18 ديسمبر، 2024 11:46 م

مخطط أن يعتبر العراق وللان تحت الوصاية الدولية!

مخطط أن يعتبر العراق وللان تحت الوصاية الدولية!

أنشئ نظام مجلس الوصاية التابع لمنظمة الأمم المتحدة، بعد قيام المنظمة، ليطبق على الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، ولاسيما الأقاليم التي كانت تخضع لدول المحور. إذ أنشئ “مجلس الوصاية” لرعاية مصالح شعوب تلك الأقاليم، والأخذ بيدها نحو الحكم الذاتي والاستقلال.
وبحسب الموقع الرسمي للمنظمة الدولية، فإن مجلس الوصاية علّق أعماله في 1 تشرين الثاني (نوفمبر) 1994، بعد أن استقلت بالاو في ذلك التاريخ، وهي آخر إقليم مشمول بوصاية الأمم المتحدة. وعليه، عدّل المجلس نظامه الداخلي بحيث لم يعد يتضمن الالتزام بالاجتماع سنوياً، ووافق على أن يجتمع حسب الحاجة، بقرار منه، أو من رئيسه، أو بناء على طلب أغلبية أعضائه أو الجمعية العامة أو مجلس الأمن.
والوصاية في القانون تحدث في “حالة فقدان الولي الشرعي للأهلية، أو الأسباب الشرعية التي تجعل منه قيماً على أبنائه، كالسفه مثلاً، فينتقل الأمر في هذه الحالة إلى وصي يتم تعيينه من خلال المحكمة، ويقوم مقام الولي الأصلي”.
ويبدو أن بعض السياسيين العراقيين صاروا يستخدمون هذه المفاهيم لضرب مخالفيهم. فالأسبوع الماضي، وخلال مقابلة مع قناته التلفزيونية الشخصية “وصال”، شن نائب رئيس الجمهورية العراقي نوري المالكي هجوماً عنيفاً على المملكة العربية السعودية، أكد فيه “على أن جذر الإرهاب والتطرف والتكفير هو من المذهب الوهابي في السعودية، وأن الحكومة السعودية غير قادرة على ضبط هذا التوجه الوهابي التكفيري. ولعجزها، أنا أدعو أن تكون السعودية تحت الوصاية الدولية، وإلا سيبقى الإرهاب يتغذى من أموال السعودية، وينمو على حساب السعودية وبيت الله الحرام، وبقاؤها هكذا سيدمر الجسد العربي وغير العربي”.
والكلام ليس مجرد نزوة سياسية طفت إلى السطح خلال مقابلة تلفزيونية، وإنما هو موقف رسمي من فم نائب رئيس الجمهورية حالياً، ورئيس الوزراء السابق، وزعيم حزب الدعوة، الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي.
وبمتابعة تطورات الأحداث، لم نسمع أو نقرأ استنكاراً حكومياً يتعلق بتصريحات المالكي. وهذا يعني موافقة حكومية غير مباشرة على تلك التصريحات، التي دمرت الأسس البسيطة التي بُنيت عليها العلاقات العراقية-السعودية مؤخراً. وباعتقادي، فإن هذا التصريح أجهض المحاولات الدولية والإقليمية الساعية إلى إعادة المياه لمجاريها بين البلدين.
وبمراجعة واقع حال العراق وغالبية دول العالم، يمكننا أن نجزم أن الدولة العراقية الحالية أولى بالوصاية الدولية من غيرها، وذلك للأسباب الآتية:
1 – وقوف غالبية السياسيين مع دول الاحتلال، وتشجيعهم لاحتلال وخراب بلدهم.
2 – فشل غالبية السياسيين في ترتيب وتنظيم مؤسسات الدولة. وبالتالي، صار العراق من الدول التي يشار إليها بالفشل والضياع.
3 – فشل الشراكة السياسية بين غالبية المشاركين في اللعبة السياسية، فصارت العملية السياسية جزءاً من المشكلة، وليست جزءاً من الحل.
4 – فقدان الحكومة سيطرتها على نصف مساحة البلاد تقريباً، والدولة اليوم منقسمة إلى نصفين: الأول بيد الحكومة ومليشياتها، والآخر بيد تنظيم “داعش”.
5 – تابعية القرار الرسمي، بشكل علني وواقعي، للجارة إيران، نتيجة غياب الدور التنفيذي والتشريعي في عموم السياسات الداخلية والخارجية، والذي نتج عنه ضعف الجهد الدبلوماسي في المحيطين العربي والدولي في السياسة الخارجية لانعدام الاستقلالية في القرار السياسي، وأكبر دليل على ذلك تصريح المالكي الأخير.
6 – ضياع هيبة الدولة، والانتشار العلني للمليشيات في عموم الشارع العراقي.
7 – انهيار المنظومة الاقتصادية، وتفشي الفساد الإداري والمالي في غالبية مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية.
8 – تفشي الخراب في غالبية المؤسسات القضائية التي أصبحت معولاً بيد غالبية الأطراف العسكرية والمدنية في البلاد.

