القسم الرابع
إن نص المادة (2) من النظام ، بسريان أحكامه على جميع المؤسسات التعليمية بصفة وطابع التأسيس الأهلي في العراق ، يتعارض مع أحكام المادة (34/ رابعا) من الدستور ، التي لم تنص على إعتماد التعليم الأهلي لتنفيذ ما نصت عليه إلا بالكفالة الخجولة التي لا تعني الإلتزام ؟!، حيث ( التعليم الخاص والأهلي مكفول وينظم بقانون ) ، كما لا يجوز نقل كفالة الحق المجاني والإلزامي في التعليم الإبتدائي والأساسي من الدولة إلى الأهالي ، إلا إذا كان الدستور مجردا من معاني ومقاصد نصوصه ، حيثنصت المادة (3/أولا) من النظام ، على أن لوزير التربية بإقتراح من المدير العام للتعليم العام والأهلي والأجنبي ، منح الإجازة إلى الجهات الآتية :-
أ- الشخصيات المعنوية العراقية ، مثل النقابات والجمعيات العلمية والمؤسسات الأهلية ذات النفع العام ، المعترف بها قانونا ، والتي تنص أنظمتها الداخلية على تأسيس مثل هذه المؤسسات .
ب- العراقيين على أن تتوافر فيهم الشروط الآتية :-
1- أن لا يقل عددهم عن (3) ثلاثة أشخاص .
2- أن يكون أحدهم حاصلا على شهادة جامعية أولية في الأقل ، ومن ذوي الخبرة والإختصاص ، ومؤهلا تربويا ، أو أن يكون قد مارس التدريس في المدارس أو الجامعات الحكومية مدة لا تقل عن (5) خمس سنوات .
– الشرط المذكور ذو شطرين ، والفرق بينهما أنه يمنح الإجازة للحاصل على شهادة البكالوريوس ومن ذوي الخبرة والإختصاص والمؤهل التربوي ، دون تحديد مدة الخبرة ونوعيتها ، كما هو الحال بالنسبة للشطر الثاني من ممارسة التدريس مدة لا تقل عن خمس سنوات كبديل عن الشهادة ؟!، لمن هم من غير المؤهلين تربويا مثل المحاضرين من الموظفين وغيرهم من ذوي الكفاءات والخبرات المهنية التطبيقية ، وفي ذلك بون شاسع وغير مقبول تربويا لمحدودية العمل بموجبه ، لأن مدة الممارسة لسنوات خمس ، تتعلق بذوي الخبرة والكفاءة والمهارة الفنية الشخصية في التدريب المهني ، التي غالبا ما تكون في غير مجالات التعليم والتدريس ، وقد أعتمد ذلك مقياسا في الجانب الإداري بداية ثمانينيات القرن الماضي ، عند إجراء تحديد الفائض والعجز من الموظفين ، بإعادة توزيع الموظفين تطبيقا لمبدأ ( الموظف المناسب في المكان المناسب ) ، وبدافع الخشية من إفراغ الدوائر من كفاءة وخبرة الموظفين ، بحجة عدم تطابق ممارسة الأعمال مع مستوى شهاداتهم وإختصاصاتهم الدراسية ، أما في مجالات التعليم والتدريس فإن السنوات الخمس غير كافية لصقل المواهب والإمكانيات التعليمية أو التدريسية أو التربوية ، لإنتاج ذوي الخبرة والكفاءة المعتبرة ، سيما وإن خريجي الكليات بعد الإحتلال ، موسومين بعدم إمتلاك مقومات القدرة في كل شيء ، كونهم من أشخاص مخرجات التعليم متدني المستوى علميا ، ومن أفراد عصر إزدهار تزوير الشهادات ، كما إن ضعف الممارسة الفعلية لمهنة التعليم منذ إحتلال العراق في سنة 2003 ولحد الآن ، بسبب تداعيات الظروف السلبية العامة والخاصة ، لا تسمح إلا بأن يكون جميع المؤسسين من المعلمين أو المدرسين أو المشرفين أو الإختصاصيين التربويين المتقاعدين حصرا ، ومن المتميزين وليس الفاشلين في ممارستهم للتعليم أو التدريس ، ولعل من حقنا الإعتراض على مؤهلات المؤسسين على النحو الموصوف بالنظام ، بأن يكون معظم المؤسسين دون مستوى الحاصلين على الشهادة الجامعية ومن بينهم الأميين ، مع عدم إتضاح معالم السيرة الذاتية وعلاقتها بالعملية التربوية ، ولا أعتقد أن في إجراءات مديرية التعليم الأهلي ما يتم بموجبه التأكد من صلاحية المؤسسين لتلك المهمة ، لأن إدعاء الصلاحية بدون تدقيق وتمحيص المطلوب هو السائد المعتمد ؟!، في ظل صور الفساد الإداري والمالي والتربوي الذي إطلعنا على واقعه المرير ميدانيا ، حين لا يثبت في عقود الشراكة ما يثبت نوعية العمل السابق للمؤسس ، للتحقق والدلالة على ما يتناسب منها ويليق بشرف وكرامة ممارسة مهنة التعليم والتدريس والعمل التربوي الإداري ؟!.
