حينما تتجاوز حدود الصراع البعد السياسي، فان مدياته وتأثيراته تكون أعمق مما خطط لها، وبالتالي فان التوترات والتخوفات تكون على أوجها، ليتم التشكيك بكل التحركات والخطوات الداعية للتقريب، ليكون الخوف من الاخر بحد ذاته سبباً للصراع حسب نظرية المرايا المعكوسة في العلاقات الدولية، فكل طرف يرى انه خير محض قبالة الشر المحض، ودوّل الاقليم اما ان تكون معي والا فهي ضدي، لتكون منظومة تشابه المنظومة السائدة في الحرب الباردة بين العملاقين الدوليين، وهو ما يتم مع الفارق بين ايران والسعودية، ليكون العراق بفعل قدره وسطاً بين المتنافسين، جغرافياً وسكانياً، لتكون هنالك إرادة من الطرفين على فرض موقف من الطرف الاخر، ليكون بمعسكر س ضد معسكر ص ، متناسياً ان مصلحة العراق تقتضي ان لا يعادي اي من الطرفين، لان عداوة الجار اللصيق مضرة جداً، مع وجود جملة من المشتركات التي لا يجب القفز عليها حين اتخاذ اي موقف من قبل صانع القرار السياسي العراقي، السكان والجغرافية والعقيدة والقومية وارتباطات الامن القومي والاقتصادي وغيرها من المحددات التي يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار، لنصنع سياسة خارجية وطنية تجلب لنا الخير من الطرفين، لا ان تبيع مصلحتها لأجل مصلحة أخر !
ايران يجب ان لا تخشى من الانفتاح السعودي على العراق، والزيارات المتكرره المتبادلة بين الطرفين، لانها ستكون المدخل الاساسي لزيادة التقارب الإيراني السعودي، الذي لطالما سعت له ايران، وعجزت بسبب تصلب الجانب السعودي وعدائيته، ليكون العراق لاعباً اساسياً في حلحلة التشنجات الايرانية السعودية، والتي أدت الى اثار كبيرة وعميقة في المنطقة، العراق بفعل موقعه وتركيبته فرض عليه ان يلعب ادواراً يجب ان يكون مستعداً لها، لا ساحة صراع بين النفوذين، وجود القدرة على فتح آفاق واسعة امام الفريقين للحوار، رغم كل المعوقات والتحديات التي ترتبط بالعراق من جهة وبالطرفين الآخرين من جهة اخرى، ليعيد العراق مشهد فتح الأفق للتقارب كما حدث من قبل بين أشد المتنافسين، بعدما لعب السيد عبد العزيز الحكيم هذا الدور ببراعة وبأعتراف الجانب الإيراني والأمريكي، ليكون هذا الدور ممهداً للاتفاق النووي التأريخي بين الجانبين
العراق بفعل شخصيته ومكانته الاقليمية وعمقه الحضاري ، يستطيع ان يلعب أشد الأدوار تعقيداً في المنطقة، من دون ان يتم فرض اي إرادة او توجه قد لا ينسجم مع مصلحته الوطنية، وعدم عزله عن محيطه بحجة الحفاظ على أمنه القومي، والتأكيد على ان أمنه القومي سيحفظ بتقاربه مع الجميع، وليس بجعله ضمن محور معين ضد محور اخر، ليتبنى قضايا قد لا ترتبط لا بأمنه القومي ولا مصلحته الاقتصادية او السياسية، تحت يافطة الدفاع عن العقيدة او البوابة الشرقية !.