غالبية الزمر التي حكمت العراق منذ عام 2003 والى هذا اليوم هي التي توسلت وقبلت ايادي الامريكان ودول اخرى لاسقاط النظام الصدامي السابق، في تلك الصفقة والعملية لم يعطى لهم اي دور اي للمجموعات التي سمت نفسها معارضة وشاركت في المؤتمرات التمهيدية في لندن وصلاح الدين وغيرها، دورها اقتصر على الانتظار والترقب وتهياة نفسها للانقضاض والهيمنة على السلطة .

اغلب المجموعات المافيوية التي اطلقت على نفسها معارضة نشات وتكونت وترعرعت في احضان اجهزة امن ومخابرات الانظمة التي كانت تعادي نظام صدام الدكتاتوري، ايران وسوريا والسعودية، بعد ان اسقطت اميركا وحلفائها النظام السابق قاموا بتسليم العراق الى هذه العصابات منذ عام 2003 .

بايعاز من عدة اطراف عراقية محلية واقليمية بان يتم حل الجيش العراقي والبنية التحتية المؤسساتية في كافة مرافق الدولة العسكرية والمدنية وتوابعها، مع وضع نظام حكم جديد مكون من الاكراد والسنة والشيعة، هذا النظام لا هو رئاسي ولا برلماني ولا فيدرالي بل هو اشبه بنظام حكم كونفدرالي على ان يقسم العراق قوميا ومذهبيا وطائفيا ليبقى العراق ضعيفا ينخره المشاكل والفساد والانقسامات والفوضى، هذا هو المطلب الذي اريد للعراق ان يكون ويصبح وهو مطلب الجهات التي ذكرناها .

العراق تحت الوصاية- اللبنات الاولى للتقسيم الشكلي الاساسي وضع بفضل قائد الضرورة والامة العربية المهزومة المهيب الركن صدام بعد ان احتل الكويت وقرار مجلس الامن معروف عندما قسم العراق الى ثلاثة مناطق يحسب خطوط العرض والطول، اذن لا بد من الاشارة بهذا الخصوص الى شيئ ما وهو، سبب خراب ودمار وتقسيم وما يجري وجرى في العراق وشعبه من تهجير وقتل كان سببه الاول والاخير نظام صدام الفاشي النازي الدكتاتوري الذي حكم العراق اكثر من خمسة وثلاثون عاما 90% منها كانت حروب مع الاكراد وايران والكويت ومحاربة العالم بام المعارك، اما العصابات الحاكمة الان فهي لم تاتي بجديد بل استكملت وتتممت وانجزت المسيرة والمتبقي الذي لم يخرب ويدمر والمشروع انجز 100% ولم يبقى شيئا .جميع الذين يحكمون العراق منذ عام 2003 ليسوا فقط ارهابيين وقتلة وفاسدين وسارقين وعنصريين وفاشيين ونازيين وطائفيين، بل هم دمى كقطع الحجارة والدومينو تحركهم اميركا بواسطة مجموعة معينة في غرفة عمليات المختصة بالشان العراقي في احدى زوايا قبب المخابرات ووزارة الدفاع والامن القومي الامريكي، لهذا نستنتج ان كل ما حدث من ارهاب وجرائم وعمليات فساد بالمليارات ومن عمالة لدول وانظمة عربية واقليمية وتهريب اموال العراق وغيرها هو بعلم مكتب ادارة الشان العراقي الذي قلناه، الادارات الامريكية ليست بهذا الغباء كما يعتقد البعض عندما تغض النظر وتغلق عينا عن هذه الممارسات، استعمال مثل هكذا اوراق ثبوتية معروفة في الوقت المناسب ولديها كل الاوراق والمعلومات والمستندات الثبوتية، اذا كانت الدوائر الامريكية تقدم معلومات استخباراتية ومخابراتية وامنية وتقوم بالتجسس على هواتف رؤساء الدول الاوربية وغيرها بمعلومات بما يجري على اراضي هذه الدول وهي غير قادرة ان تكشفها اجهزتها المعنية التي تضاهي امكانيات العراق واي دولة عربية اخرى بمئات المرات، فما بالك والتعامل الامريكي مع العراق ودول اخرى ! .

