من طلاب وطالبات اكاديمية ومعهد الفنون الجميله ، أذكر منهم المسرحي الراحل عادل كوركيس ، والفنانه المسرحيه سعاد جواد وغيرهما ، واستمر عرضها لعشرة ايام ، وحققت نجاحا رائعا ..
تلك كانت جزء من شواهد ونماذج من نشاطات الاندية الاجتماعية والعائلية والرياضية في تلك الحقبة ، إضافة لأماسي ثقافية ومبارات رياضية ، وتجمعات رائعة لمجاميع من أشهر الشعراء الشعبيين العراقيين لقرائة الشعر الشعبي وغيرها الكثير ..
لماذا تفتقر بغداد اليوم لتلك الاجندة المفعمة بالحلاوة والرقي وهي تدعي بأنها جلبت لنا الديمقراطية ؟!..
يقينا إنها ديمقراطية فجّة ، ومفعمة بالمد الداعشي من كل حدب وصوب . حيث صار ملاحقة الكفاءات والناشطين المدنيين ، والمتظاهرين السلميين المطالبين بحقوقهم على ايدي الميليشيات المنفلتة لغة العصر لحكومات بعد 2003..