23 ديسمبر، 2024 9:10 ص

مدني عيوني حبيبي مدني

مدني عيوني حبيبي مدني

التحالفات القادمة هروب الى الأمام لأن الجميع عاجز عن حل المشكلة، وليكن هذا التوصيف مؤقتا الى حين إنجلاء الصورة أكثر.

في النهاية فإن اتاحة المجال لقوى جديدة، والتحالف مع أخرى قد يدفع بإتجاه تغيير المعادلة السياسية لصالح مشروع بناء الدولة دون الرضوخ لإملاءات المحاصصة والطائفية والقومية، وليكون جميع من لديه الرغبة في العطاء والفعل والمشاركة قادرا على أن يدلي بدلوه، ويحدث فرقا ما. لانستطيع الجزم بنجاح التجربة، ولا بفشلها، ولا بمشروعيتها مالم تتحقق نتائج على الأرض جميعنا ينتظرها، وكثير منا أصابه الإحباط بسبب الأوضاع الإقتصادية، والتشظي السياسي، وليس لنا من خيار سوى الأمل، وبعض التفاؤل الحذر.

سقطت شمولية البعث، وكانت تجربة الحكم الموسوم بالإسلام السياسي في العراق بعد العام 2003 شاقة، وغير مجدية، ودفع ثمنها المواطن البسيط لأنها تزامنت مع إنتشار الفكر السلفي، والتكفير، وظهور جماعات العنف المنظم، والمتشددين، والمواجهة غير المتكافئة بين المدنيين الذين يصعب تقديم توصيف واضح لهم من جهة، والقوى الإسلامية الناشطة في الحكم والدولة، ثم تصاعد حمى العنف الطائفي والديني والقومي، وتوالي العمليات الإرهابية التي أوقفت عجلة التنمية، وركز خلالها العراقيون على الإستثمار السياسي المربح للمال والطائفية والعنف، وتوظيف ذلك لتحقيق أجندات خاصة لاتقدم شيئا يذكر للعامة من الناس.

ظهر الفساد في البر والبحر في العراق، وإنتشر كالنار في الهشيم، وأصاب قطاعات الدولة بالشلل شبه التام، ولم يساعد في تحقيق التنمية، بل أجهظها، وتوالت النكبات والتراجعات في قطاعات المال والإستثمار، وغابت الصناعة، ولم يعد ممكنا القول: إن القطاع الزراعي يعمل كما كان في السابق، وتوالت الخسارات بسبب عدد الفاسدين الكبير، وإعتماد القوى السياسية على الوزراء والمسؤولين المنتمين لها للحصول على المال العام، وتوظيفه إنتخابيا وتنظيميا. لذلك لم نر في العراق تطورا يذكر، عدا عن المخاوف من المجهول الذي لاندري الى أين يأخذ بنا.

إجتمعت عوامل عدة لتنمي ظاهرة العمل المدني على المستوى السياسي والتنظيمي والمجتمعي، وبدأت قوى عديدة تطرح نظريات وأفكارا في هذا المجال مستهدفة هزيمة التيارات الإسلامية المتشبثة بالحكم والبقاء، وبدأت المعركة تتصاعد حيث وجد المدنيون أنهم قريبون من تحقيق النصر، أو قلب المعادلة لصالحهم، أو تخفيف تركيز القوى الإسلامية في الساحة، وهنا عمت الفوضى، فصار اللبرالي مدنيا، والشيوعي، والبعثي، وإنزاحت قوى إسلامية راديكالية الى دائرة العمل المدني في إطار سعي لإقناع المواطنين إن المعارضة ممكنة بتغيير النهج وإظهار الآخر بمستوى من الفشل الذريع الذي لايكون للمواطن معه من عذر في البقاء تحت مظلة الإسلاميين التقليديين وخاصة القريبين من الدائرة الإيرانية.

لذلك فالتجربة واعدة بالرغم من إرتكازها على فكر قديم ومتجذر، ولكنه لم يجد الأرض الملائمة لينبت فيها وينمو وتظهر له سيقان وأوراق، لكن القادم كفيل بوضعنا على السكة الصحيحة من خلال التجربة اولوعي بها.