18 ديسمبر، 2024 4:03 م

مخطط تقسيم العراق بدايته داعش ونهايته …. ؟

مخطط تقسيم العراق بدايته داعش ونهايته …. ؟

يبدو ان شبح التقسيم الذي يلاحق الدولة العراقية التي تأسست قبل 93 عاماً ان يصبح امراً واقعاً الى ثلاثة كانتونات سنية وشيعية وكردية , فمع استمرار تحرك العصابات الارهابية وحالة الكر والفر والإرباك التي شهدتها عمليات التصدي للقوة الارهابية زادت فكرة تقسيم البلاد والذي ذهب بحجج  ان التقسيم  هو الانزلاق الى القتال المذهبي المفتوح الذي يشعل ناراً لا يمكن اطفائها وانهيار البلاد الى غير رجعة . ربما هذه الحجج قوية لأنها تستند لافتراض خاطى الا انها تجاهلت ان اصل الخلاف ليس مذهبيا او قوميا وان الخلافات التي وضعت السنة والشيعة في مواجهة بعضهم البعض بعد احداث عام 2005 هي اسباب سياسية . فانعدام الثقة بين المكونات السياسية والإدارة الفاسدة السيئة للحكومة السابقة جعلت الامور تصل الى ما عليه اليوم , كما ان فكرة التقسيم لن تكون حلاً للازمة بقدر ما سيعزز حالة العداء والتفرقة بينهم .
لا يخفى ان فكرة تقسيم العراق الى ثلاثة اجزاء (سنية ـ شيعية ـ كردية ) سبق وان طرحت في العام 2006 على لسان عضو مجلس الشيوخ انذاك جوزيف بايدن والذي بدأ بالترويج لها وعقد المؤتمرات الصحفية وإيجاد المقارنات بين وضع العراق وبينما جرى في يوغسلافيا واتفاقية “ديتون” في اواسط التسعينات ولكن الامر في العراق يختلف لان الشيء الاهم ان العراقيين انفسهم يرفضون فكرة التقسيم باستثناء الكرد الذين يتطلعون لإقامة دولتهم المزعومة والتي تجد الكثير من العراقيين في تنفيذها سواءً على المستوى الداخلي او الاقليمي او الدولي .
فكرة التقسيم تندرج ضمن الرؤية الامريكية للشرق الاوسط الجديد التي اعلنت عنه وروجت له منذ سبعينيات القرن الماضي وعمدت على تنفيذه من خلال ما يسمى بربيع الثورة العربية ، والمقسم طائفياً ليس في العراق وحسب بل في الدول العربية والتي تمتلك 65% من احتياطي النفط في العالم ، من اجل اضعافها والذي يصب في مصلحة امريكا وحلفائها في المنطقة .
الاقليم السني جاء جزء من هذا المخطط والذي دعت اليه بعض القوى السنية ، والذي يأتي متناغماً مع مشروع بايدن وتأييد بضمه الى مجلس التعاون الخليجي ، لا يمكن له ان يرى النور لان السنة العرب يعون مخاطر التقسيم عليهم ، ويعلمون جيداً انهم الخاسر الأكبر من تقسيم مدنهم والتي لا تملك سوى الرمال ، الامر الذي يجعل تطبيقه صعباً في ظل هذا الرفض ، كما ان فشل السياسين وفسادهم وعدم قدرتهم على تحقيق طموحات شعبهم ومدنهم التي باتت اليوم ترزح تحت سطوة داعش ، فلم يبقى لهم اي تأثير في هذه المجتمعات ، مما جعلهم يعلمون على اثارة الصراعات والنزعات الطائفية لضمان بقاء اوضاعهم على ماهي عليه اليوم .
ربما الرابح الأكبر في هذا المخطط هم الأكراد لأنهم يمتلكون مقومات التقسيم ، كما ان داعش كان مساعدا جيدا لهم في التمدد على الارض وسيطرتهم على مناطق واسعة من كركرك والموصل ، والسيطرة على أسلحة وعتاد الجيش العراقي الذي هرول تاركاً ارض المعركة لداعش ، وأن سيطرة “داعش” على مدن وبلدات في شمال العراق هي “دلائل على تنامي تأثير هذا التنظيم المتشدد، وهو يهدد بنشر العنف وعدم الاستقرار على نطاق أوسع”، وأن تراجع سيطرة الحكومة المركزية في بغداد يفتح المجال أمام الأكراد كي يدفعوا بقوة أكبر نحو إقامة دولة كردية مستقلة خاصة بعد سيطرتهم على كركوك. وبذلك يكون الأكراد، قد حققوا الفرصة التاريخية من أجل استعادة التحكم بالوصول إلى موارد نفطية مهمة، ووضع حد للخلاف المستمر منذ سنوات مع الحكومة المركزية حول تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي التي تنص على تطبيع الأوضاع في كركوك.
الإقليم الشيعي هو الاخر ليس حال حسن ، وذلك لانه يعاني من كثرة قيادات التشيع ، والاختلاف المرجعي والسياسي لهذه القيادات ، كما ان جنوب ووسط العراق عانى من انهيار كامل في البنى التحتية ، الامر الذي يحتاج الى سنوات طويلة في إعماره وبناء بناه التحتية ، ولكن الشي الإيجابي ان أغلبية الشعب العراقي يرفض هذا التقسيم الطائفي والقومي ، ويرفض اي تدخل سواء للأميركان او القوى الغربية في مستقبل بلاده  لهذا ان مسأله تطبيق هذا المشروع ستلاقي الفشل بكل تاكيد ، لهذا سيعمل الغرب جاهدا من احل تطبيق هذا مشروع ، خصوصاً وانه يستغل الاحقاد والكره بين السنة والشيعة . العراق سينهض من جديد مهما حاول الغرب ووعملائه في المنطقة وستنتصر ارادة الشعب العراقي ، اذ لا فرق بين مكونات الشعب هكذا كانت دائما صفحات بلد “ارض السواد ” صاحب الحضارة الكبيرة الذي علم البشرية على الكتابة وعلى مدى آلاف السنين وقبل كل الديانات السماوية، وعلى الخصوم أن يحسبوا من الآن كم سيدفعون لقاء مشروعهم هذا ، كما إنها النهاية ومكابرة واشنطن لنفي هزيمة مشاريعها لن تنفع، الحرب الأميركية ضد العراق التي بدأت فصولها الأكثر دموية بعد عام ٢٠٠٣ تشرف الآن على نهايتها.