هي تكدس بشري هائل في ارض محدودة مُقّطعه بأسيجة وجدران متداخله بعلاقات دقيقة وقويه ممتازة و مرعبه
اقامها الزعيم عبد الكريم قاسم ليؤوي فيها من لا يملكون سقف في وطنهم من العوائل التي كانت تعيش عيشة بائسه في محيط بغداد بعشوائيات مكتظة وصلت بغداد او تشكلت قبل ثورة الرابع عشر من تموز لا بعدها كما يحلوا للبعض …
المدينة التي كانت وستبقى ثقل اقتصادي و سياسي وامني
بحثتُ عن مجسمات او خرائط او صور للمدينة كما يحلوا لأهلها اليوم تسميتها فلم افلح تمنيت ان ارى مجسمات تأسيسها او فلم مصور عن افتتاحها او حتى صور متفرقة…لم افلح.
اليوم البيوت التي وزعها الزعيم على عوائل صغيره اكتظت بالأحفاد والاجداد وانشطرت هذه البيوت الى شطرين والشطرين الى طابقين في بعضها فاصبح بيت العائلة الواحدة يضم اربعة واحيانا خمس عوائل…وتوافد عليها الكثيرين من انحاء البلد المختلفة.
الشوارع مكتظة والازقه والمدارس والساحات والاسواق.
نعرف انها كانت ولا تزال ثقل امني على السلطات حاول صدام وضع حد لها وكان الاقتراح نقلها الى النهروان وتأسيس مدينه جديده بمواصفات عصرية وبمساحات سكن ممتازة…لكن حروبه العبثية واعتراضات اهلها وحاجته اليهم منعته من انجاز هذا المشروع فتوجه لتطويرها… اليوم اصبحت ثقل سياسي و طائفي يتحكم ببغداد دون استفادة سكانها من ذلك …فأن اعلنت العصيان تتوقف الحياة في بغداد او في ارجاء واسعه منها.
اليوم عندما تتوقف الحركة في مدينة الثورة تتوقف الحركة الاقتصادية في بغداد و تضطرب في عموم العراق(عدا اقليم كردستان).
اليوم اذا هاجت مدينة الثورة هاجت بغداد وهاج بعض العراق… اليوم اذا اصطفت مدينة الثورة خلف تيار او حزب اصطفت له كل المؤسسات والسلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية وتأثرت بذلك الوضعية السياسية.
لذلك ليس من مصلحة احد تحسين الاحوال فيها من ناحية الخدمات او الناحية الاقتصادية
ولكن في المقابل فان مدينة الثورة قنبلة هائلة موقوته ان انفجرت يتخرب البلد ويهرب المسؤولين ان تمكنوا او فلتوا من العقاب علية يتم التركيز عليها لتفريغها من تأثيرها السياسي والثقافي التي رفدت به الساحة العراقية خلال الخمسين سنة الماضية.
مدينة الثورة
تلك الغافية على بحور الاكتظاظ والانشطار و التناسل الرهيب والارتباك
تلك المطلوبة على مر العصور من الجميع وهي المزعجة للجميع
تلك التي سال دم ابنائها منذ صبيحة8شباط الاسود1963 و لم يتوقف لليوم
المدينة التي كانت الحطب للسياسة والسياسيين قدمت المناضلين الذين تلاعبوا بالتوازن في كل صفوفه
المدينة التي قدمت الكتاب والشعراء والخطباء والمتفوهين والسياسيين
المدينة التي تناقلت وقدمت الحِكَم والامثال والاقوال و الافعال
المدينة التي قدمت المطربين والعازفين والممثلين والرياضيين في كل صنوف الرياضة
المدينة التي قدمت الفرح والنكات والحزن والدموع واللطميات و مواكب العزاء المدينة التي لا يخلوا فيها بيت من شهيد او مفقود او مغيب او معوق او سجين سياسي
المدينة التي قدمت كل من لمع اسمه سواء ولد فيها او تدرب فيها او عاش فيها او احتك بمن فيها او درس احوالها او انتصر لها او حاربها او فكر بها
المدينة التي قدمت الايدي العاملة الرخيصة وقدمت الحرفيين والبنائين والعاملين في الخدمات
المدينة التي لا يمكن ان تتصور شارع واحد او منطقه واحده من مناطق بغداد خلال ساعات اليوم الأربعة والعشرين خالية من احد ابنائها و لا تجد مهنه واحدة من التي تُمارس في العراق دون ان تجد احد من ابنائها فيها
المدينة التي لا يمكن ان تجد دائرة واحده من دوائر بغداد لا يكون احد منسبيها من ابنائها
المدينة التي لا يمكن ان تجد سوق من اسواق بغداد و مناطقها لا يوجد فيها احد من ابنائها او الساكنين فيها.
