23 ديسمبر، 2024 9:23 ص

مدارس التعليم الأهلي … رأس مال غير تربوي

مدارس التعليم الأهلي … رأس مال غير تربوي

لا بد من بحث الموضوع إستنادا لأحكام مواد الدستور لسنة 2005(1) ، ثم لأحكام قانون وزارة التربية رقم (22) لسنة 2011(2) ، وصولا إلى نظام التعليم الأهلي والأجنبي رقم (5) لسنة 2013(3) ، والتعليمات عدد (1) لسنة 2014 الخاصة بفتح المدارس الأهلية ، وكما يأتي :-
مدارس التعليم الأهلي … ماذا وإلى أين … موضوع خاص ، ساقني إلى دراسة واقع مدارس التعليم الأهلي ، فلم أجد فيها غير بيع التعليم إلى من لا علاقة له به من قريب أو بعيد ، مما أدى إلى إنحرافه عن سبل وأساليب ووسائل تحقيق غاياته وأهدافه ، إلا من جهة إستثمار المال غير التربوي ، الذي لا يعود بغير النفع المادي الخاص على زمر الفساد الإداري والمالي والتربوي ، وستبين لكم حقائق تطبيق النصوص القانونية والإدارية ، الواقع المأساوي الذي تتخبط في وسطه ، إجراءات لا تمت بصلة إلى صحيح وسليم إدارة العملية التربوية في أدنى وأعلى مستوياتها ، مما يدعو إلى إعادة صياغة نظام التعليم الأهلي والأجنبي المذكور ، بما يؤمن معالجة مواضع ومواقع الخلل الفادح فيه ، إلى حين تعديل الدستور وإلغاء هذا النوع من التعليم ، الذي يتعارض ومبدأ مجانية التعليم بشكل عام ، وإلزاميته في المرحلة الإبتدائية بشكل خاص ، كما يتقاطع مع مبدأ المساواة وعدم التمييز بين المواطنين ، على أساس التفاوت الطبقي إجتماعيا وإقتصاديا ، مع إن الدستور وقانون وزارة التربية لم يرد فيهما النص على بيع مدارس التعليم للجهلة والأميين من أصحاب الأموال بنسبة الضعف من المؤسسين ؟!، ومن ثم إستحداث مدارس خاصة لأبناء المترفين تبعا لذك ؟!، حيث نص الدستور على ما يأتي-:
* المادة -١٤- العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الإقتصادي أو الإجتماعي .
* المادة -٣٤- أولا- التعليم عامل أساس لتقدم المجتمع وحق تكفله الدولة ، وهو إلزامي في المرحلة الإبتدائية ، وتكفل الدولة مكافحة الأمية .
ثانيا- التعليم المجاني حق لكل العراقيين في مختلف مراحله .
ثالثا- تشجع الدولة البحث العلمي للأغراض السلمية بما يخدم الإنسانية ، وترعى التفوق والإبداع والإبتكار ومختلف مظاهر النبوغ .
رابعا- التعليم الخاص والأهلي مكفول وينظم بقانون .
* إن نصوص مواد الدستور أعلاه ، تضمنت إستخدام كلمة ( تكفل ) بدلا من كلمة ( تلتزم ) التي نراها الأفضل في الصياغة القانونية ، لما فيها من إلزام محدد للدولة ، أما كلمة ( تكفل) فهي متعددة المعاني وغير واضحة الإلزام للدولة بفعل محدد ، حيث تعني أن ( تتعهد الدولة ) أو ( تضمن الدولة ) أو ( ترعى الدولة ) حق التعليم العام بضمه إليها ، بينما التعليم الخاص والأهلي مكفول من قبل غير الدولة ، وتنظم أحكام قواعده بقانون غير محدد التفاصيل ، وعليه نرى أن يكون الدستور ينبوعا دافقا بما يغني التشريعات المختلفة ، ولا يغير القانون من مقاصد ومعاني كلمات مواده ، وإنما يسير القانون داخل إطاره ولا يخرج عن حدود الوضوح والحسم فيه ، دستور غير قابل للتفسير والتأويل لأكثر من معنى ومقصد كلما كان ذلك ممكنا ، كما إن إلزامية التعليم في المرحلة الإبتدائية إستوجبت تأكيد مجانيته ، وتلك ركيزتان أساسيتان في وجوب الإقرار بعدم شمولهما بالتعليم الأهلي القائم على إستيفاء أجور التعليم السنوية للتلاميذ ، المحددة نشازا من قبل إدارات المدارس ذاتها ، حسب نص البند ( رابعا ) من المادة (31) من القانون ، بنوازع ودوافع ورغبات المتاجرة بالتعليم لأغراض النفع المادي الخاص ، ومواصفات المؤسسين من أصحاب الأموال المستثمرة في هذا المجال تدل على ذلك ؟!.
