ايران ومنذ سيطرة نظرية الولي الفقيه على عرشها وهي تستخدم شيعة العالم كمحرقة وخط امامي للدفاع عن المصالح القومية الايرانية ، استغلت المشترك المذهبي وتقليد الشيعة الاعمى للمراجع الذي لاتحده جغرافية ولاتمنعه الحدود او الجنسيات في كسب ولاء الشيعة لنظرية ولاية الفقيه مستغلة موارد الدولة الايرانية في نشرها في المنطقة العربية ومناطق اخرى ، لذلك ومنذ الايام الاولى لنظام الملالي بدأت بخطوات مدروسة نحو تأسيس دولة داخل دولة وجيوش ومليشيات كانت اقوى من جيش الدولة الرسمي في بعض الاحيان كما في الحالة اللبنانية ، بذريعة المقاومة وتحت شعارات تحرير القدس التي كان مؤسس “الجمهورية الاسلامية ” الراحل الخميني يقول انها تمر عبر كربلاء . لم تكن تلك المليشيات او الجيوش هي لحماية الشيعة العرب او للدفاع عن مصالحهم او لرفع “الظلم ” عنهم كما كانت تروج الدعاية الايرانية بل هي لايجاد خطوط دفاعية امامية بعيدة عن الاراضي الايرانية يتم من خلالها اسقاط حكومات او على الاقل اشعال ازمات وفتن وحرائق يدفع الاخطار عن طهران او على الاقل يؤجلها الى حين ، ولاشك ان ايران نجحت نجاحا باهرا في هذا الامر ليس بسبب ذكائها لكن بسبب غباء وفشل الانظمة العربية في بناء دولة ترتكز على المواطنة ، من دون الالتفات الى خلفية مواطنيها المذهبية ، فهذه الانظمة لاسيما الخليجية منها على الرغم من مظاهرها العلمانية الا انها كانت طائفية مستترة ، فيما ايران كانت طائفية معلنة ومؤطرة دستوريا . الخاسر الوحيد هم الشيعة العرب الذين ينظر اليهم في بلدانهم بريبة ويعاملون على انهم جالية وليس مواطنيين ، همشوا وابعدوا عن وظائف الدولة الحساسة طيلة العقود الستة الماضية بسبب خلفيتهم، واستغلت ايران هذا الجانب في تجنيد اعداد غير قليلة منهم لمصلحتها ، فاي انسان يشعر بالتهميش في وطنه سيبحث عن حاضن خارجي وهذا ما ادركته طهران ولم يدركه العرب . الشيعة العرب هم الاكثرة خسارة في هذه المعادلة ، فايران تستغلهم من اجل مصلحتها وتسوقهم الى الحرائق لابعاد اللهب عنها ، والانظمة العربية ووعاظها ومفتيها باتوا يعلنون صراحة حربهم على الشيعة كمذهب ويدعون علنية الى ابادتهم اينما وجدوا ويفرغون حقدهم في مواطنيهم الشيعة لانهم يخافون مواجهة ايران . صحيح ان ايران وعملائها مثل حزب الله والمليشيات الشيعية في العراق هي المسؤولة عن وضع الشيعة في فوهة البركان وعن المخاطر التي يتعرضون لها ، ومسؤولون ايضا عن ونفور المجتمعات العربية وتوجسهم منهم ، لكن دعم المؤسسة الرسمية العربية لائمة التكفير ولاعلام الفتنة لن يضر ايران بقدر مايضر الدول العربية لانه سيضعف موقف الشيعة العرب الرافضين للنفوذ الايراني وسيحرجهم ويمنح الانتصار للمعسكر الاخر الذي يمثله حزب الله وغيره من المليشيات وبالتالي قد يؤدي الامر الى وقوف كل الشيعة العرب خلف ايران واذرعها في المنطقة ليس بدافع الحب والولاء او القناعة نظرية الولي الفقيه لكن بدافع الحفاظ على الوجود الذي لن يحققه في مثل هذه الحالات الا التمترس المذهبي . النظام العربي الرسمي مطالب اكثر من اي وقت مضى باتخاذ خطوات عملية ملموسة لانهاء الاحتقان المذهبي ، لعل اقلها هو ادانة جميع الجرائم التي ترتكب ضد الشيعة ومقدساتهم سواء في العراق او في سوريا لاسيما المجزرة الوحشية التي حصلت امس في قرية حطلة السورية ، وايقاف الفتاوى التي تصدر من المؤسسات الدينية الرسمية ضد الشيعة ، وفتح حوارات وطنية حقيقية من شأنها ان تدفع هذه الموجة الطائفية وتهدأ من الغليان المذهبي الذي بات على مشارف اشعال حرب دينية ، تريدها ايران لاشغال الغرب عنها وابعاد ضربة عسكرية اميركية ، تدرك طهران انه لم يعد بالامكان تفاديها الا بسقوط النظام القائم او باشعال المنطقة بحروب داخلية .