المستجدات و العواصف الداعشية التي تجوب في المنطقة جلبت لنا نحن الكورد مشكلة كبيرة التي لا تقف عند حدود قيام دولة اسلامية ((سنية)) تسهل من نفوذ تركيا في المنطقة لتعيد بها بعضا من أمجادها العثمانية البائدة ، بل تتعداها لتكون كوردستان مستعمرة تركية يستعبدون أهلها وينهبون ثرواتها ، خصوصا وأعداءؤها التقليديون وجدوها فرصتهم الضالة للطعن بأحقيتنا المشروعة في اقليم فدرالي يبعد الكورد عن شرورهم ، و التي ورثوها جيلا بعد جيل بهدف اخضاعنا لضغوطات السياسية والوصايا الشوفينية والعنصرية البغيضة التي دفعنا بسببها اثماناً باهظة ، وكانت آخرها مجزرة شنكال التي ارتكبتها الاقزام والاوباش بحق الكورد الايزيديين ، وما يتعرض لها الآن كوباني المحاصرة في غرب كوردستان من قبل داعش وأداتها القذرة في المنطقة ، وقوائم أجرامهم قابلة للمزيد منها اذا ما تلكأت المجتمع الدولي من الايفاء بتعهداتها بحماية الكورد من هذه الفئة الضالة التي استطاعت ان تتسلل بخسة الى بعض من المناطق المحيطة بكوردستان ، او اذا ما تلكأنا نحن ايضاً من ايجاد مخرج لخلافاتنا السياسية التي بدأت هذه الايام تأخذ منحنى خطيراً دون ان يدرك مثيروها النتائج المترتبة عليها على مستقبل البيت الكوردي ، لتشكل بذلك تهديدا مباشرا حتى على وجودنا بسبب قلة ادراكنا لطبيعة الدسائس التي تحاك ضدنا خلف الجدران المغلقة ، وانشغالنا بالخلافات الحزبية الدائرة التي تطفو على السطح مجددا كلما قاربت على نبذها والانتهاء منها ، بمعنى ان ركب الاعداء و احقادهم وكراهيتهم تتربص بنا من كل صوب طمعا لانتزاع ما اكتسبناه بكل الوسائل ،بل و زادت من حدة المخاوف من ان نخسر المرحلة في ظل حرب مجهولة المدي التي يخوضها الولايات المتحدة الامريكية ضد تنظيم الداعش ، والتي تدور حولها الشكوك وعدم المصداقية في حربها مع هذا التهديد للمنطقة برمتها ، بسبب مجاملتها مع دوائر ومصادر التمويل لهذا التنظيم المتطرف الذي أختير ان يكون بديلا لتنظيم القاعدة ، وربما ليس ببعيد ان الولايات المتحدة الامريكية كانت على علم ومعرفة بحثيات ولادته واسبابها …
لذلك فحين نعاتب أو ننتقد الإداء غير المدروس لحكومة الاقليم بخصوص ضعف الملف السياسي وعدم وجود فريق سياسي متجانس يمتلك القدرة والصلاحية على اتخاذ القرار لحسم خلافاتها مع حكومة الاتحادية ، يعتقد البعض من اصحاب الرؤى الضيقة على اننا من الطرف المعادي ولا يهمنا من مصلحتنا الكوردية الا القليل ، وهذا القليل لا يصب الا ضمن دوائر المصالح الحزبية ، وكأن مصالح كوردستان برمتها مرهونة بذمة الاحزاب السياسية ، ولا للمواطن الكوردي شان هذه المصالح ، في حين كل الدلائل تشير بان مصيبتنا تكمن في نظرتنا الحزبية الضيقة ، وهي التي افسدت علينا متعة المكاسب والمكتسبات و طرق مواجهتنا الفكرية بعقلية سياسية ناضجة لنبذ الخلافات حتى فيما بيننا ، والعمل سوية على توسيع رقعة المشاركة الفعلية في رسم سياسية الاقليم على اسس قومية ووطنية دون حشرها في مصلحة هذا الحزب او ذاك …..
ومن هنا ما نعتقده جزماً ان المخاطر التي تحيط بكوردستان هي أكبر من عملية البحث عن المصالح الحزبية الضيقة في هذا الظرف بالذات حيث الذئاب قد كشرت من انيابها من كل صوب بهدف ابتلاع تجربتنا الناهضة وقطع سبل الارتقاء بها ، وهذا ما يدفعنا الى القول بان حكومة اقليم كوردستان مطالبة بإبداء المرونة وسياسة واقعية تعالج الازمة مع الحكومة الاتحادية بأسلوب الحوار المباشر والبناء بهدف المحافظة على توازننا السياسي داخل العملية السياسية بعد ان تغيرت حجم تأثيراتنا السياسية مقارنة بأعوام ما بعد( 2003) حين امتنع العرب السنة من المشاركة بسبب سياسة الاقصاء والتهميش التي مارستها حكومة نوري المالكي ابان فترة حكمه ..
إذن …فأمام هذا الواقع ما على الكورد الأ ان يعمل باتجاه معرفه حجمه السياسي لكي لا يصطدم بواقع أخطر، والذي لم يكشف تماما عنه الستار لأسباب ربما يتعلق بتوزيع الأدوار على أسس جديدة في المنطقة ربما نحن الكورد غافلون عنها وغير مدركين تماما ان الهزة التي خلقها تنظيم داعش في المنطقة ليست بزوبعة فنجان قابل للتهدئة كما يتصورها البعض ممن يفتقرون إلى فن قراءة الأحداث التي تعصف بالمنطقة عموما ، بمعنى آخر وما نعتقده ان الحل كل المشاكل العالقة مع الحكومة الاتحادية سيوفر على اقليم كوردستان الوقت باتجاه ترتيب البيت الكوردي ووضع استراتيجية عملية تحد من حجم المخاطر التي تهدد الامن والاستقرار في كوردستان ..خصوصا ودولة الشر في تركيا لا تدخر جهدا الا ووضعها صوب تمكين قدرتها على الهيمنة والسيطرة على كوردستان من كل اتجاه وتضيق الخناق عليها بغية امتصاص قوة الكورد من خلال طروحاتها الخاصة بالمنطقة العازلة التي بدأت تعمل على فرضها لتكون حاضنة خفية للإرهاب والارهابين على حدودها المتاخمة لكوردستان ….. بمعنى اننا الكورد بحاجة الى تشخيص الخلل التي وضعنا فيما نحن عليه ، والابتعاد عن اثارة التصريحات النارية التي تعكر صفو علاقاتنا الداخلية ، وننصرف بكل جدية لحل الخلافات مع الحكومة الاتحادية بما ينسجم مع مصلحة الاقليم ، لان الاعداء لا يترددون ان يصبحوا اصدقاء على حساب مصالحنا لنكون نحن الكورد في نهاية المطاف من الخاسرين …..