23 ديسمبر، 2024 3:19 ص

مدارس الرصافي معلم عراقي أمرضته الخلافات الحكومية وأخفاه الحسد

مدارس الرصافي معلم عراقي أمرضته الخلافات الحكومية وأخفاه الحسد

من الأمور التي لا تحتاج إلى نقاش في الواقعي العراقي ماخلفه الاحتلال الأميركي على البلاد من تردٍ واضح على جميع الأصعدة دون استثناء، وهذا من ضمن خطط جاءت عن دراية وقصد لا من المحتل منفردا بل من دول كان العراق وربما مازال يشكل لها كابوسا برقيه وتقدمه، وقوة مكانته في المنطقة.

لم تستطع معظم الوزارات الخروج من مأزق تدهور مشاريعها، بل ولم تستطع المحافظة على مستوياتها قبل عام 2003 ، فكان العد التنازلي ملموسا لدى الجميع من أصحاب الشأن والمتطلعين، ونالت وزارة التربية نصيبا واضحا من التدني، وبات الغش وتسريب الأسئلة وسوء النتائج من خلال ارتفاع نسبة الرسوب بين الطلبة في مختلف مراحلهم سمات يتصف بها التعليم.

لكن ثمة مفارقة لفتت نظر كثيرين بحدث غير مسبوق وفي لحظة اشتد فيها تدهور التعليم في محافظات عدة خلال سنوات التهجير منذ سنة 2014 حتى 2017 بل وصل الحال إلى نسيان الكثير فرص الدراسة وطموحات المستقبل وصارت لقمة العيش الشغل الشاغل لهم، إلا أن انبثاقة مدارس الرصافي النموذجية في إقليم كوردستان العراق كانت أروع مفارقة يحق لأهلها من المقيمين عليها في المكتب التعليمي التابع لمؤسسة الخنجر للتنمية التفاخر بها، وقد ذاع صيتها وشهد لها القاصي والداني محليا وعالميا، وقطفت ثمار تفوقات ولم تصل لها مدارس حكومية أخرى لها تاريخ وباع في مجال التعليم طويل، فكانت الرصافيات معالم علم يشار إليها بالبنان، ناهيك عن انتشالها عشرات الآلاف من الطلبة من الضياع وهو الإنجاز الأكبر بحد ذاته.

لكن المؤسف ما قابلت به وزارة التربية هذا الرقي والتفوق من محاربة لهذه المدارس ومضايقة ملاكاتها والقائمين عليها، حتى يئست من التأثير عليها كي تُدني مستوياتها، فجاء أمر إغلاقها، وهو الخبر الذي كان بمثابة صاعقة على الطلبة وذويهم.

مفارقة نقيضة لانبثاقة المدارس، لا تجد لها إلا أحد تفسيرين إما أن تكون زمام أمور الوزارات بيد أناس يمثلون جزءا من مخطط تدمير عصب تقدم البلاد وهو العلم والتعليم، أو أنها حسد بأصح مايمكن وصفه بعد عجز وزارة التربية وماسكي زمام أمورها عن مجاراة نجاحاتها، فكانت ردة الفعل بدل احتضانها ودعمها شن الحرب لإخفائها، ولم يستغرب كثيرون مما حصل ففي العراق يحارب النجاح منذ أكثر من عقد ونصف .

وما يأمله الجميع عودتها إذا ما تغيرت الكثير من الوجوه التي حكمت خلال السنوات الماضية، وإعادة المدارس تحت إدارة مؤسسيها ليستمر تألقها الذي لا شك أنه يصب في مصلحة مستقبل العراق.