الادارة الامريكية تركت الوضع الداخلي للمتحاربين على الكراسي والسلطة في العراق، التحرك الامريكي سياتي عندما تفلت الامور وتجاوز الخطوط الحمراء المسموح بها، اميركا لم تاتي من تلقاء وحدها عام 2003 لتغيير النظام، بل جاءت بطلب من هذه الزمر الحاكمة الان واعطت اكثر من خمسة الاف عسكري قتيل وعشرات الالوف من الجرحى وصرفت اكثر من ترليون دولار، لهذا لم تترك العراق خارج السيطرة ويبقى اي قرار حاسم بيد اميركا، هذا ما نراه الان عمليا يطبق على الارض العراقية، قرار تحرير اي مدينة او ارض من ارهاب الدواعش هو قرار امريكي وليس عراقي، ومن لديه عكس ذلك ليقول لنا، دخول مستشارين عسكريين وجنود وانشاء معسكرات وقواعد صغيرة وما يحصل من ضربات يومية جوية على الاراضي العراقية كلها قرارات امريكية صرفة .

اخيرا ان عراق اليوم لن ولم يكون عراق مابعد داعش، ليس العراق فقط، بل بعض الدول المحيطة ايضا في الطريق الى التحولات الجغرافية والجيوسياسية والقومية والطائفية وهذا هو الشرق الاوسط الجديد الذي سيدفع الثمن باهضا بسبب عنجهية وتصرفات وسياسات الانظمة التي لا تستحق الحياة لانها تعيش خارج المنظومة البشرية والانسانية والاجتماعية التي شعارها انا وبس والتي تدعم الارهاب والقاعدة والدواعش والمنظمات الارهابية سرا وعلنا لوجستيا وماديا ومعنويا ودينيا وفكريا، وانظمة بالية قمعية وعسكرية وعشائرية وعائلية وقبلية وتكره الاخر وضد الحريات وحقوق الانسان وحرية الاختيار والعقيدة والدين وتعيش على الاوهام والخرافات والاساطير والفتاوى المقززة وضد المراة ومع العبودية والاستعباد . . . اذن هي ليست جديرة لا بالاحترام ولا العيش بل القضاء عليها وتفتيتها واحياء انظمة بديلة تحترم الانسان والعالم والقيم المدنية والروحية وتقبل الغير مهما كان دينه او قوميته او عقيدته او طائفته وان كان مؤمنا او ملحدا او يعبد الله او الاصنام.

