23 ديسمبر، 2024 12:34 ص

-6-
طويرش طفل انابيب للحروب المتناسلة من الخراب الرافديني…هو واباؤه وابناؤه واحفاده مخزن لضحايا الحروب العبثية برتبة شهداء على قائمة انتظار القادة من احفاد جلجامش… ماذا فعلت بنا ياجلجامش؟ الحروب تمشي بك الى الامام… ونحن نرجع الى الوراء مثل بول البعير!.

تمر الحروب على وجوهنا فتصبغنا بالأبيض… وتترك لافتات الحداد السود لتغلف فقداننا الابدي… تأكل الحرب اعمارنا….فما يتجرأ جيل على عصيان قائدنا الاوحد المنصور والوشاش وحي العدل…

الحرب أمنا حين تحبل بالسقط من اولادها، “واحنه مشينه للحرب عاشگ يدافع من اجل محبوبته”… عفطة عنز بلحيتك ياجلجامش… أَبعدَ كل هذه الهزائم تقف وحيدا في ساحة النصر في انتظار سيارة فولگا لتنقلك بالنفرات الى ساحة الميدان؟!..

اطويرش يجلس في منتصف المزبلة ويسمع كل هذه الادانات، يغلق اذنيه بيديه ويغمض عينيه حتى لاتقبض عليه السلطات المحلية وتتهمه بالموافقة ضمنا على ما كل ماتطلقه مكبرات الصوت في فاتحة الامم السومرية المتحدة…الفجيعة انه لم يزل متهما بشتم السيد الرئيس جلجامش ونائبه انكيدو من اول سطر في التاريخ وحتى اخر صفحة بيضاء فيه، هناك انظمة تنظر اليك كما تنظر إلى سفاح بشري لمجرد انك تختلف عنها في كلمة واحدة، فكيف لو اختلفت معها من الباب… للكوسر.. فرج.

الحروب تعدُّ شهداءَها بالتوابيت، ومفقوديها بالاقراص المعدنية، والجرحى بالسيقان المبتورة والايدي المقطوعة، والارامل بالثياب السود، والايتام بعدد الصغار المنكسين رؤوسهم في رفعة العلم… وكأنهم يقولون :خذوا العلم واعيدوا لي ابي العاشق الذي ذهب يدافع عن محبوبتهَ…. فطلّق امي…

ياسيد اطويرش. ايها الجالس بين قمامة اوروك… لو ان العالم القديم اقتنع برايك حول الحروب لتحولت امتنا الى مكنسة، وقائدنا إلى عامل نظافة وفق نظام العقد، ولاحتاج إلى الف واسطة في امانة اوروك حتى يحولونه الى الملاك الدائم.. الحروب اشبه بجريمة قتل لغسل عار الامم، القانون الدولي ينظر إلى الدافع الشريف لتكريم مجرمي الحرب واعطائهم النياشين التي يعلقونها على قبور ضحاياهم…

اطويرش انته ليش ماتحترم حيثيتك؟ الحيثية تلزمك ان لا تقف مع جيش العدو الذي يريد اغتصاب وطنك! كيف يمكن ان يغتصبون وطنا لا قلاقيل فيه؟ الم تسمع بالارض المغتصبة يااطويرش؟ عفاف الوطن يلزم جميع ابنائه ان يمسكوا بتچة الوطن خشية انسلاتها وسقوط الملابس عنه فتنكشف جبهته …الداخلية… اي عارٍ سيغلفك يااطويرش وانت ترى العدو يطبطب على مؤخرة وطنك بيديه !؟

الحروب تزفنا الى مقابرنا مثل فصلية عشاير وهي تغني(جابوهه دفع للدار….) ، بينما الشعب يغني(الرايح مودعينه والجاينه امشيعينه..)… (ن ض ملح) يقول للجنود في معسكر المحاويل الذين يتسلقون السياج الخارجي للهروب: لو انتو تحبون الحزب مثل مايحبه نايب ضابط ملح، لمنعكم حبكم للحزب من الاقتراب من السيم…الذي يعبر السيم يكفر بالحزب والثورة…

الوطن سياج مكهرب يااطويرش، والسيم طريقك لمنفى او غربة، الذي يعبر السيم سيرى وطنا آخر لاعلاقة لجلجامش به… ونايب ضابط ملح احد حراس مصحة جلجامش العقلية الماصخين المصابين بضغط السلطة في مدينة الالف عريف… سيمك شرفك… فمن لا سيم له… لاشرف له…

تاخذ اطويرش صفنة طويلة وهي يتصور الأوطان عبارة عن اسلاك شائكة ملقاة على التراب، كل من يعبر حدود سيمه القديم يلقي باسلاكه الشائكة العتيقة خلفه قبل ان ترتفع امامه اسلاك شائكة لاوطان جديدة رسمتها الحدود على جلود مواطنيها، بينما يطيل طويرش صفنته الوطنية، يقترب منه شخص عارٍ من الملابس وهو يقول له:

-اطويرش…. تشتري چلب؟