مقدمة : صدر بداية هذا العام في أقليم كردستان العراق – مدينة السليمانية مذكرات الكاتب والصحفي الكردي عبدالله عباس رئيس تحرير صحيفة ( هاوكاري ) الكردية اليومية التي كانت تصدر في بغداد منذ عام 1970 الى 2003 كان هو من المحررين الاوائل فيها الى ان اصبح رئيس تحريرها منذ 1996 الى 2003 ‘ في هذه المذكرات المعنونه ( هكذا فتحت الابواب / احداث الصحافة والثقافة الكردية في العراق من 1961 الى نيسان 2003 ) في 396 صفحة ‘ خصص الكاتب فصل مطول للحديث عن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين و لقاءاته معه بحكم عمله الصحفي و انطباعاته عن تلك اللقاءات و يسجل رأيه ايضا كمواطن كردي و صحفي بالرئيس الراحل ‘ هنا ترجمة هذه الانطباعات في جزئين قام الكاتب نفسه بترجمته من اللغة الكردية …
………………………………………………………………………
( 1 – 2 )
صدام حسين : من بعيد ومن قريب
بحكم مهنتي ‘ كصحفي كردي ‘ وانا اكتب مذكراتي الصحفية ‘ رايت من الضروري ان اتحدث عن الرجل الذي حكم العراق اكثر من ثلاثة عقود وشغل خلال تلك السنوات العالم بمواقفة وتصرفاته وسياستة التي اعتمدها في حكمه خلال تلك السنوات ‘ وهو الرئيس العراقي الراحل ( صدام حسين ) و كمواطن كردي اولا جذب انتباهي المبكر من بعيد وبعد ذلك من قريب عندما حصلت لي فرصة للقاء به مباشرة لاكثر من مرة واوكد حصل ذلك بحكم مهنتي ولم اكن ساعيا ( اقوله بصدق ) لتلك اللقاءات .
واتحدث عن هذا الموضوع بدون خوف وبدون مجاملة وبعيدا عن التسويف والطعن ‘ وانما اسجل ذكرياتي و اضيف انطباعي كانسان ‘عن الحدث و عن ذلك الشخص الذي دخل التاريخ ولكل رؤياه و تقيمه على صفحات تاريخ حياته ونهايته و تحت التراب بالشكل الذي رئاه العالم .
بدئا ‘ مصمم ان اوكد وبوضوح : لم اتوسط ولم اكتب ولم اطلب لامنه ولا من ‘ ممكن ان يتوسط لي لكي احصل اي شي من الرجل او التقي به شاكيا او مادحا ‘ بل حصل ماأرويه من اللقاءات كما قلت بحكم مهنتي ( رئيس تحرير لصحيفة كردية مركزية ) كانت تصدر في بغداد العاصمة ضمن ستة صحف يومية .
منذ اول موقف وأول مشهد :
اتذكر ذلك جيدا ‘ كان شهر تشرين الثاني 1969 ‘ كنت ضمن تنظيمات الحزب الديمقراطي الكردستاني ( جناح المكتب السياسي ) وضمن خلية حزبية مسؤول عنها الزميل الصحفي القدير ( سربست بامرني ) وكنا معه خمسة من الزملاء من العاملين في مجال الصحافة والاعلام الكردية اتذكر منهم الشاعر الراحل جلال مرزا كريم ‘ وفي مساء اليوم الاخير من اسبوع ذلك الشهر حضرنا اخر اجتماع حزبي قبل صدور اتفاقية اذار بداية عام 1970 في دار الاخ سربست في البلديات – بغداد ‘ وفي نهاية الاجتماع انا اثرت اسم ( صدام حسين )…كيف ؟
صباح ذلك اليوم وبعد انتهاء دوامي الرسمي في الاذاعة الكردية في بغداد حيث كنت المذيع الخفر الصباحي ‘ توجهت الى المكتبة التي كانت مقابل بناية مؤسسة الاذاعة والتلفزيون والتي تبيع الصحف والمجلات ‘ اشتريت نسخة من مجلة ( الصياد ) اللبنانية ‘ و بعد غذاء الظهر بدأت بتصفح المجلة ‘ وكما كانت معروفه هي مجلة الاثارة في نشر التقارير والتحليلات السياسية في المنطقة وكانت تنشر عمود في الصفحة الثالثة على ما أتذكر تحت عنوان ( الاسرار ) لنشر معلومات مهمة ذات طابع الاثارة عن الوضع السياسي في الدول العربية ‘في ذلك العدد كان السر الاول معه صورة تخطيطية لصدام حسين تحت عنوان : ( من يحكم العراق ) ‘ ومضمون كشف السر مايلي : ( ان وجود احمد حسن البكر على رأس الحكم في العراق واجه فقط والحاكم المتنفذ في ذلك البلد هو رجل شاب قوي واقف خلف ستارالسلطة التنفيذية في بغداد ويحرك الوجوه والاشخاص الذين يعتقد الناس في العراق انهم المسؤولون ضمن الحكومة ‘ وهذا الشاب اسمه صدام حسين وان المصادر المعلوماتية الدولية يعتقدون بانه وفي المستقبل القريب سيكون له شأن كبير في الكثير من الاحداث التي ستغير من ثوابت الحكم في العراق ووضع المنطقة والعالم ايضا ) .