لم تنه الاتفاقية الامنية بين العرا ق والولايات المتحدة الجدل حول التواجد الأميركي في العراق، مع اعتزام واشنطن استبدال الاحتلال العسكري المباشر بوصاية كاملة على العراق مدى الحياة، حيث يمكن لها التدخل في كل كبيرة وصغيرة تتعلق بحياة ومستقبل العراقيين ويعتبر الكثيرون الاتفاقية مجرد تغيير لشكل هذا الوجود وشرعنته من الناحية القانونية، فالتعذر بالبند السابع الذي فرضته اميركا ذاتها كسوط مسلط على سيادة الدولة العراقية منذ بداية حرب الخليج الثانية استخدم مجددا كوسيلة ابتزاز لتمرير اتفاقية وصايتها على العراق متناسين ان قرارات مجلس الامن ذاتها التي وصفت الحرب الاميركية ونتائجها على العراق بالاحتلال هي ذاتها من أبطل ونسخ كل القرارات التي سبقته. فلا بد من التطرق الى ما يسمى البند السابع من ميثاق الامم المتحدة، ومناقشة التداعيات الناجمة عن وجود العراق تحت طائلة هذا البند، ولا بد طرح تساؤلات اهمها ما افضل للعراق الخروج من طائلة هذا البند، ورفع الحصانة عن عن اموال مودعة في صناديق تنمية العراق الذي انشئ سنة 2003 بامر رئاسي من الرئيس الاميركي جورج بوش ام البقاء تحت طائلة هذا البند المجحف !!! ماهي الضمانات التي ستقدم للعراق في لاخراجه من هذا البند بموجب الاتفاقية الامنيية، فالحجج االتي قدمت من قبل الساسة العراقيين والاميركيين للتعجيل بتمرير الاتفاقية قبل انتهاء التفويض الممنوح لها من الأمم المتحدة في 31 ديسمبر 2008ليست مؤسسة، المنطق والعقل يقول، انه يكفي ان تقدم الحكومة العراقية طلبا الى مجلس الامن وتبين فيه انتفاء الاسباب الموجبة لوضع العراق تحت وصاية البند السابع، ليقوم المجلس بما يجب لاحترام سيادة العراق.

كلنا يعلم ان دخول العراق في وصاية الفصل السابع كان عبر القرار 661 بعد دخول العراق الكويت عام 1990. وقد عادت الكويت الى ما كانت عليه، وبالتالي انتفت الحاجة ليبقى العراق تحت وصاية هذا الفصل، خاصة وان القوات الاميركية احتلت هذا البلد ، فماهي اذن مبررات إبقاء العراق تحت طائلة هذا الفصل وهو دولة تحت الاحتلال الأميركي وفاقد لأبسط أشكال القوة التي تخوله الحفاظ على أمنه الداخلي ، فضلاً عن تشكيله خطراً على الآخرين ؟فالعراق بموجه احتلاله من قبل اميركا اصبح قانونيا وعمليا ومنطقيا خارج نطاق هذا البند، فلم يعد مهددا للأمن والسلم الدوليين بل ان سلمه وامنه مهددان بالاحتلال الاميركي. هذه هي الترجمة المنطقية لقرار مجلس الامن باعتبار القوات الاجنبية فيه هي قوات احتلال وعليه تم رفع كامل العقوبات الشاملة التي كانت قد فرضت على العراق، وعليه ايضا جرى اتفاق اعضاء مجلس الامن على جملة من القرارات والتوصيات تصب باتجاه ازالة الاحتلال الاجنبي ونقل السيادة الى الشعب العراقي ومن ضمن تلك القرارات اجراء انتخابات حرة ونزيهة ومستقلة لحكومة عراقية انتقالية يكون من حقها تقديم طلب رسمي الى مجلس الأمن لمطالبة القوات الأجنبية المحتلة بالخروج من العراق او التمديد لبقائها وجرى الاتفاق على ان تكون المراجعة نصف سنوية. معنى هذا ان مجلس الأمن لم يضع شروطا ليكون العراق سيدا على ارضه وثرواته وقراراته سوى طلبه بالتمديد او ابقاء القوات الاجنبية فيه وبهذا المعنى فان المجلس ونتيجة لمعارضته للتمادي الاميركي في موضوعة الحرب على العراق قد منح الحكومية العراقية امكانية مشروعة لاتخاذ قرار يساعدها على التمتع الفعلي بالسيادة إن ارادت.وان انتهاء التفويض الاممي ، وهو ما يعني حسب المحللين ان العراق ليس ملزم باي شكل من الاشكال العراق يتوقيع الاتفاقية الامنية. فخطط اميركا والتي يراد من خلالها إخراج العراق من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة يأتي متماشيا مع سيناريوهات الاحتلالات السابقة ، وهي خطوة مماثلة لتلك التي سعى لها الاحتلال البريطاني في مطلع القرن الماضي ، فلقد عقد الاحتلال البريطاني عدة معاهدات مع الحكومة التي نصبها يومذاك ووافق المجلس التأسيسي والبرلمان اللذان أنشاهما البريطانيون ، فقد تم عقد معاهدات عام 1922 و 1930 و 1948.

