لعلكم تذكّرون جيداً مقولة السيد النائب”عباس البياتي”، حول استنساخ رئيس الوزراء السابق”نوري المالكي”، ويبدو ان هذه النظرية، لاقت ترحيباً كبيراً من الإيرانيين، والآن هم في طور الإعداد لها، وحيز التنفيذ.
في عام 1215م، انعقد مؤتمر مشؤوم في روما، قرر فيه:( ان الكنيسة البابوبة تملك الغفران وتمنحه لمن تشاء)، فظهر من تلك اللحظة مصطلح صكوك الغفران، الذي في ظاهره انه علاج للمذنبين، ولكن في حقيقته وباطنه، هو ابتزاز للناس، وسرقة اموالهم، واكتناز اكبر قدر ممكن من الذهب والفضة، بأسم الله، والحاكمين والممثلين عنه في الارض.
في الواقع ليس صك الغفران هو علاجاً للمذنبين، بقدر ما هو افساداً في الارض، وتشجيع للمجتمع الاوربي على ارتكاب الرذيلة والفاحشة والسرقة والقتل، لئن ببساطة يمكن للإنسان الاوربي ان يسرق اموالا طائلة ثم يأتي للبابا فيعطيه نصف هذه الأموال المسروقة، فيمنحه البابا على أثر ذلك صك الغفران الذي يدخله مملكة السماء وجنات الفردوس!!!
بعد صدور الكميات الهائلة من صكوك الغفران، من قبل البابا الذي كان يطوف في القرى والمدن زمناً طويلاً لإعطاء مثل هذه الصكوك، ادى هذا السلوك وهذه الممارسة بالنتيجة، الى ثورة من الاحتجاجات في الأوساط الأوربية، مما ادت في القرن السادس عشر للميلاد، الى ظهور جماعات، وتيار اصلاحي مسيحي جديد مناوئ للكنيسة الكاثوليكية ومنافس لها، بقيادة القس الالماني”مارتن لوثر” يسمى التيار أو المذهب البروتستانتيني، حتى تشكلت أول حكومة له في سويسرا 1530م.
مارتن لوثر؛ طُرد وعُدّ مارقاُ، بأمر من البابا ليو العاشر، لخروجه عن تعاليم الكنيسة الكاثوليكية، وطلب منه الامبراطور شارل الخامس بالرجوع وترك افكاره، لكنّه أصرّ على موقفه، فخطب فيهم قائلاً:( ما لم اقتنع بالنصوص المقدسة أو العقل الصريح فأنا ملتزم بالنصوص التي أوردتها بما يمليه عليّ ضميري، الذي هو أسير لكلمة الله، لأني لا أثق في البابا… وغالبا ما يخطئون ويناقضون أنفسهم، انا لا استطيع ولن استطيع ان ارجع عن شيء لأنه ليس صحيحا ولا صدقاً ان يخالف الإنسان ضميره).
طيلة 13 عاماً، والعراق تحكمه زمرة فاسدة في كل شيء، حتى نهبوا ثروات البلاد، وقوت المواطنين، سرقات وفساد مقنن ومشرعن، مما بحّ صوت المرجعية الدينية من كثر الوعظ والارشاد والنصح، الى ان طردتهم وسدت الباب بوجوههم، ولكن في الطرف الآخر هناك موقف متباين من قبل ايران، وتحت أسم”ولاية الفقيه” كانت توزع صكوك الغفران لتلك الحكومات الفاسدة، وتمنحهم التزكية والثقة، مادام تقدم الطاعة والولاء لولاية الفقيه، وحماية الأمن القومي الإيراني، وأهم شيء هو المعاداة لأمريكا الشيطان الأكبر.
خروج السيد الصدر، وبعده السيد الحكيم عن طاعة ايران، يُعد رفضاً للسياسة الايرانية، وكان خروجاً صائباً وموفقاً، وربما تكون صحوة ضمير كصحوة القس مارتن لوثر.
لكن تبقى ايران لها دور مؤثر وفعال في الساحة السياسية العراقية، وفي وصول أي حكومة لسدة الحكم، ولعل ورقتها السياسية القادمة، هو دعم المجلس الأعلى الاسلامي، ودعم مسؤوله التنفيذي بقوة”باقر الزبيدي”، بعد ان احترقت ورقة المالكي وحزب الدعوة في الشارع العراقي، وخاصة ان المجلس الأعلى عانى من التهميش والمظلومية في فترة حكومة الدعاة، اضافة الى تحقيق دعوة تغيير الوجوه الفاسدة، وهذا ما نلاحظه الآن في سياسة المجلس الأعلى، ووممارسة الترغيب والمغريات المادية في كسب الأنصار، وقريباً ستفتح للمجلس قناة فضائية للترويج الاعلامي، وسيكون هناك تحالف انتخابي من كتلة المالكي، وفصائل الحشد الموالية لإيران، والمجلس الأعلى، وهنيئاً للزبيدي رئاسة الحكومة القادمة!!
امريكا والسعودية لهما رأي ايضاً، ومشروع سياسي في العراق، وهو تشكيل ودعم تحالف وطني للتخلص من النفوذ الايراني، والسؤال هنا:
لمن الغلبة في هذا الصراع، هل لأمريكا وحلفائها وتقديم مشروعهم الوطني في العراق، والتخلص من النفوذ الايراني، أم الغلبة لإيران في تحقيق نظرية الاستنساخ لعباس البياتي، أم لمارتن لوثر رأي آخر؟