وطرحت موضوع الخبر او المعلومة ( الصياد ) بالقول : هذا رجل يظهر الان فقط ضمن النشاطات الحزبية التي تنظم للقاء القادة الحزبيين مباشرة مع الناس ‘ وكان في ذلك الوقت اخر لقاء عرض في تلفزيون بغداد لصدام حسين ضمن الحضور في الاجتماع الجماهيري في ملعب الكشافة و اتذكر ان صلاح عمر العلي وزير الاعلام في ذلك الوقت ‘ تحدث في الاجتماع قبله ‘ فطرحت على الحضور في الاجتماع السؤال التالي : تعتقدون ان كشف هذا السر في مجلة الصياد حقيقي ام فقط للاثارة تلجأ اليها بعض الصحف العربية وفي لبنان على وجه الخصوص ؟ وكل حسب فهمه الشبابي عن احداث تلك المرحلة علق على الموضوع .
بالنسبة لى ان الخبر و من منطلق الحسي الصحفي كان يدفعني في تلك المرحلة للبحث والمتابعة ووضع البحث عن صدام حسين ضمن دائرة اهتمامي الصحفي ..! حيث كلما كنت اقرأ اي خبر يتضمن اسمه او ينشر معه صورته ادقق فية بتأني كانني ابحث عن جواب للسؤال : هل صحيح ان هذا الرجل يحكمنا خلف الستار وماذا يعني حكم خلف الستار ؟ وكنت اقراء من بعض الصحف باحثا عن المعنى والجواب ..!
صدر في نهاية تشرين الثاني عام 1969 قرار مجلس قيادة الثورة بالاعتراف بالحقوق الثقافية للكرد و بعده مباشرة القرار الاخر بالحقوق الثقافية للاقليات الاخرى التركمان و السريان …الخ في تلك الايام وفي احد زياراتي لمكتب الاستاذ الراحل حلمي علي شريف في جريدة ( النور ) سمعت باجتماع مطول بين الاستاذ الراحل الخالد ابراهيم احمد مع صدام حسين وتم اصدار تلك القرارت بعد ذلك بأيام … وسماع هذه المعلومة بالنسبة لي كانت برقية توضيح وتاكيد على صحة خبر الصياد ..!
****
في الجزء المتعلق ببدأ هجوم التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة لاحتلال العراق تحت العنوان الكاذب ( حملة تحرير العراق ) في مذكراتي والذي نشر في حلقتين في ( الزمان الغراء ) قلت : ( ان النفاق السياسي في الشرق الاوسط بسبب انتهازية القادة السياسيين في التنظيمات السياسية هو احد اسباب الانتكاسات المتتالية التي تصيب منذ اواسط الخمسينات الحركات الوطنية لشعوب المنطقة المنكوبة منذ تنفيذ وعد بلفور ‘ يشاركون فى ابراز القادة والحكام بشكل مبالغ لحين يكتشفون عدم استعداده ليكون لعبة بيدهم او يشعرون انه في التعامل مع استراتيجية الهيمنه الغربية ‘ سيكون موقف ذلك الحاكم يتعارض مع تلك الاستراتيجية وفي المقدمة موقفه تجاه ذلك الكيان المسخ الذي زرعه الغرب في قلب الشرق الاوسط …!!