وهي خطوة معتادة لدول الاحتلال لتكرس تحصيل مصالحها ضمن إطار يضفي عليها شرعية قانونية لكن الضغط الشعبياسقط معاهدة« بورت سموث» في عام 1948 والتي عرفت يومها بوثبة الشعب العراقي ، اشترك فيها العراقيون بجميع أطيافهم بغض النظر عن العرق والمذهب والان وبعدما شعرت اميركا ان الأمر لا يمكن ان يستمر على هذا النحو فوصاية المجلس على استمرار وجود القوات من عدمه لا يشكل ضمانة للتفرد الاميركي بالقرار العراقي، خاصة وان الشعب العراقي ضد هذا الوجود شكلا ومضمونا وقد يغري بعض المتعاونين لتأخذ مواقف ربما تسبب حرجا للسياسة الاميركية في العراق فالغموض يكتنف الأجندة الأميركية من وراء السعي لتأمين وجود طويل الأمد في العراق، وعلاقات ذلك بأطماع واشنطن وأهدافها غير المعلنة في المنطقة، فواشنطن تعتزم استبدال الاحتلال العسكري المباشر بوصاية كاملة على العراق مدى الحياة ، فيمكن لها التدخل في كل كبيرة وصغيرة تتعلق بحياة ومستقبل العراقيين أيضا فإن تحديد موعد لإنهاء الاحتلال العسكري لا يعني في حقيقة الأمر الالتزام به بالكامل أو سحب كل القوات الأميركية، أي أن الأمور تسير باتجاه إقامة قواعد عسكرية دائمة حتى وإن كانت الاتفاقية لم تتضمن هذا الأمر صراحة وهذا ما يظهر في تصريحات بعض المسئولين الأميركيين, فقد اعلن بوش بأن الانسحاب من العراق سيخضع للتطورات الميدانية ، كما صرح جيف موريل الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية منتصف الشهرالماضي بأن القوات الأميركية لن تنسحب من العراق ما لم تتوفر الظروف المناسبة على الأرض لذلك، قائلا » هذه الوثيقة ( الاتفاقية الأمنية ) ستؤمن الإطار القانوني الذي يسمح لنا بمواصلة العمليات هناك وبالإضافة إلى ما سبق ، فإن الاتفاقية رغم أنها لم تنص على الولاية القضائية الكاملة للجيش الأميركي على قواته في العراق ، إلا أنها منحت السلطات القضائية العراقية صلاحية محدودة لمقاضاة العسكريين الأمريكيين والعاملين في الشركات الأمنية الأمريكية الخاصة مثل بلاك ووتر وبالرغم من أن الاتفاقية في نصها الحالي تمنح الجانب العراقي للمرة الأولى حق معرفة خارطة التواجد العسكري الأميركي في العراق، بمعنى عدد القواعد وانتشارها، فإنها لا توفر إشرافاً عراقياً واضحاً على حركة القوات الأميركية، من وإلى العراق، ولا معرفة كافية بتسليح هذه القوات . ما زال بإمكان القوات الأميركية تخزين أية أنواع من السلاح ترغب به في قواعدها العراقية، من السلاح التقليدي الثقيل، وسلاح الجو، إلى الأسلحة غير التقليدية. ولأن ما يسمى بالحرب على الإرهاب (والقاعدة) هو شأن قد أقر به الطرف العراقي، فإن أحداً لن يستطيع أن يفرض على القوات الأميركية حدود هذه الحرب.

