تتمحور المضامين الخاصة بمفهومِ البطالة حول سلوك الأفراد – المؤهلين للعمل والقادرين عَلَيه – ما تباين وتعدد مِنْ الطُرقِ بقصدِ البحثِ عَنْ وظيفة أو عمل، ولم يتسنى لهم الحصول عَلَى فُرصةٍ مناسبة، ما يعني عدم إمكانية اعتماده فِي ظلِ هذا المنحى مع الأطفال أو أشخاص كبار في السنّ، فضلاً عَنْ الأفرادِ الذين يُعانون مِنْ أمراضٍ عقليّة وذهنيّة، أو حاجاتٍ جسديّة خاصّة تُشكّلُ عوائقَ لهم، وَالَّتِي تمنعهم فِي نهايةِ المطاف مِن القيامِ بأيّ نوعٍ مِنْ الأعمال؛ إذ جرى تصنيف تلك الفئات خارج منظومة القوى العاملة للدّولة. وبصورة عامة يشار إلى البطالةِ بوصفِها إحدى القضايا المؤثرة سلباً عَلَى المجتمع؛ بالنظرِ لانتشارها بشكلٍ رئيس ما بين فئة الشّباب الَّتِي بمقدورِها القيام بمختلفِ الأعمال. وَإلى جانبِ الأهمية الخاصة للتداعياتِ المترتبةِ عَلَى ظاهرةِ البطالة فِي كثيرٍ مِنْ أسواقِ العمل، فإن طبيعتها وآثارها تختلف مِنْ دولةٍ لأخرى، بالاستنادِ إلى درجاتِ النمو أو التخلف المتحقق فيها، بالإضافةِ إلى مدى تأثرها بما يحصل مِنْ اضطراباتٍ فِي الاقتصاد العالمي.
تُشكّلُ البطالة بما تباين مِنْ صورها، أحد أبرز المؤشرات الرئيسة الَّتِي تعبر عَنْ حالةِ اختلال التوازن العام فِي الاقتصاد الوطني؛ إذ أَنَّ فاعلية آثار البطالة – كظاهرةٍ قائمة – تتعدى حدود الاعتبارات الاقتصادية بفعلِ امتداد تأثيراتها السلبية إلى جوانبِ التوازن الاجتماعي والسياسي فِي المجتمع. وعَلَى وفقِ معطيات المراكز البحثية، تتفاوت ظاهرة البطالة فِي مدى شدتها وقوة تأثيرها مِنْ بلدٍ إلى أخر، فضلاً عَنْ تباينِها بالاستنادِ إلى التركيبِ المهني والنشاط الاقتصادي لقوةِ العمل. ويضاف إلى ما تقدم ذكره الدور الكبير لعواملِ السن والتعليم والتدريب فِي عمليةِ تحديد أبعاد البطالة وأشكالها الَّتِي تواجه قوة العمل.
البطالةُ بحسبِ الأدبيات الاقتصادية، تُعرّف بأنّها عبارةٌ عَنْ تعبيرٍ يُطلقُ عَلَى الأفرادِ الَّذين يعيشون بلا عمل؛ أيّ المُتعطّلون عَنْ العمل، وتُعرفُ أيضاً بأنّها حالةٌ يُوصفُ بها الشّخصُ الذي لا يجدُ عملاً مع مُحاولته الدّائمة فِي البحث عَنْ عمل؛ كما ظهرت تعريفات أُخرى لمفهومِ البطالة، مِنْ بَينِها ما يشير إلى أنَّ البطالةَ ظاهرة اقتصادية تُعاني منها البلدان الَّتِي تمر بظروفٍ وأزمات اقتصادية عَلَى المدى القصير؛ كما هو حاصل فِي ظلِ الأزمات الاقتصادية الدورية الَّتِي تمر بها بعض الدول المُتقدِّمة، أو ما يحدث مِنها عَلَى المدى الطويل؛ كأشكالِ البطالة الظاهرة للعيانِ فِي كثيرٍ مِن الدولِ النامية، والَّتِي ترتبط بحالةِ الركود الاقتصادي وهَشاشة الدور السياسي فِي تلك البلدان، مع العرض أَنَّ تَعريف البطالة الَّذِي خرج مِنْ أروقة منظمةِ العمل الدولية، ينحى صوب التأكيد عَلَى كونِها حالة الفرد – القادر والراغب والباحث – عَن العملِ دون جدوى العثور عَلَى الفرصةِ المُناسبة، ولا الأجر المطلوب.
ليسَ خافياً أنَّ البطالةً تُعَدّ اليوم إحدى المشكلات الأساسية الَّتِي تواجه أغلب بلدان العالم – المتقدمة والنامية – عَلَى اختلافِ مستويات تقدمها وتباين أنظمتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؛ بالنظرِ لخطورةِ آثارها الَّتِي تنعكس سلباً عَلَى الفردِ والمجتمع.
فِي أمَانِ الله.