كل القادة السياسيين والتنظيمات السياسية في هذه المنطقة من اليسار والقوميين والوطنيين المحايدين وبدعم من الحركات العالمية بدا من الحزب الشيوعي السوفيتي ولم تنتهي بـ ( تيتو ) اليوغسلافي وحركات التحرر في افريقا و امريكا اللاتينية ‘ شاركو مشاركة فعلية في ابراز صدام حسين قائدا لمستقبل التحرر المنتصر في المنطقة والعالم ‘ قادة السوفييت و اوربا الشرقية ينتظرون لقائه بحرارة ‘ ففي ضوء هذا المشهد وظهور هذا الرجل من خلف الستار الى الضوء والقرارات الثورية بينت انه هو كان ورائها ‘ بدا بالتحالف الاسترتيجي مع السوفييت و الاعتراف بالمانية الشرقية و في الداخل ‘ بناء جبهة وطنية مع الحزب الشيوعي و اتفاقية (11 اذار) الى قرار التاميم ‘ كل ذلك جعل من صدام حسين محل اهتمام الشباب العراقي في نهاية الستينات وانا كنت من ضمنهم ‘ كنا نناقش مواقفه والقرارات المهمة التي نسمع انه كان ورائها ‘ كان من ضمن الاهداف ‘ وحلما ضحى اهل العراق الطيبين بالكثير من اجل تحقيقة ‘ كقرار الاعتراف بحق الحكم الذاتي لكردستان و تأميم النفط مثلا ‘ فكنا نعتقد ان هذا الرجل سيسير العراق الى الامام وسيكون العراق وطن لجميع المكونات يتسع لحرية الاختيار والبناء للجميع وسوف لايمر وقت طويل سنرى العراق بارزا بين الاوطان كنموذج خير للحرية وسمعت من اكثر الشيوعيين يتحدثون عن صدام حسين كانه كاسترو الشرق الاوسط في التحدي الثوري للامبريالية العالمية … )
بالنسبة لنا شباب الكرد كان بروز اسم صدام حسين كمبادر اول للوصول الى اتفاقية 11 اذار 1970 وضعه في موقع التقدير والاعجاب ‘ خصوصا عندما نسمع بعد هذا الانجاز بعض من اقوله حول هذا المنجز اذ ما كان يشبه في تصريحاته السياسيين التقليدين العراقيين الذين كانوا تصدوا قبله لحل مسالة القومية الكردية في العراق وحقوقها المشروعة كقوله عن تطبيق بنوده عندما اكد الالتزام بالتنفيذ بقوله ( ستحرق مراحل الزمن من اجل ذلك …الخ ) و ( اذا توجهنا الى الوحدة مع اي دولة عربية سنوسع من حقوق القومية للكرد حتى لايشعرون بان وحدة العرب يضعهم في موقع الاقلية ويشعرون بالخوف من المستقبل – حديثه مطول مع الصحفي فؤاد مطر )
وكاشارة الى التحقيق الذي نبهه اليه الخبر السري الذي نشر في ( الصياد ) حيث ظهر صدام من خلف الستار الى اوسع مدى للرؤيا على مسرح العراق الواسع هكذا كان نظرة ذلك الجيل ( جيلنا ) له الى يوم 17 تموز 1979 عندما فاجأ العراقيين بظهور الرئيس الراحل احمد حسن البكر وهو يعلن تخليه عن موقع القياده في العراق له .
كنت ضمن هيئة تحرير صحيفة ( هاوكاري ) عند صدور اتفاقية 11 اذار الذي أعترف بحق القومية الكردية في الحكم الذاتي ‘ فاعتبرنا هذه الاتفاقية خطوة جريئة و تثبيت هذا الحق بالدستور والقرارات الرسمية الموثوقة فرصة اذا سارت الامور بشكل جيد وتم الالتزام بخطوات تنفيذه ‘ سيفتح الباب مستقبلا امام تحقيق حق تقرير المصير للقومية الكردية وانه سياتي يوم يصل مسيرة هذا الشعب الى رفع علم الاستقلال ‘ وبعيدا عن المزايدات السياسية ( الموقف في حينه ) كنا نعتبر ان صدام حسين ( بغض النظر عن نيته داخل نفسه وما جرى بعد 1979 ) مبادر لخلق تلك الفرصة بحيث لايستطيع اي حاكم في العراق من بعده ان يتراجع عن التجاوب مع طموح الكرد ولايستطيع اعادة عجلة التاريخ الى الخلف .