صحيح أن الاتفاقية تقول بعدم استخدام العراق منطلقاً للاعتداء على دول أخرى؛ ولكن ذلك لن يمنع شن غارة جديدة على سوريا من الأراضي العراقية، أو على أية دولة مجاورة، بمسوغ متابعة عناصر مسلحة بعض العراقيين، ، ينظر إلى أن ضغوط إدارة بوش اضطرت الحكومة العراقية إلى القبول بهذه الاتفاقية؛ ولكن هذه الإدارة هي في طريقها إلى الأفول، على أية حال، وقد تعهد الرئيس المنتخب باراك أوباما علناً بالانسحاب من العراق ووضع نهاية لحرب لم يكن لها من مسوغ والتزامات أميركية عسكرية مكلفة . أوباما، بالطبع، أعطى تصريحات من هذا القبيل؛ بل وجعل العراق، على الأقل في الانتخابات التمهيدية، مسألة جوهرية في تميز برنامجه الانتخابي. ولكن الرئيس المنتخب صرح أيضاً بأنه سيأمر بانسحاب «مسؤول» من العراق، وأنه سيترك قوة عسكرية أميركية في العراق ( لمباشرة مهمات، مثل مكافحة الإرهاب، تدريب القوات العراقية، وتوفير الحماية للبعثة الأمريكية الدبلوماسية، هائلة الحجم. وهذا بالتأكيد ما تستبطنه الاتفاقية الحالية، وما يمكن أن يطلق عليه القواعد العسكرية الدائمة.

الفصل السابع وشروط تطبيقه::: لقد وضع القرار 661 الصادر في 2 أغسطس العراق تحت البند السابع دون إعطاء أية أهمية لما ورد في الفصل السادس وحتى السابع وصدرت بحق العراق قرارات كثيرة تنص على الفصل السابع ووضعت هذه القرارات شروط وضع العراق تحت البند السابع للأسباب الآتية: وهي احتلال العراق للكويت وتهديده جيرانه بالاحتلال، وامتلاك العراق لأسلحة التدمير الشامل. عدم انصياع العراق لقرارات الأمم المتحدة و هذه النقاط أعلاه دعت الأمم المتحدة وبقرارات من مجلس الأمن إلى إنهاء احتلال العراق للكويت ومن ثم إخلاء العراق من أسلحة التدمير الشامل والذي بموجبه تم تشكيل لجان التفتيش. وعليه فانّ تهديد العراق لجيرانه واحتلال الكويت قد انتهيا أصلاً في عام 1991م وبقيت الأمم المتحدة تحوم حول أسلحة التدمير الشامل ولجان التفتيش. الفصل السابع الذي تهدد به الولايات المتحدة الأميركية العراق اليوم والذي يمكن إجمال الالتزام بتطبيقه باستعمال القوة إذا توفرت الشروط الآتية::

ـ أن يكون نزاعا ما بين دولتين أو أكثر.

ـ أن تفشل الأمم المتحدة في إحلال السلم والأمن الدوليين بصورة سلمية.

ـ أن تتبع الأمم المتحدة الأساليب العقابية الجزئية قبل اتخاذ القوة.

ـ أن تكون القوة تحت إشراف مجلس الأمن.

ـ أن تعقد الأمم المتحدة اتفاقيات مع الدول المشاركة لتنفيذ عمل محدود وبإشرافها.

ـ أن تعيد السلم والأمن الدوليين بإعادة الحال إلى نصابه وحل النزاع بين المتنازعين.

ـ يعتبر البند السابع مستوفي الشروط إذا انتهت الأسس المبني عليها دون الحاجة إلى قرار آخر ينص على رفعه.

توضيح- القرار 1762 أنهى لجان التفتيش :انّ القرار 1762 الصادر في 29 يونيو 2007م أنهى بصورة قطعية وجود لجان التفتيش وبذلك أنهى بصورة قطعية وضع العراق تحت مواد البند السابع وفق ما يلي:

1. انتهاء حالة النزاع بين دولتين بعد احتلال العراق في 2003م.

2. انتهاء مستلزمات وجود الفصل السابع على العراق بالقرارات 1483 و1500 و1511 و1546و 1762.

3. عدم وجود مادة تنص على ضرورة استصدار قرار لإلغاء قرار مجلس الأمن ذي العلاقة.

4. افتقاد العراق لسيادته وفق الفصل الأول والثاني من ميثاق الأمم المتحدة. وهكذا ووفق مواد البند السابع يكون العراق قد استوفى الشرطين الأوليين وانتهاء وجود النزاع بين دولتين نتيجة احتلال العراق من قبل أميركا في عام 2003م.

