الهزائم التي بات تنظيم داعش الارهابي يتلقاها على الارض و تقلص من المساحات التي کان يستولي عليها سابقا، تمهد لإعلان هزيمة و نهاية خلافته المزعومة الفارغة و إنتهاء سطوته على الارض بصورة منظمة، لکن ذلك لايعني بالضرورة نهاية هذا التنظيم کأفکار و طروحات سامة يتم نفثها هنا و هناك لأسباب و دوافع متباية تلبي و تحقق مصالح و أجندة معينة، ومن الواضح إنه وکما قاموا بإبراز و تضخيم داعش و غيره من التنظيمات و الميليشيات الارهابية المتطرفة، فسوف يجدون طريقة و اسلوبا آخرا لإبقاء سيف التطرف الديني و الارهاب مسلطا على رٶوس شعوب المنطقة عموما و الدول التي تخضع لنفوذ و هيمنة نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية خصوصا.
ظهور و بروز تنظيم داعش المتطرف المعادي للانسانية ولکل ماهو حضاري، لايمکن عزله أبدا عن الاسباب و العوامل التي مهدت له و جعلت منه يشکل کل هذا الخطر و التهديد الکبيرين على الامن و الاستقرار و السلام في المنطقة، وانما هو بالاساس حاصل تحصيل دأب النظام الايراني المستمر ومنذ أکثر من ثلاثة عقود و نصف، على تصدير التطرف الديني الى دول المنطقة و تغذيته بمختلف الاساليب و الطرق، والذي دفع بالامور نحو منعطف التأزم و الانفجار في المنطقة، ترکيز هذا النظام على تشکيل ميليشيات ذات طابع و توجه طائفي و إلتزامها بنهج يقوم على ذلك الاساس، وهو ما تسبب في ظهور النزعات الطائفية و حتى الدينية بشکل ملفت للنظر، حيث کان ظهور و بروز داعش يمثل ذروة ذلك.
أعداد کبيرة من الميليشيات مسلحة ذات الفکر و التوجه الطائفي في العراق و حزب الله اللبناني و جماعة الحوثي في اليمن و غيرهما من الاحزاب و التنظيمات و الميليشيات ذات النزعة الطائفية، تشارك الى جانب تنظيم داعش بنشر أسباب الموت و الرعب و عدم الاستقرار، ولايمکن التصور بأن القضاء على داعش سيضمن القضاء الکامل على هذا النوع من الارهاب، لأن إستمرار التنظيمات التي أشرنا إليها أعلاه، يعتبر سببا و عاملا فعالا لولادة مايمکن إعتباره اسوأ من داعش مستقبلا، لکن لو کانت هنالك حملة شاملة تشمل کل التنظيمات الدينية الطائفية المتطرفة ذات الطابع الارهابي بالاضافة الى جهاز الحرس الثوري الايراني الذي يعتبر من أکبر الحواضن الرئيسية للإرهاب و التطرف في العالم کله و المدرسة الاساسية لتعليم و تلقين أصول التطرف الديني و الاعمال الارهابية، فإنها تضمن القضاء على الارضية و المناخ الذي يساعد على نمو التنظيمات المتطرفة الارهابية على شاکلة داعش، خصوصا إذا ماأخذنا علاقاته و تنسيقاته و تعاونه المشبوه مع مختلف التنظيمات المتطرفة نظير طالبان و داعش و الميليشات الشيعية المتطرفة، وإن الهدف الاساسي المطلوب بالقضاء على التطرف الديني و الارهاب لن يتم أبدا مالم يتم إدراج الحرس الثوري الايراني على رأس قائمة المنظمات الارهابية في العالم، وهو مطلب منطقي و واقعي ولاسيما بعد أن تبين مصداقية ماقد طرحته المقاومة الايرانية بشأن الدور المشبوه و التخريبي لهذا الجهاز في دول المنطقة و مساعيها المستمرة من أجل زعزعة السلام و الامن و الاستقرار فيها من خلال تأسيس و دعم و تحريك أحزاب و جماعات و ميليشيات تابعة لطهران.
المساعي المبذولة من أجل إدراج الميلشيات المسلحة المتطرفة و التي تٶثر سلبا على السلام و الامن و الاستقرار جنبا الى جنب تنظيم داعش، هي مساعي صادقة و مخلصة تهدف فعلا و بطريقة عملية ومنطقية لإنهاء دور التنظيمات الارهابية التي تنشر الخوف و الرعب و الدمار في دول المنطقة، لکن من المهم جدا أن يتم أولا إدراج الحرس الثوري الايراني ککل في قائمة المنظمات الارهابية خصوصا وإنه يقف خلف کل النشاطات المختصة بنشر التطرف الديني و الارهاب في المنطقة و العالم بل وإنها وکما أسلفنا القول مدرسة لتعليم أصول التطرف الديني و الارهاب و تخريج التنظيمات و الميليشيات الارهابية الطائفية المسلحة، ومن دون إنهاء دور مدرسة التخريب الفکري هذه فإننا يجب أن نکون بإنتظار إنبثاق و تأسيس المزيد و المزيد من التنظيمات و الميليشيات الارهابية المتطرفة.