23 ديسمبر، 2024 12:24 ص

مخاطرالتطرف .. الحلول الناجعة لمعالجته

مخاطرالتطرف .. الحلول الناجعة لمعالجته

التطرف، هو مصطلح يُستخدم للدلالة على كل ما يناقض الإعتدال، زيادة أو نقصاناً.ونظراً لنسبية حد الإعتدال، وتباينه من مجتمع لآخر وفقاً لقيم وثقافة وعادات كل منها، فقد تعددت مفاهيم التطرف إلى حد جعل من الصعوبة بمكان تحديد أطرها. ومع ذلك حاول بعض الباحثين التوصل إلى تعريفات لمفهوم التطرف نتناول فيما يلي أهمها، وخاصة تلك التي تخدم مدلول التطرف في “المرصد العربي للتطرف والإرهاب.

1- التطرف هو الخروج عن القيم والمعايير والعادات الشائعة في المجتمع، وتبني قيم ومعايير مخالفة لها.

2- التطرف هو اتخاذ الفرد (أو الجماعة)، موقفاً متشدداً إزاء فكر (أو أيديولوجيا أو قضية) قائم، أو يحاول أن يجد له مكان، في بيئة هذا الفرد أو الجماعة. وقد يكون التطرف إيجابياً يتمثل بالقبول التام لهذا الفكر (الأيديولوجيا، القضية)، أو سلبياً يتمثل بالرفض التام له، ويقع حد الاعتدال في منتصف المسافة بين القبول والرفض .
وبرغم ما تقوم به المؤسسات الدينية فى هذا الجانب إلا إنها جهودها وحدها لا تكفى إلا إذا تضافرت معها جميع مؤسسات الدولة ومنها الجهاز الإعلامي بدوره وتأثيره الخطير.
التطرف هو اختيار العيش على هامش المجتمع والتربص به للانقضاض عليه في أية لحظة، بتبرير أنه مجتمع غريب عن نفسية المتطرفين وهو سبب مآسيهم .
فالعلاقة بين التطرف والإرهاب هي علاقة إحساس نفسي بالغربة ونزوع سلوكي بالقوة، فكل متطرف هو مشروع إرهابي مؤجل بانتظار الظروف الملائمة لشحنه وإيجاد الوسائل المتاحة للإنفجار في وجه المجتمع، وكل ذلك خاضع لمستوى الضغط الإقتصادي والإجتماعي والسياسي والأمني، لذلك نجد رقعة الإرهاب تتسع كلما ضاقت هوامش الحريات وانقطعت وسائل الإتصال والحوار..والأقرب إلى تفسير هذه العلاقة العكسية بين ارتفاع موجة التطرف وانخفاض مستوى الإتصال بالآخر هو ضيق هوامش الحريات وانحسار دوائر النقاش والحوار، ومردّ ذلك يعود، في نظرنا، إلى ثلاثة أسباب جوهرية لكل سبب تفريعاته وامتداداته وجذوره الكامنة في اللاّشعور..
أولها، اعتقاد المتطرف أنه على حق، وأن كل من يخالفه الرأي “عدوّ” له يتربص به الدوائر، ويريد إخراجه من العالم الإفتراضي الذي صنعه لنفسه وآمن به، وهذا السبب يدفعه إلى اعتزال المجتمع نفسيا وفكريا وربما حتى إجتماعيا، ليعيش في عالمه الخاص في مسمى “العزلة الشعورية” أو الإعدام السيكولوجي للآخر.
وثانيها، عجز النخب والمؤسسات الرسمية عن استيعاب وتأطير قطاعات واسعة من المجتمع ضمن أنساق فكرية وثقافية واجتماعية متجانسة تتضامن فيما بينها وتتعاون لتوفر لجميع أفراد المجتمع فضاءات للتعارف والمناقشة والحوار..مما يجعل العناصر الشاذة في المجتمع تتحرك أو تنشط تحت رقابة ذاتية منه تتكفل المؤسسات الرسمية

إن المجتمعات التي تستفحل فيها ظاهرة العنف والتطرف والإرهاب، وتدوم طويلا حتى تصير حالة إجتماعية مألوفة، هي مجتمعات مهددة بالزوال، أو بالتفكك الإجتماعي والسياسي والإنقسام إلى كيانات صغيرة هشة.. لذلك لابد من تدارك هذا الوضع بالأخذ في الحسبان مسألتين بالغتي الخطورة في فهم طبيعة التطرف
والنخب..بالتربية والتكوين والتأهيل والمتابعة والرعاية ضمن سياسات إنمائية وبرامج علاجية متنوعة يكون المجتمع نفسه طرفا فيها.
وثالثها، اعتماد الأنظمة -التي ابتليت بموجات العنف والإرهاب- كلها تقريبا، الحل السهل، وهو المعالجة الأمنية القائمة على فكرة الإستئصال وقطع الدابر والتخلص من كل “مشبوه” ومحيطة بالتصفية الجسدية على أساس أنه عضو متعفن في جسم مجتمع معافى، ولا سبيل لحماية الدولة والمجتمع من شروره، إلاّ ببتره وإتلافه بالقوة الأمنية والعسكرية، فتوكل الدولة للأجهزة الأمنية وحدها هذه المهمة، لمواجهة الإرهاب بالسلاح والتصفية الجسدية التي نرى ترتيبها يأتي في آخر درجات العلاج وليس أولا.
ما هي المخاطر الكبرى التي يشكلها التطرف والإرهاب؟
خطر المخاطر يتمثل في غياب الأمن وفقدان السلطة السياسية لهيبتها وتعطيل سيادة القانون، ففي ظل التدافع المادي العنيف بين السلطة القائمة والعناصر المتطرفة والجماعات الإرهابية يصبح المجتمع كله مهددا، وتصيب الفتنة الأقربين والأبعدين والمواطنين والرعايا لقوله عز وجل : “واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة” الأنفال:25، فإذا حصل هذا في أي مجتمع أو في أية دولة ولم تهب القوى المجتمعية مع النخب والجهات الرسمية..بتطويقه في المهد اتسعت رقعة الصراع وتوالدت المخاطر التي يمكن أن نسوق منها بعض النماذج على سبيل التذكير، لا الحصر، لأن الإرهاب الفكري أو السياسي أو الإيديولوجي (القائم على عقيدة ما) إذا تحول من مجرد قناعات إلى فعل مادي، فإنه يفرض واقعا استثنائيا على حياة الناس .
ونحن كمسلمين علينا الإقتداء برسولنا ونستلهم منه العضة والعبرة في مواجهة التحديات والتكاتف والوحدة ونبذ الفرقة والطائفية المدمرة وهذا التوجه نجده واضحا في فكر المحقق الأسلامي المرجع الصرخي فقد وضع الحلول الناجعة وسعى لحلّ الأزمات وإيقاف سيل الدماء من خلال تصدّيه المباشر لمواجهة الأفكار المتطرّفة والمنحرفة من خلال محاضراته الأسبوعية في العقائد والتأريخ الإسلامي بإسلوب مبسّط وواضح ومعمّق ليغوص في التأريخ الإسلامي ويكشف زيف المفسدين المارقة والأفكار السرطانية المدمّرة, لنستلهم منه الدروس والمواعظ والحكّم بعيدا عن التعصّب الأعمى للسير بالمجتمعات الأوطان الى برّ الأمان والحفاظ عليها من كيد الأعداء .
لذلك ندعوا جميع أبناء الأمة العربية والإسلامية للوقوف صفاً واحداً ضد جميع أشكال التطرف والإرهاب ونبذ كل أشكال التعصب والإنغلاق الفكري .