اول رؤية لصدام حسين وجه لوجه :
اواسط شباط 1970 ‘ تم تشكيل لجنة عليا من قبل اتحاد طلبة كردستان في جامعات بغداد لاعداد برنامج احتفالي لمناسبة عيد ( نه ورؤز ) في بغداد ‘ كنت بالاضافة الى عملي في صحيفة ( هاوكاري ) اعمل مذيعا في الاذاعة الكردية ‘ لذلك تم اختياري من قبل الشهيدين ( شاسوار جلال و فاضل ملا محمود ) اعضاء في قيادة اتحاد طلبة كوردستان ‘ لاقوم بعمل ( عريف الحفل ) في تلك الاحتفالية ‘ عند صدور اتفاقية 11 اذار ظهر توجه لالغاء الاحتفال لان في ذلك الوقت لاتزال مشكلة ( انشقاق جناحي الحزب الديمقراطي الكردستاني ) قائما و اتحاد الطلبة الذي تولى اعداد الاحتفال كان مرتبط بجناح المكتب السياسي ‘ ولكن في الاخير كان القرار للجنة العليا للاحتفال بقيامه ‘ تم اختيار منطقة ( سلمان باك ) للاحتفال وكان موعد يوم الجمعة الذي جاء بعد 21 اذار تاريخ عيد ( نه ورؤز )
حضر الاحتفال جميع الطلبة الكرد والكثير من الطلبة العرب ومئات من العوائل و عدد من اعضاء المكتب السياسي ‘ بعد بدء الاحتفال بكلمة طلبة كردستان وتقديم النشيد بقليل ظهرت حركة غير اعتيادية في مكان جلوس قادة الحزب و اتحاد الطلبة ‘ عرفنا ان ( صدام حسين – نائب رئيس مجلس قيادة الثورة ) حضر موقع الاحتفال و بعد جلوسة جائني احد مسؤولي الاحتفال و سلمني ورقة مكتوب فيها باللغتين العربية والكردية الترحيب بحضوره ومشاركته احتفال العيد القومي لشعبنا الكردي بعد ذلك قدم بعض الاغاني والاناشيد ‘ وتوقف برنامج الاحتفال وقام صدام ومعة غانم عبدالجليل و برزان التكريتي للذهاب ‘ بعد أن صافح القيادين و من الحضور الاخرين‘ انا كنت ضمن من صافحه ‘…فكان ذلك اول رؤية مباشرة تبعه لقاءات اخرى اكثر قربا …!!
الرؤية الثانية اكثر قربا ..!
اثناء الحرب العراقية الايرانية و تحديدا في 9 اذار 1982 ‘ قامت دارالثقافة والنشر الكردية بعقد اجتماع موسع لمناقشة ورقة عمل الدار خلال العام وأن هذا النشاط من الثوابت ضمن برنامج وزارة الثقافة والاعلام سنويا يحضره منتسبي الدائرة المعنية والمدراء العامين لكل مؤسسات الوزارة مع الوزير .
عقد اجتماع في قاعة قصر الثقافة خلف وزارة الدفاع وبجانب المدرسة المستنصرية وهي قاعة تاريخية للبرلمان العراقي في العهد الملكي ‘ كان وزير الاعلام لطيف نصيف جاسم و كان مدير عام لدارنا مصلح الجلالي ‘ بدأت الجلسة بجلوس هيئة الاشراف على المناقشة وهم المدير العام و مدير الادارة كان في حينه المرحوم حسين البرزنجي و مدير الشؤون الثقافية في حينه الشاعر صلاح شوان ‘ بعد قراءة ورقة العمل صعد الوزير على المنصة لابداء رأيه عنها ‘ بعد ان تحدث عن مضمون الورقة دعى الكتاب والمثقفين الكرد ان يكونوا شجعان في ابداء اراءهم عندما يريدون ان يكتبوا …!!!
