وجوه يعلوها غبار المناطق المحررة، وملابس متسخة ومتيبسة ممزوجة بعرق المعارك التي خاضوها، بشرة سمراء إثر لهيب الشمس، التي غيرتها وهم رابضون يترقبون، إمّا سيارات مفخخة، أو آلية مدرعة ملغمة، أو مجموعة تريد أن تغير معادلة، التي ما عادت تنفع مع هؤلاء الذين طلقوا الدنيا ويبغون الآخرة، لتلك الفتوى المقدسة التي لبّى ندائها غيارى العراق، ومن كل الطوائف، ولم تكن حكراً على طائفة معينه، فكان هنالك جون، وعابس، وحبيب، مع ركب من ذهبوا إلى ربهم، وهم شهداء مضمخين بدمائهم الزكية .
كل الفصائل المشاركة بالمعارك، محل إحترام وتبجيل وقبلة على جبينهم المعفر، هدفهم تحرير العراق، لكن أبناء “محمد باقر الحكيم”، جنود طرازهم يختلف عن بقية الفصائل، ولهم خبرة قتالية تمتد لسنين طويلة، خبروها عندما حاربوا الطاغية في بداية ثمانينات القرن الماضي، ولحد سقوط النظام، والحاج “هادي العامري” ومقاتليه من فيلق بدر الظافر، وسرايا الجهاد، والعقيدة، وعاشوراء، والتركمان، هم تلك الثمرة التي أذاقت الأعداء مر الهزيمة، في كل المعارك التي خاضوها، والتضحيات التي أعطوها دليل لا إلتباس فيه .
الأخبار المتناقلة وخلال الفترة الماضية، لم يُسَجَّلْ أي خرق، في المناطق التي حررتها تلك الفصائل من تيار شهيد المحراب الخالد، وإن دل ذلك إنما يدل على الحرص والإنضباط العالي والمهنية العسكرية، لان كل المتطوعين الجدد من تلك الفصائل، لم يتم زجهم بالمعارك مباشرةً، بل يتم صقلهم وتعليمهم فنون القتال، سيما وأن القتال الجاري عبارة عن قتال شوارع، وهذا يحتاج إلى تدريب عالي، كونه يعتبر من أخطر القتالات، وسياقاته تختلف عن السياقات العسكرية المتبعة في الحروب التقليدية، وقد ذكر كثير من المختصين بالشأن العسكري قوة وبأس تلك الفصائل .
الفتوى التي صدرت من المرجع الأعلى، تعتبر بمثابة أمر لهم كونهم عقائديون، وتمثل لهم أمر إلهي، وعليهم الإنخراط في القتال تلبية لتلك الفتوى التي غيرت الموازين، وساعدت القوات الأمنية أيّما مساعدة، بل بعثت في نفوسهم الأمل بعد الإنكسار، الذي ظهر في محافظة نينوى وسقوطها، إثر إشاعة ساعدت بشكل وآخر في تلك الحادثة، مع الجانب الإعلامي المعادي، وهذا بالطبع يقع عاتقه على القيادة العامة للقوات المسلحة، وهي من تتحمل كل الإجراءآت القانونية، لان ضحاياها كانت أعلى بكثير مقارنة بحجم القوة المهاجمة .
أثبتت وبكل جدارة تلك القوات، التي ساهمت بشكل وآخر، صنع إنتصارات لم يشهد لها تاريخ الحروب، والتضحيات التي قدموها على طبق من ذهب، للحكومة أولاً وللشعب العراقي ثانياً، ننحني لها وبكل إحترام، ونأخذ لهم “سلام خذ”، لأنهم صنعوا من دمائهم طريق النصر المؤزر، وتكريم هذه الدماء بكتابة تلك الأسماء بماء الذهب، على جدار كبير في وسط بغداد، ليعرف العالم أن هؤلاء جاءوا بمحض إرادتهم، يطلبون الموت لحماية بلدهم، وعلى الدولة رعاية عوائلهم عرفانا لهم ولكل شهداء العراق .
كل من يزاود على الجيش، الذي بناه شهيد المحراب بيديه، بمحاولة النيل منه، كأنما يريد أن يًفْرِغ البحر من ماءه، بل سيعجز في نهاية الأمر، وما الأبواق الناعقة على الفضائيات، سوى عبارة عن شخوص مأجورة يخر لعابها أمام دولارات الخليج، التي ستشح بمجرد الإنتهاء من داعش، وكم جرب صدام أيام حكمه قبلكم، وبمساعدة كل قوى الإستكبار العالمي من النيل منهم، لكنه خسر وخاب، بل إنكسر في الثورة الشعبانية، ووصل به الهروب لخارج العراق، لولا أعراب الخليج وأمريكا، التي ساعدته بعدما قضت على تلك الجيوش الجرارة، التي كانت تحتل الكويت فهل من معتبر؟.