مدينة الثورة… من قاسم إلى صدام إلى الصدر

مدينة الثورة… من قاسم إلى صدام إلى الصدر

المدينة التي أسسها الزعيم عبد الكريم قاسم وسمّاها مدينة الثورة لم تكن مجرد حي سكني، بل مشروعًا وطنيًا يحمل روح العدالة الاجتماعية، وبيانًا معلنًا ضد التهميش.

قاسم أرادها أن تكون مأوى للفقراء، وكرامة للناس الذين طالهم النسيان .
ثم جاء صدام حسين، واستولى على كل شيء ، السلطة، والخطاب، وحتى أسماء المدن .

فأعاد تسميتها إلى مدينة صدام، في لحظة عبثٍ بالتاريخ والهوية، وكأن كل ما في العراق يجب أن يُنسب إلى “القائد الضرورة”.

 

وحين سقط نظامه في 2003، ظنّ الناس أن مدينتهم ستستعيد اسمها الأول، الثورة…

لكنهم فوجئوا باسم جديد يُفرض عليهم: مدينة الصدر.

مرة أخرى، لم يُستشر الناس، ولم يُحترم التاريخ، بل تم استبدال دكتاتورية الفرد بدكتاتورية الرمز، وبقيت المدينة رهينة الاسم…

لا المشروع .

 

يقول المفكر والباحث العراقي حيدر سعيد:

“ما بعد 2003 لم يكن سوى صراع على الرموز والذاكرة، ومن ضمنها أسماء المدن.

ما حدث للثورة كان تكريسًا للسلطة الرمزية لا تصحيحًا للخطأ التاريخي.

 

ويعلّق الباحث علاء حميد:

“الاسم يعكس من يملك النفوذ، لا من يملك الحُلم.

وقد خضعت مدينة الثورة لتحولات الأسماء دون أن تتغير حياة أهلها.”

 

لكن السؤال الأهم:

ماذا قدّم الصدر ، كرمز أو كتيار ، لهذه المدينة، كي تُخلّد باسمه؟

هل تحسّن واقعها الخدمي؟

هل خرجت من دائرة الفقر والعشوائية؟

أم بقيت مستودعًا انتخابيًا ومسرحًا لصراعات البيت الشيعي؟

 

كتب أحد أبناء المدينة على فيسبوك:

“ما نحتاجه هو كهرباء وماء مو اسم جديد كل عشرين سنة !

 

وآخر علّق ساخرًا:

“الزعيم بنى المدينة…

واللي جوه غيروا اسمها وخلونا نعيش مثل ما كنا، بل يمكن أسوأ.

 

أبناء هذه المدينة يعرفون الحقيقة:

أنهم استُغِلّوا باسم الثورة تارة، وباسم الصنم تارة أخرى، وباسم الرمز الديني اليوم .

لكنهم لا ينسون الاسم الأول: الثورة.

ولا ينسون من وضع حجر الأساس : عبد الكريم قاسم .

 

المدن لا تُكرّم بتغيير أسمائها، بل بإعطاء الناس فيها ما يستحقون من حياة وكرامة .

ومدينة الثورة لا تستحق أن تبقى رهينة العباءات، سواء كانت عسكرية أو دينية .

هي ثورة… لا اسمًا يُتداول بين الغالبين .

أحدث المقالات

أحدث المقالات