27 ديسمبر، 2024 4:32 م

مدمن
أرتفعت درجة حرارة جسمه على حين غرّة، يزرق اِبر المخدرات في الوريد بنفسه. يكرع كأس الشراب ذي نسبة ال10% كحول بسرعة لم يألفها سابقا.على جلده أنواع الوشم كأنّه جدار خطّ عليه العابثون كلاما لا يقصدونه.
تأتي به ليلا سيارة الأسعاف الى ردهة الطوارئ في المستشفى الحكومي. لم يكن أحد يدري لماذا ظلّ يهذي ذاكرا أسم “جولي”. بعد ساعة من الزمن قرأتُ في تقرير الشرطة أن المدمن “جون” يعيش وحيدا في شقة نائية، لم يجدوا فيها سوى قطة بيضاء ضامرة ظلّت تلتهم كلّ ما تجده في طريقها.
وصية
مريضة في ردهة العظام والكسور. بلغت من العمر عتيا. كانت قد سقطت أرضا قبل أيام بعد أن فقدت السيطرة على قدميها. كُسِر عندها عظم الحوض، ولا أحد ينوي أجراء عملية لأصلاح الكسر. المريضة نائمة طيلة ساعات اليوم، والزمن يمضي. الأقرباء كثيرون، ومحامي العائلة ينتظر على الباب حاملا أوراق وصيتها، ووثيقة التأمين على الحياة.
ذهول
جالسا على كرسي متحرك، ظلّ السيد جون ديفز غارقا في حالة ذهول لا أظن أن أحدا يعرف سببها. كنت متفائلا بأنه سيخرج من المستشفى معافى بعد أيام. جلبت أخته “جوانا” سلّة ورد. وضعتها قرب رأسه نهارا وتركتْ الغرفة مسرعة. علمتُ بعد ذلك أن جوانا قد همست في أذنه وأنه منذ تلك اللحظة ظلّت عيناه ساكنة دون حراك، في حين راحت أصابعه تداعب مجموعة صور شخصية له بزيّه العسكري القاتم اللون.
الوطواط
عندما فرش الوطواط الأسود الكريه جناحيه الأصطناعيين، لعلعت فوهات البنادق، واشتعلت الصالة بالصراخ.

فيفالدي
مولع منذ صغره بالموسيقى..الجميع لاحظوا ذلك..كان يفرش أوراقه ويرسم نوتته التي كان قد عزفها خياله أولا..أصبح في العشرين من عمره..راح يعلّم اليتامى موسيقى تذهب عنهم الشعور بالحزن..اليتامى كثيرون..وقاعة درس الموسيقى مكتظة دائما. ايقاعاته: سريع..بطئ ثم سريع جدا..يظّل يدرّس ويعزف حتى فُصل من عمله في دار عبادة لم يفقه أصحابه المساكين موسيقى الروح وأيقاعات الوجدان.
التوأم
تكاثرت عندها القطط في البيت حتى ضاقت بها المساحة المخصصة لها. هي مشغولة اليوم بنفسها، تترك عملها مبكرة وتذهب لموعد فحص السونار. الفحص يكشف عن توأم في رحمها. كانت قد تناولت حبوب المبايض قبل فترة. لم تصدق أنها حامل فعلا هذه المرة، وبعد كل هذه السنين. تقفل عائدة الى بيتها دون أن تنسى أن تشتري طعام القطط الصغيرة من سوق المدينة القريب.

الشهم
سافر ولدها (الشهم) الوحيد ذي التسعة عشرة ربيعا الى اسبانيا مع أصدقائه لقضاء عطلة الصيف. حزم حقيبته وأخذ الدنانير من أمه المسكينة. وحيدة تبقى هي في بيت صغير، تفكر به وتنظر الى صورته كل يوم..تقضي يومها في النوم والأستماع الى أغاني حزينة. أتصل بها بعد أسبوع ليقول أنه قرر البقاء في مدينته الجديدة، وسيعود عندما يصبح مليونيرا. الأم ظلّت ساكنة تنظر الى صورة ولدها (الشهم) ودمعة حارة بدأت تترقرق في العيون.
الزواج..من جديد
لا يلوم صديقه أبدا. الصديق قلق من التفكير في الزواج مجدّدا بعد أن طلّق زوجته الثانية قبل أشهر قليلة. لم ير من صديقه الاّ الطيبة، يعتني بهندامه ومظهره ويعمل صحفيا في جريدة محلية. العمر يتقدم، والقلق يزعجه، وبنات حواء في كل مكان. يعرف صديقه أن عليه أن يبدأ الخطوة الأولى من جديد..
الكف
كان كلما يدخل غرفتي هذا الصبي اليافع الخجول، أراه وقد وضع يده اليسرى في جيب بنطاله وهو يتحدث معي. لم يزعجني الأمر قبل أسبوع ولكنني اليوم وبختّه، فلم يجبني وخرج مسرعا..
أصبت بالدوار بعد ان علمت أن كف الصبي مقطوعة.