بعد ذلك فتح باب المناقشة امام منتسبي الدار ‘ في ذلك الوقت كنت سكرتير تحرير هاوكاري ‘ وكنت اول من طلبت الكلام عن الورقة ‘ صعدت على المنصة واردت ان ابدأ الكلام ولكن رأيت ان الجالسين في القاعة قاموا بالتصفيق و الهتافات ورايت قيام الوزير من مكانه و اتجه لممر القاعة و عاد برفقة الرئيس …!! فدخل صدام حسين القاعة وجلس . الجميع ‘ وجه الوزير باستمرار المناقشة ‘ طلب مني المدير العام للدار ببدأ طرح ارائي عن الورقة ‘ بداءت بالترحيب بقدوم الرئيس ومشاركته في مناقشة ورقة عمل مؤسستنا ‘ اول ملاحظة كانت مهمة بالنسبه لي كانت تخص صحيفة ( هاوكاري ) وطابي بضرورة جعلها يوميا بدل صدورها مرتين في الاسبوع بعد ذلك علقت على كلمة الوزير ودعوته ان يكتب المثقف الكردي بدون خوف ‘علقت قائلا: ( واتمنى ان يتذكر كلامي الاخوة المثقفين والصحفيين الذين كانوا حاضرين في الاجتماع ) (ان الكاتب والمثقف الكردي يتجاوز الخوف عندما يشعر انه يكتب في اجواء الحرية ‘واعتقد انهم في مستوى الوعي يفهمون معنى الحرية بانها المسؤولية اولاَ تجاه انفسهم وتجاه شعبهم ‘ ولكن وكما اكدت في اجتماع اخر لبحث وضع الكتاب الكرد و مساهماتهم بحضور السيد وكيل وزارة الاعلام : ان كتابنا ومثقفينا عندما ينحصرون في جو الشك تجاههم بدل الحرية عند ذلك يقل حضورهم و مساهماتهم ) ..‘ ولمن يرغب في متابعة وتوثيق الاحداث عليه ان يراجع نص كلمة الرئيس ( نشر يوم 10 اذار 1982 في كافة الصحف العراقية ‘ سيرى انه علق على ملاحظتي عندما دعا عدم التضيق على الكتاب الكرد عندما يريدون ابداء ارائهم من خلال الابداع او اي موقف اخر …)
وبعد ان شارك مجموعة من منتسبي الدار بابداء ارائهم عن الورقة ‘ القى الرئيس كلمة مدح فيها دورالشعب الكردي في بناء العراق ‘ و طلب بوضوح من المسؤولين عن الثقافة الكردية ان يكون صدورهم واسعة في التعامل مع المثقف الكردي وطموحاته وان يحترموا الكلمة الكردية في المؤسسات الثقافية والاعلام .
ولقاء اخر
كان مساء الخميس 13 شباط 1997 ‘ وكنت في البيت اهيئ للذهاب الى نادي الاعلام العائلي ‘ عندما رن الهاتف وكان على الخط مدير مكتب وزير الاعلام السيد يوسف حمادي ‘ ابلغني بان الوزير يطلب حضورك في المكتب قبل الساعة الثامنة ‘ فتم الغاء سهرتنا العائلية و توجهت الى مقر وزارة الثقافة والاعلام في الصالحية ‘ ومباشرة الى الطابق السابع حيث مكتب الوزير ‘ ومنه الى قاعة الاجتماع وجدت الاخوة رؤساء تحرير الصحف اليومية ‘ بعد السلام والتحية جلست معهم و عرفت انهم ايضا كحالي ليس لديهم اي معلومة حول سبب حضورنا في هذا التوقيت ..!
لم تمر فترة طويلة جاء مدير المكتب و قال لنا تفضلوا السيد الوزير ينتظركم ‘ خرجنا من القاعة فكان الوزير والسيد حميد سعيد الوكيل الاقدم للوزارة ( 1 ) بانتظارنا وسلم علينا وقال : سنذهب للقاء السيد الرئيس …!! هذه المرة شعرت ان صدفة لقائي برئيس الجمهورية ليست مثل اللقائين السابقين … اقتربت من الراحل أمير الحلو رئيس تحرير مجلة ( الف باء ) حيث كان لي علاقة صداقة معه منذ كان مدير اذاعة بغداد مستفسرا عن سبب هذه الزيارة ‘ فاجابني : ( والله كاكه علمي علمك …!!) … بعد ذلك نزلنا جميعا الى ساحة وقوف سيارات الوزاره فكان بانتظارنا حافلة كبيرة مغطاة نوافذها بستائر زرقاء غامقه واقف امام باب صعود السياره رجل بملابس زيتونية ‘ صعد الوزير ونحن من ورائه ‘ تحركت الحافلة ‘ ومدة سيرها لم تكن طويلة ‘ عند وقوفها عرفنا نحن في بناية التي كانت تسمى ( المجلس الوطني ) ‘ توجهنا الى داخل البناية وبعد اجتياز الباب الرئيسي تم ابلاغنا نحن ( عدا الوزير و السيد حميد سعيد ) من قبل رجل واقف امام باب احد الغرف على الجهة اليمنى ‘ للدخول للغرفة ‘ وهناك كان ينتظرنا اخر حيث طلب منا ايداع كل ما في جيوبنا عندهم ‘ فعلنا ذلك و خرجنا من الغرفة ‘ ومنها توجهنا باتجاه باب ضخم افتتح مع اقتراب الوزير و دخلنا خلفة عرفت انه قاعة الاجتماعات في المجلس الوطني كنت اراها كثيرا في التلفزيون عند نقل اخبار الاجتماعات المهمة للرئيس ‘ تم توجيهنا لجلوس كل شخص على مقعد كتب علية اسمه..! عندما رايت اسمي جلست وكان السكوت مطبق في القاعة الى ان راينا في المقدمة قيام الوزير وظهور الرئيس من واجهة القاعة متوجها الى المنصة ونحن ايضا قمنا من مكاننا ‘ الى ان اشر لنا بالجلوس ..