* ولما كانت التشريعات الإدارية والتربوية قواعد عقود عامة وخاصة ومنظمة ، يحتكم إليها في حل المنازعات والفصل بين الخصوم ، فلا يكون للسلطة التقديرية خيار الإجتهاد إلا فيما لم تنص عليه ، وفي حدود دائرة شموله ، وعليه نجد المادة (151) من القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951(4) ، تقضي بأن ( يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه ، وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية . ولا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه ، ولكن يتناول أيضا ما هو من مستلزماته ، وفقا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الإلتزام ) .
* وعليه لا يجوز أن ( تؤسس وزارة تسمى ( وزارة التربية ) تتمتع بالشخصية المعنوية ويمثلها وزير التربية أو من يخوله )) بموجب قانون وزارة التربية لسنة 2011 ، وكأن المراد هو نكران فكر وجهد العاملين في ضوء ما سبق من التشريعات التربوية الصادرة منذ عهد تأسيس الدولة العراقية عام 1921 ، لتصبح وبالا وشرا مستطيرا على إدارة التعليم بعد الإحتلال ، لكشفها كل أنواع الفشل والفساد الإداري والمالي والتربوي ، المتمثل في نص :-
* المادة -2- تهدف الوزارة إلى :-
ثانيا- تنشئة جيل ينبذ جميع صيغ التعصب والتمييز بما ينسجم مع أحكام الدستور .
– كيف يتم تنشئة الجيل النابذ لصيغ التعصب والتمييز ، مع إقرار فتح مدارس التعليم الأهلي المعزز والمجسد لكل أشكال وأنواع التفاوت والتمييز الطبقي ؟!، التي رفضها وأقرها دستور وقانون المتناقضات في آن واحد ؟!.
ثالثا – توجيه الطالب إلى التمسك بالعلم والمعرفة وأساليب التفكير المعاصرة .
رابعا– تنمية قدرات الطالب الإبداعية بما يضمن تكامل شخصيته جسميا وعقليا وإجتماعيا وروحيا .
خامسا – تعزيز دور التربية والتعليم في الحياة والعمل المنتج ، والحفاظ على إستقلاليته وإتاحته
للجميع ، وتحسين نوعيته بإتجاه إستثمار أفضل الموارد البشرية وتحقيق التنمية الشاملة .
– كيف تتحقق الأهداف المذكورة ولا توجد كتب منهجية دراسية كافية عند بدء كل عام دراسي
جديد ؟!، كما إن الحفاظ على إستقلالية التعليم وإتاحته للجميع ، وتحسين نوعيته بإتجاه إستثمار أفضل الموارد البشرية وتحقيق التنمية الشاملة ، يتعارض بل ويختلف من حيث الأسباب والنتائج ، مع إستثمار التعليم بمختلف أنواعه ومستوياته من قبل رؤوس الأموال غير التربوية ؟!.
* المادة-3- تسعى الوزارة إلى تحقيق أهدافها بالوسائل الآتية : –
سادسا– إعداد المناهج الدراسية لمراحل التعليم وأنواعه وتهيئة وسائلها وكتب الدراسة فيها وتطويرها إستنادا إلى البحوث العلمية والدراسات والإتجاهات التربوية الحديثة .
خامس عشر– توفير الأبنية المدرسية وتشييدها وإدامتها مع الجهات ذوات العلاقة .
– بعد سبع سنوات على إصدار قانون وزارة التربية النافذ ، لم نجد درجة إنجاز حكومي متميز ، تتفق وتتطابق مواصفاتها مع ما تضمنه البندين أعلاه ؟!، في الوقت الذي كان بإمكان وزارة التربية تحقيق ذلك ، فيما لو حلت محل مستثمري التعليم ، في إستئجار دور السكن الصالحة للإستخدام التعليمي ، إلى حين تأمين ذلك عن طريق الحكومة ، مع التوسع في إنشاء المطابع التابعة للوزارة بمقياس مطبعة واحدة في كل محافظة ، لتأمين طبع الكتب المدرسية في الوقت المقرر والمناسب .
هوامش
1- نشر الدستور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4012) في 28/12/2005 .
2- نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4209) في 19/9/2011 .
3- نشر النظام في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4308) في 3/2/2014 .
4- نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (3015) في 8/9/1951 .