المينة التي ادخلت اول عملية تدوير للفضلات في العراق والتي يجمع ابنائها تلك المواد ليحولوها بأياديهم الطاهرة الى ذهب يرفد اقتصاد العراق
المدينة التي يتم فيها اعادة الحياة لكل جهاز عاطل مهما كان معقد او حديث او اثاث قديم
جمعوا الخبز اليابس و فضلات الطعام ليحولوه الى علف و سماد ليُحول الى غذاء حيواني و نباتي
المدينة المبدعة في كل شيء حتى في الغش و التزوير و التحايل ففيها امهر المزورين والنصابين والمقلدين…قد يتصور البعض ان في ذلك اهانه او انتقاص …لا…فلمزورين هم من اذكى الناس و افهمهم…استطاعوا بعملهم هذا من انقاذ الالاف الاعناق من المشانق واعتقوا الالاف الاشخاص من عبودية السجون وتمكنوا من تهريب العديد من السياسيين الى خارج العراق وخلصوا الالاف من محارق الحروب…
المدينة التي هرع لها الطغاة ورجال الدين لا لكسبها بل لتحييدها ففي ذلك مكسب لهم
المدينة التي تجد فيها التكافل الاجتماعي بصورة ممتازة(كفالة الايتام والمساعدة للمعوزين والقرضة الحسنة)…وتحد فيها التعاون والصدق والاخلاص والمحبة.
المدينة التي تجد فيها التعصب الاعمى و العلاقات العشائرية والتسامح والاخوة وتجد فيها الكذب الكثير و النفاق و الجرائم و السرقة و التحايل وتجد الاخلاص في العمل واحترام العمل حيث يعملون بكل مهنه تدر عليهم ما يكفل معيشتهم سوى بعض المهن التي يتجنبونها.
تجد مواكب العزاء الحسيني و مجاميع (الكبسلة)*…تجد الجهل والامية بأبشع صورها العلمي منه والروحي و الاقتصادي…تجد منهم اطباء اكفاء و مهندسين مهتمين بعملهم وتجار بارزين و موظفين مخلصين امنا و عمال اطهار مخلصين .
بمقدار ما قدم مبدعيها من صور جميلة في الحياة وادخلوا الفرحة في قلوب الناس وانزلوا الدمعة الجميلة من العيون والآه الجميلة تجد بالمقابل ابشع الصور و اكثرها قتامة
المدينة المقسمة الى 79 قُّطاع كل قُّطاع يحوي الف منزل وكل بيت او منزل عائلة كانت تسكنه…. اليوم ربما ثلاثة او اربعة عوائل في مساحة 150 متر تقريبا …كان يسكن نفس البيوت عدة الالاف نسمة اليوم عدة ملايين بنفس المساحة يضاف لها ما تشكل حولها و في اطرافها من عشوائيات حيث نزلت الناس كل المساحات الفارغة واقاموا فيها مسكنهم وتملكوها عنوتاً واستقروا بها ولم تسلم الأرصفة التي تجاوز عليها السكان وضموها الى منازلهم وحتى بعض الساحات الصغيرة.
واتصلت بها احياء البلديات والكياره والنعيرية وحي طارق والبتول و الحمدانية و حي الصفيح والحواسم والتجاوز و خلف السدة و قطاع صفر والفضيليه والكمالية حيث ستتصل بمحافظتي ديالى و الكوت
هذه المدينة تحتاج الى معالجة خاصة فأهلها يحبون العيش فيها او في محيطها وهي تشكل ثقل خدمي كبير على الدولة وثقل امني ايضاً
يجب وضع حد لمُعانات الناس وتحسين سبل عيشهم واعادة تنظيم المدينة بعملية جباره جريئة يضع تصاميمها مهندسين استشاريين عراقيين ونقترح لذلك التالي:
اولاً: ان يتم نقل اسواق جميلة الى مكان خارج العاصمة كأن يكون في معسكر التاجي او معسكر الرشيد او المعسكرين…وهذه الاماكن مساحات فارغه ومحاطة بطرق مواصلات سريعة وداخلية…سيتم من خلال ذلك توفير عدد لا باس به من دور السكن الفارغة.
ثانياً: تقوم شركات اجنبية معتمده بدراسة تنظيم الخدمات من مجاري المياه الثقيلة ومجاري الامطار و الماء والهاتف والكهرباء وغيرها لكامل المدينة
ثالثاً: يتم اعادة رسم المدينة لتحذف كل القّطاعات الفردية او كل الزوجية اي ان يبقى نصف المدينة للسكن والنصف الثاني للخدمات وان تقلص مساحة البيوت الى 100 و تبنى بنسق واحد وارتفاع ثلاثة طوابق و بنفس التصميم لكل قّطاع
فتكون مساحة سكن كافية لأكثر من عائلة اما القطاعات الفارغة او التي تم هدمها فتكون للخدمات من مدارس و حدائق و ملاعب و ساحات وقوف للسيارات.
رابعاً: تُقسم المدينة لوحدتين اداريتين بمستوى قضاء و يقسم كل قضاء الى خمسة بلديات مستقله تُجهز بالمكائن والمعدات اللازمة لتقديم خدمات نموذجية
خامساً: البناء يكون بمواصفات العزل الحراري و عزل الصوت لتنظيم استهلاك الطاقة صيفا وشتاءً.
سادساً: استخدام الانقاض في ردم المستنقعات المحيطة بالمدينة
سابعاً: تشغيل ابناء كل قطاع في بناء القطاع والقطاعات المجاورة لامتصاص البطالة و توفير جزء من ايجار البيوت التي سيستأجرونها لغرض السكن المؤقت..
الى اللقاء في صور اخرى.