3- غير محكوم عليهم بجناية أو جنحة مخلة بالشرف ، وغير مشمولين بإجراءات المساءلة والعدالة .
– في عجز الشرط المذكور جنبة سياسية لا بد من تجاوزها ، بعد مضي أكثر من خمسة عشرة سنة على العمل بها خلافا لأحكام الدستور ، على أن لا يتم الإكتفاء بشطر الشرط دون التحقق وبوثيقة رسمية صادرة من الجهات المختصة ، إضافة إلى تقرير حسن السيرة والسلوك الصادر من المجلس المحلي للحي الذي يسكن فيه المرشح لتأسيس المدرسة الأهلية ، لعلاقة الممارسة العملية التعليمية والتربوية بمجموعة القيم والمبادئ الإجتماعية والثقافية والدينية المعتمدة .
4- القدرة على الوفاء بالإلتزامات المالية اللازمة لتأسيس المؤسسة التعليمية الأهلية .
– لم يكن في نص الفقرة أعلاه غير هيمنة رأس المال اللا تربوي على تأسيس المدارس الأهلية ، مع عدم وجود الضامن بالوفاء بالإلتزامات المالية المترتبة على غير الأسباب المتعلقة بتأسيس المدرسة الأهلية ، والتي تترتب عليها لأي سبب كان وإلى حين إغلاقها ، حيث نصت المادة (4) من التعليمات على أن ( تلتزم المدارس الأهلية بتسديد أجور منح وتجديد الإجازة التي يقررها مجلس الوزراء ، إستنادا إلى نص الفقرة (أولا) من المادة (31) من قانون وزارة التربية رقم (22) لسنة2011 ) .
أما المدارس الأهلية خارج العراق ، فمع كونها أدوات جذب مضاد للإستقرار داخل الوطن ، فإن التعامل بالمثل في ظل السياسات غير المستقرة للدول ، يشكل نقاط ضعف دائم وأوراق ضغط سياسي مخل في عدم ضمان مستقبل أبناء الجالية العراقية في الخارج ، سيما وأن عدد المهاجرين والمهجرين في زيادة وعدم إنقطاع ، ولم ولن تستطيع الدولة تأمين مستلزمات التعليم المماثل لهم عند عودتهم إلى الوطن ، حيث نص البند (ثانيا) من المادة (3) من النظام ، على أن ( للوزير بموافقة اللجنة الوزارية القطاعية ذات العلاقة ، منح المؤسسات الأجنبية المناظرة للمؤسسات المنصوص عليها في الفقرة (أ) من البند (أولا) من هذه المادة ، إجازة تأسيس مؤسسة تعليمية أجنبية ، بعد إستحصال موافقة الأجهزة الأمنية المعنية ) ، وهو نص خاطئ يقضي بمنح الوزير إجازة التأسيس بموافقة اللجنة الوزارية ، وهي أقل منزلة ومركزا قانونيا في هرم المسؤولية ، بدلا من أن تكون للوزير سلطة البت بتوصيات اللجنة بشأن الموضوع ، كما إن من السذاجة الإدارية أن تخالف المادة (1/ثانيا) من التعليمات رقم (1) لسنة 2014 ما نص عليه النظام ، حين تصبح اللجنة الوزارية القطاعية ذات العلاقة ، لجنة وزارية عليا تشكل لهذا الغرض برئاسة الوزير ، ومن ثم لا يستطيع الوزير مخالفة قرار اللجنة التي يرأسها .
كما نصت المادة (4/أولا) من النظام ، على أن ( للوزير بموافقة مجلس الوزراء منح إجازات تأسيس المؤسسات التعليمية الأهلية التي تدرس المناهج غير الرسمية ، ويحدد المقصود بتلك المناهج وشروط منح الإجازات بتعليمات يصدرها الوزير لهذا الغرض ) ، ومع أن في ذلك توسعا غير مطلوب ولا مرغوب فيه من الناحية الفنية ، لعدم توافق مخرجات التعليم الأهلي في المناهج غير الرسمية مع أهداف وزارة التربية وحاجة التنمية البشرية ، مما يتطلب إلغاء النص المذكور .