مدلولات التجاهل السياسي

مدلولات التجاهل السياسي

في 20 تشرين ثاني 2024 تسلم ترامب السلطة الرئاسية وهي الفترة الرئاسية الثانية له لرئاسة اميركا ، وكانت الأسابيع الأربعة الأولى لرئاسته حافلة بالقرارات التي أعطت انطباعات مربكة للمتابعين لسياسة اقوى بلد في العالم . لا اود هنا ان اتناول مجمل قراراته فهي كثيرة ومتنوعة و متشعبة في شموليتها للاحداث العالمية و للداخل الأمريكي أيضا لكن الذي اود الإشارة له لأهميته هي سياسة ترامب في التعامل مع بعض القوى الإقليمية في العالم ، فكما هو واضح ان اميركا تسلك سياسة التجاهل و الاستصغار للرئيس الأوكراني في حربها مع روسيا بينما يولي احتراما واضحا للرئيس الروسي (بوتين) ولك ان تتخيل وتسهب في الاستنتاج الى اين ستؤدي هذه السياسة ، فمن الواضح ان ذلك اغضب دول اوربا بشكل خاص وحلف الناتو بشكل عام رغم ان كثير من المؤشرات كانت تدل على ان ترامب لا ينظر لحلف الناتو بالاهمية التي كانت ضمن سياسات اميركا في عهد الرؤوساء السايقين .

 اما من ناحية الدول العربية فالامر لا يخلو من التوتر و الارتباك ، فمصر و الأردن و السعودية هم الان على رأس قائمة ترامب في فرض سياسته المربكة بعد تصريحاته بشأن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ومقترحاته في ترحيل أهالي غزة الى مصر و الأردن بحجة حملة اعمار غزة وتحويلها الى ريفيرا الشرق الأوسط وتحسين أحوال الشعب الفلسطيني عامة .

وهنا لابد ان نتناول قائمة الدول العربية التي ينظر لها (ترامب) و اميركا في عهده الجديد بنظرة احترام واهتمام و فق وجهة نظره (فهو ينظر الى من يتعامل معه من ناحية قواه الاقتصادية وما يستطيع ان يحققه من مردودات مالية لاميركا) وطبعا السعودية الان تتبوأ هذا الاهتمام كون ان ولي العهد محمد بن سلمان يساير ترامب في سياسته و أساليب التجارة و الاقتصاد التي يهتم بها ترامب ويعطيها الأولوية في وعلى السياسة ، وال لافت للنظر ان ترامب تجاهل العراق تجاهلا غريبا ، بعد ان كان العالم ينظر الى العراق كقوة مؤثرة في المنطقة (سياسيا و عسكريا واقتصاديا) وهذا يؤدي الى الاستنتاج انه (ترامب هو و العالم) اصبح ينظر الى العراق  كوحدة واحدة من ايران وانه دولة ضعيفة وان ما يفرضه على ايران يشمل العراق أيضا ، وهذا هو التفسير المنطقي الوحيد للوضع الحالي ورغم تمنياتنا ان يكون هناك سبب اخر الا ان أجتماع الناتو العربي في السعودية (كما اطلق عليه بعض الإعلاميين) لم يدعى له لا العراق و لا دول غرب افريقيا ، فالعراق كما قلنا يبدو انه اصبح محسوبا على ايران ، اما سوريا فهي في حالة اختبار وكأنها تحت المجهر وإسرائيل نوعا ما راضية عنها اما دول الخليج فهي مجرد ممول للبنوك الأميركية و الاوربية ولا تأثير لقوتها العسكرية ونفوذها في المنطقة ولا تأثير لها في السياسة الخارجية بعد سياسات التطبيع التي سلكتها مع إسرائيل ، اما دول المغرب العربي فهي غارقة منذ سنين طويلة في صراعاتها الداخلية والحدودية وعدم الاستقرار الذي تغذيه فرنسا و اوربا .

اذن واقع الحال ان العراق ذاك الوطن العربي الذي كان يحسب له الف حساب بات مع كل الأسف ورقة محروقة مستهلكة نتيجة ولاءات الأحزاب السياسية العراقية ل إيران وسياساتها الفاشلة في الشرق الأوسط والتي جرى تحجيمها بعد انتكاسة حزب الله (ذراع ايران السياسية و العسكرية في دول المنطقة) إضافة الى العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها .