“مدينة الموت”!!
ذات مساء – في مستشفى مدينة الطب قبل عقود – أدخل الردهة مريض قد تم نقله من محافظة بعيدة , وكان مصابا بنزف شديد في الدماغ وفاقد للوعي ويلفظ أنفاسه الأخيرة , وفشلت جميع المحاولات الممكنة لإنقاذه فتوفى , فصرخ إبنه وسط الردهة : إنها “مدينة الموت” , ” مدينة الموت “!!
إنطلقت تلك الصرخة , وحضر ذلك الموقف المؤلم , أمام مشاهد الموت المتفاقمة وعجز المستشفيات عن تقديم الخدمات المطلوبة للمواطنين الذين يعانون من الوباء , وغيره من الأمراض المزمنة والمستعصية , فبعد أن كانت العلاجات مجانية ومتطورة أصبحت باهضة التكاليف ومتردية.
مات مواطن فقال أحدهم: لا تعتب على أحد وإنما على الحكومة , التي لم توفر أبسط مستلزمات الرعاية الصحية والعلاج , لو كان في بلد آخر لتم إنقاذه , فالقاتل هو الحكومة لا غير!!
وإحترت في الأمر وتساءلت : لماذا منظمة الصحة العالمية لا تراقب مواصفات البنايات التي تسمى مستشفيات , ولماذا لا تقوم بدورها في إجازتها من عدمه , فليس كل ما نسميه مستشفى تنطبق عليه مواصفات المستشفى الذي يقدم الخدمات اللائقة بالبشر.
فإذا طبقنا لوائح الضوابط والشروط المعمول بها دوليا على ما نسميه مستشفيات في العديد من دولنا , فأنها لا تصلح أن تكون مستشفيات للطب البيطري , فهي خالية من أبسط المعايير , وتفتقد لآليات العمل المتعارف عليها في الدنيا المعاصرة.
وفي واقع الأمر لا توجد عندنا مستشفيات , وأظنها تحوّلت إلى مدن موت , فمَن يدخلها يخرج منها إلى المقبرة , لفقدان المواطن ثقته بها , وربما لا يذهب إليها إلا في النزع الأخير!!
فهل من مستشفيات ذات مواصفات إنسانية , يا أدعياء الرحمة والدين؟!!