مما حدا بمجلس الأمن استصدار قراره المرقم 1483 والذي بموجبه أنهى التدابير التي أطلقها مجلس الأمن بقراراته السابقة والمتعلقة بالعقوبات المفروضة على العراق لانتفاء الشروط التي تستند إليها قراراته ولعدم وجود نزاع بين دولتين. إلا أنّ الولايات المتحدة وبصورة منفردة أصرت على بقاء لجان التفتيش وعلى الرغم من اعتبار الدول الأعضاء الآخرين أن لا وجود لأسلحة الدمار الشامل وضرورة إنهاء وجود لجان التفتيش وهيئاتها المشكلة بقرار من مجلس الأمن. لذلك يكفي أن تقدم الحكومة العراقية طلبا إلى مجلس الأمن وتبين فيه انتفاء الأسباب الموجبة لوضع العراق تحت وصاية البند السابع، ليقوم المجلس بما يجب لاحترام سيادة العراق.

الاتفاقية الأمنية و«لغم» خطة الانسحاب : لن تذهب إدارة بوش، دون ترك ألغام وراءها أمام أي خطة لسحب القوات. كما يجب ألا نغامر في تفسير موقف «الانسحاب من العراق» المعلن من قبل الإدارة الجديدة على أنه بالضرورة انسحاب شامل ونهائي من دون ترك قواعد دائمة وراءها في أقل الأحوال في كردستان العراق وهو ما لا يتعارض بالأساس مع محتوى «الاتفاقية الأمنية». فالإدارة الجديدة لن تتخلى بالتأكيد عن مخالبها العسكرية وتريد الخروج من احتلال إلى وصاية تضمن لها مراقبة دول الجوار عن طريق بناء قواعد عسكرية دائمة واستغلال ثروات العراق والاتفاقية الأمنية التي صادق عليها البرلمان العراقي تمهد للاحتلال الدائم ولكن بشكل مستتر وليس علنيا كما هو حاصل الآن، فالمتابع لبنود تلك الاتفاقية وما صاحبها من ضغوط أميركية يلمس بوضوح أن واشنطن ضمنت الوصاية طويلة الأمد على العراق عبر مزاعم الانسحاب بحلول نهاية 2011.

وبالرغم من التطمينات الأميركية من أن الاتفاقية ستكون شفافة وليست فيها أي بنود سرية، إلا أن الكثيرين من أبناء الشعب العراقي متخوفون من أن يفرض الإطار الحالي لأميركا كقوة احتلال أساسا تستغله الإدارة الجديدة لتحقيق أهداف إستراتيجية تضرُّ بأمن وسيادة وثروات العراق على المدى البعيد. وهو ما دفع البعض إلى القول بان سيناريو جديدا سيظهر أمام العراقيين خلال الفترة القليلة القادمة غير ذلك الذي ظهر طوال «حقبة الوصاية الأممية على العراق, فالغاية الكبرى من توقيع الاتفاقية الأمنية «العراقية الأميركية» تشريع وتقنين الوجود غير المشروع لقوات الاحتلال في العراق، وإطلاق يد قانونية لأميركا في العراق لسنين طويلة قادمة، مع وجود حكومة عراقية ضعيفة لا تستطيع الاعتراض على أي خرق، فالضغوط التي مورست على الحكومة العراقية لتوقيع تلك الاتفاقية تؤكد أيضا أن المخطط الأميركي للوصاية الدائمة على العراق لا يرتبط بشخص بوش أو أوباما وإنما هو سياسة رسمية مقننة تحمل أهدافا استعمارية طويلة الأمد ومن ضمن التهديدات وقف المساعدة الأميركية للقوات العراقية في حماية إنهاء مشاريع إعمار بقيمة 4 .9 مليارات دولار، إضافة إلى وقف استثمارات ومشاريع أميركية بقيمة 23 مليار دولار. وهو الأمر الذي جعل الاتفاقية تمر بالأغلبية المطلقة في البرلمان رغم اعتراضات الكتلة الصدرية وبموجب هذه المعطيات فلن يؤدي توقيع الاتفاقية، ولا الخضوع للأجندات الأجنبية دولية كانت أو إقليمية لاستعادة بلاد الرافدين لأمنها ولمكانتها، وسيكون من شأن ذلك شرعنة للاحتلال بدلا عن مقاومته. ولن يكون للعراق أمن حقيقي إلا حين يمسك أبناؤه بزمام مقاديره، ويمتلكون ناصية الحق في تقرير المصير.