ماهو شائع في جانب السياسة العراقية الخارجية والداخلية هو فقدان المفكر المبدع الذي يصوغ الرؤية الحقيقية لاي مرحلة يتم فيها انشاء مختلف المشاريع الاستراتيجية للوطن ,
وبشكل ادق يتعين على هذا المفكر المتمكن من ثقافته السياسية ان يبين فيها امام الشعب ماهي الظروف التي دفعته الى التفكير بهذا المشروع وماعلاقته مع الشعب في جدواه الاقتصادية , ولا يجوز ان تمرر المشاريع الإستراتيجية ذات المساس بالسيادة من خلال رئاسة الوزراء وخاصة لحكومة تصريف الأعمال الحالية , ولا من البرلمان ,
مالم يعرض بتفاصيله امام الشعب , ولا يجوز التعامل بهذه المشاريع كما تتعامل وزارة التجارة ببيع وشراء المحاصيل الزراعية من الفلاحين , مع ان الوزارة هذه في كل مرة تطلق بنيازكها المهلكة على الشعب ولا من محاسب او رادع .
وهذا الشائع بالعراق يساويه بالمقابل ماهو شائع في جانب التصريحات التي يروج لها في الصحف والقنوات الفضائية , الغالبية العظمى من السياسيين بلا فهم ولاقراءة موضوعية لاحوال العراق السياسية , وكأنهم يستعرضون ثقافتهم وهي بالاساس بلا قواعد سياسية رصينة ما يجعلها تصلح فقط كرسائل شخصية يتداولون بها مع بعضهم البعض , اما الشعب فلايعلم ماهي الحكاية بالضبط ومن الذي يمكن ان يثق به الشعب ليصدقه , فالجميع برؤيات سطحية واذواق شخصية مختلفة ومنابع ثقافية بلا ضجيج فكري تثيره بين طبقات الشعب العراقي المثقف .
الامثلة واضحة وكثيرة في الجانب الأول وفي الجانب الثاني مما هو شائع , فمثلآ في الجانب الأول , لدينا الآن مشروع الساعة , وهو تصدير النفط الخام الى الأردن الشقيق , يبدأ من البصرة وينتهي في العقبة . ولنتسائل : هل هذا المشروع تم اخراجه الى الوجود من خلال لجنة خبراء نفطيون ؟ ومن هم بالاسماء ؟ وماهي جدواه الأقتصادية على الشعب الأردني الشقيق وعلى الشعب العراقي الذي لاتنفصل تظاهراته المستمرة عن سوء إدارة الدولة العراقية , والإنتفاض بوجه الفقر والجوع والبطالة والسكن .
لسنا ندري هل هذا المشروع الذي يراه الدارسون سيكون شأنه شأن مشروع جولات التراخيص الذي ابتدعه السيد حسين الشهرستاني وذهب الى مصيره من دون ان يشرح للشعب كيف اقنع السيد رئيس الوزراء حينذاك على الموافقة عليه , أم سيتم بصيغة دستورية وفقآ للرؤية اعلاه , أم تم مسبقآ بصيغة صفقات بيع وشراء التي تتم بين المقاولين العراقيين كما هو معروف لدى الجميع ؟
ولو يعلم الشعب العراقي بحيثيات مشروع التراخيص النفطية وكيف تمت الموافقة عليه , لقام وهو يلطم كل عام عليه بالسلاسل والقامات , لأنه اسوأ مشروع من ناحية الأضرار بثروة الأجيال القادمة .
اما المثال الثاني في الجانب الأول وهو سوء توزيع مادة الوقود على المحطات الأهلية , فالحكومة ممثلة بالسيد وزير النفط يتهم المحطات بالقيام بالأضراب , بل ويدعو الى مقاضاتها والسبب يعود الى الحكاية نفسها : إخراج مشروع توزيع البنزين والديزل بطريقة فرق الوزن بالقبان نفسها في محصول بيع القمح او الشعير والطماطة .. الخ
هذه البدعة في منح المحطات الاهلية الفرق بالوقود المتبخر جراء حرارة الجو بمقدار من اللترات , لم يكن مدروسآ على المدى البعيد , وإلا لماذا استقطعتها الوزارة بعد حقبة مضت إن كانت مدروسة ؟ اليست هذه فانتازيا , اعتبرتها الوزارة بالنهاية هدرآ لثروة البلاد , , وإرتداد عما اجازته للمحطات , وينبغي الإلتفات اليها مبكرآ ؟
الشائع في الجانب الاول ومخرجاته الفانتازية , لم يرفع مكانة مجلس الوزراء طيلة عقود , بل ظل إرثآ تتداوله الحكومات بعيدآ عن انظار وادراك الشعب , وهاهو في كل مرحلة تبرز اخطائه , بل مايزال ينتج الاخطاء .
في جانب التصريحات , تنطبق آراء المراقبين بضرورة فهم الواقع الذي يتناقض مع فقرات الدستور الذي اظهر عجزه امام مراحل الحياة اللاحقة التي تمر بتحولات سببها بعض فقراته الغامضة وفقراته المفقودة , لذلك تأتي التصريحات كضرب من الإجتهادات الشخصية التي تتبلور بتسميات غريبة عجيبة ومصطلحات لاتصلح الا وقودآ تحترق بها مصالح الشعب وتعطيل مراحل تطوره .
ولابد من القول , ان هذه الأشكال في التعاملات مع الشعب لاتدل على عمق الثقافة السياسية ولا على عمق الفكر السياسي الإستراتيجي النزيه الذي يقارنه الفرد مع رواد الفكر السياسي العالمي والعربي وهم بالعشرات , بل تدل على ضآلة فكرية لاتدل على وطنية ولانزاهة ولاتتعدى حدود مواقفها في استغفال الشعب والعمل من وراء ظهره