ذات تراجيديا الخيانة العظمى التي تعرض لها الامام الحسين (عليه السلام) في واقعة أحداث كربلاء، الذين كانبوه وبايعوه وخذلوه وقتلوه! وذات تراجيديا الخيانة التي تعرض لها الإمام موسى الصدر،والسيد محمد باقر الصدر،والمرجع الكبير محمد محمد صادق الصدر، الذي كان الجميع يعلم أنه تدور حوله دوائر التأمر والخيانة، وتحوم حوله رسل الموت وهو يخوض غمار تلك المحنة مرتديا كفنه الأبيض سائرا ما يعجل موته،ومصراًعلى المضي قدما في تحقيق مشروعه الانساني والاسلامي ،حتى قبيل لحظات اغتياله خذلوه ، وكان جمع من المعممين العراقيين في قم وطهران يباركون مقتله، فقد اشاعوا عليه من قبل وأطلقوا عليه بعثيا وصدامياً وشاقاً لصفوف الشيعة، وعدواً للمراجع، تراجيديا تصبح مكتملة بحلقاتها التأمرية، لكن هذه المره على حفيد تلك المدرسة العظيمة من الفكر والثقافة والجهاد التي لم تتمكن الحوزات العلمية في العراق او ايران من احتواءها والسيطرة عليها بفعل جذورها العميقة وتراثها وتاريخها الجهادي ومواقفها المبدئية تجاه المواقف الكبرى.
السيد مقتدى الصدر قد وضع نفسه بمواجهة أباطرة المال والمافيات الكبرى والعصابات الدولية والإقليمية بل تعدت مواجهته بالثورة المسلحة والمواجهة السياسية والجماهيرية امام اعتى امبراطوريات العالم فتكا التي تتمثل بـ الثالوث المشؤوم ومحور الشر العالمي المطلق اميركا وبريطانيا واسرائيل ومعارضة التدخلات الايرانية الخطيرة في الشأن الداخلي .وكل هذه الامبراطوريات والأحزاب الميليشياوية الكبرى تعمل على مشروع نهب العراق وتدميره وان هؤلاء مستعدون لارتكاب أي جرم مهما كانت فظاعته لإدامة مشروعهم، خاصة إذا كان هذا الجرم مصحوباً بفتوى ممن يرونه واجب الطاعة.
ربما يكون الصدر الرجل الأكثر تراجيدية في المشهد السياسي في العراق اليوم. ويمكن لهذا الرجل أن يعيش حياة أكثر ترفا و تنعماً من خصومه، يمكن له أن يكون أغناهم وأكثرهم سلطة ونفوذاً وأقربهم إلى أسيادهم أنفسهم، هو الأكثر جماهيرية وله جمهور كبير لا يمكن وصف علاقتهم به وصف يرتقي لمستوى التضحية التي يمكن ان يبذلوها من اجله اذ إنهم يعشقونه إلى الحد لذي يضعهم في مواقف تربك الناس وتجعلهم يسخرون منهم ويستهزئون بهم، لكن من يلوم الإنسان على وجدانه وعشقه ومشاعره ؟
لقد تعرض هذا الرجل الى الخيانة والتنكيل والتشويش حتى من اقرب دائرته الخاصة وانشق العديد عنه ومن تياره جراء مواقف هذا الرجل للمحافظة على ارث وتاريخ عائلته ودينه وعقيدته ومبادئه من الاساءة والانحراف للخط الشريف،بسبب اولئك الباحثين عن الدنيا ومغانمها، وتعرض للإساءة والتنكيل والخيانة من قبل من يدعي وصلا بالسيد محمد باقر الصدر، والذين أفسدوا في السابق خصوصاً بعد إستشهاده، فصاروامجرد ذيول رخيصة ﻷعداء السيد محمد باقر الصدر، وبعد أن تمكنوا من السلطة تحولوا الى طغاة ومفسدين في اﻷرض مما أدى بالنتيجة الى إهمال فكر وعطاء السيد محمد باقر الصدر، ومحاربة كل أمتداد طبيعي لمدرسته وحركته الى درجة التباهي والافتخار بهذه المحاربة وخير شاهد الصولة الظالمة الغادرة التي دعمتها بقوة دول الاحتلال وعلى رأسهم أمريكا، وغض الطرف عنها ظاهرا من يدعي العداء للشيطان اﻷكبر.. شاهد من شواهد عديدة على هذه الحرب القذرة المسعورة التي يشنها الكثير على مشروعه الاصلاحي ومدرسة اجداده وحركتهم الكفاحية الممتدة لثورة الإمام الحسين عليه السلام … الامام الذي خذلته الامة وناصرته بعد مقتله ..الامام الذين بايعوه الناس بالخفاء وغدروه بالعلن “كقول قائل منهم هؤلاء القوم قلوبهم معك وسيوفهم عليك “!!
ان الشعور بالنقص والدونية تجاه هذه الثورة الاصلاحية الكبرى بل وغض النظر والتجاهل التام لهذا الفكر الخلاق وامتداداته الحقيقية التي تمثل اللاعب اﻷساسي في المشهد العراقي في الوقت الحاضر. إنما يمثل دورا همجيا وتامريا للصراع على السلطة ومحاولة لتدمير رمز وطني كبير وأمل للعراقيين ان ضاع منهم فستكون نهايتهم ومصيرهم ومستقبلهم مرهون بالزمرة السياسية الفاسدة وميليشياتها المدعومة التي ستسحق بعده اية محاولة عصيان او معارضة
اليوم تمر علينا هذه الايام ذكرى عظيمة استشهاد ابا الاحرار الامام الحسين عليه السلام ونلاحظ أن الظلم يزداد على صاحب الذكرى فبدل أن يغتنموا الفرصة في أن يعودوا الى الرشد، يعودوا الى أحضان هذا الشهيد العظيم من خلال نشر الوعي والمحبة والتسامح والتحلي بالصلاح و إصلاح ما أفسدوه وما عملوه من ظلم وفساد وما تسببوافيه من دمار وخراب وفقر وجوع، فقد قضوا على كل بارقة امل للنهوض بالإصلاح الحقيقي والواقع الاجتماعي والسياسي وبداوا يحاربون الإصلاح ومنهجه .
نحن نعيش اليوم محنة أخرى اعظم من محنة مقتل الامام الحسين ومصيبته .. حيث تشهر السيوف لمقتله مرة اخرى واخرى ويذبح ابنائه مجددا ويشرد أصحابه وتسبى نساؤه وتصادر امواله ويعطش عياله!! انها مصيبة شعب يموت ويسحق تحت اقدام المجرمين .
لكن بات واضحاً أن من يسيرعلى نهج الامام الحسين عليه السلام يتعرض للموقف ذاته بابشع أدوات القتل و الإبادة والتصفية الجسدية والتسقيط الاعلامي ، ويخونه القريب والبعيد ، فمعسكر الكفر دائم حتى ظهور الامام القائم، فالعراق مقبل على أيام سوداء وسنين عجاف معركة كبرى تلوح في الافق القريب بين معسكر الإصلاح ومعسكر التآمر والفساد، المهمة صعبة وشاقة جدا والقادم هو الأخطر!