وبعد ان رحب بنا ‘ و بدأ بتوجيه الكلام الى وزير الاعلام واصفا وضع الاعلام ( تدري ان قدرة الفنان كاظم الساهر للتاثير اعلاميا ‘ اقوى من تاثير الاعلامي لديك ..؟ ) قال هذا وباسلوبه المعروف ضاحكا واضاف ( احب ‘ كما لي فرصة الاطلاع على كل الصحف والمجلات التي تصدر عندنا بما فيهن جريدة هاوكاري الكردية (2)‘ يكون لي فرصة الاطلاع بدقة على كل برامج الاذاعة والتلفزيون لكي استطيع ان ابدي رأي عنه بالتفصيل ..! )
بعد ذلك تحدث بالتفصيل كمطلع على اسلوب الاعلام المؤثر والفرق بين اعلام الاثارة الوقتية والاعلام المؤثر في الصميم من الجانب الفكري ..! لذا ركز على ضرورة التوعية الفكرية و ….الخ ‘ على ما اتذكر اطال حديثه قرابة النصف ساعة عندما ظهر شخص ذو ملابس زيتونيه من باب خلف منصة جلوس الرئيس و اقترب منه هامسا بعد التحية في اذنه و تراجع واقفا في مكانه ‘ بعد ذلك توجه الرئيس الينا قائلا : اسمحولي اترككم لحظات ساعود … وقام من مكانه وخرج من الباب ‘ لااراديا تحركنا نحن ايضا تاركين مقاعدنا وفتح باب القاعة الرئيسي كأن جماعة الحماية لهم دراية بالتحركات في الموقع ‘ بعد قليل ظهر احدهم حاملا صينية ( الشاي ) كل واحد منا اخذ استكانه و بعد قليل اشار لنا احدهم من الحماية بالعودة الى داخل القاعة ‘ جلسنا و ظهر الرئيس مرة اخرى وجلس فى مكانه ‘وعاد الى الحديث عن العمل في الاعلام المؤثر والموضوعي ومقارنته بالاعلام السطحي ولكن بشكل يؤثر للمدى الطويل على الناس مخادعا ومتلاعبا بعواطفهم ‘ وقال ان اهل العراق الان يواجهون هذا الاعلام وشرح طارحا بعض النماذج من ما يبث في الاعلام الموجه للتاثير على العراقيين ….الخ ‘ بعد ذلك وجه كلامه للحاضرين قال : من يريد منكم الكلام انا استمع …! لم يتحدث احد اوطلب الحديث سوى الصحفي الراحل الاستاذ امير الحلو رئيس تحرير مجلة الف باء و بعد ان حيا وشكر الرئيس قال مازحا : سيادة الرئيس من محاسن الصدف ان سيادتكم التقيت معنا العام الماضي في نفس المكان وبعد الحديث و المناقشة شاركتنا العشاء ذلك المساء …. قاطعه الرئيس بضحكة قائلا : ولكن يا امير انا اليوم ما اتعشى معكم …! اراد الحلو ان يستمر في الكلام ولكن ظهور الرجل الزيتوني من الباب الخلفي و حديثة الهامس انهى اللقاء حيث قام الرئيس من مكانه مودعا الحضور وخرج من القاعة …! تركنا في وضع حيره مع الوزير احدنا ينظر الى الاخر ..! في هذه الاثناء ظهر الرجل ( الهامس – ان صح التسمية ) من الباب الخلفي للمنصه وقال لنا : ان السيد الرئيس يسلم عليكم وتبوقون للعشاء …! خرجنا من القاعة فكان مجموعة من الحماية واقفين ‘ جاء احدهم باتجاه الوزير وقال : تفضلوا لقاعة الطعام ‘ وعند دخولنا كان في انتظارنا ابن الرئيس قصي و عبد حمود السكرتير الشخصي للرئيس …!